الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما وسوريا.. عواقب السلبية

24 ديسمبر 2016 22:40
لم يعد في وسعنا أن نطلق الكلام الأجوف بعد أن سقطت مدينة حلب السورية في يد قوات نظام بشار. ولقد انتهى الحصار الوحشي الذي دام بضع سنوات نهاية دموية بعد تدخل الطيران الروسي والميليشيات الإيرانية والإقليمية. وبإطرائنا على أخبار سقوط حلب، علينا أن نعترف بتواطؤ الولايات المتحدة في حدوث هذه المأساة. ويتحدث أوباما عن الحاجة إلى تحمل مسؤولية الشهادة على هذا الظلم الذي وقع، ولكنه لم يفعل أكثر من ذلك دفاعاً عن حلب، فعن ماذا إذن يكون علينا أن نتحمل مسؤولية الشهادة؟ والجواب هو أننا نتحملها عن استخدام القنابل الذكية لاستهداف النساء والأطفال والمستشفيات والمخابز والمستودعات والمؤسسات الإنسانية. وعن تطوير ونشر استخدام البراميل المتفجرة والأسطوانات المعبأة بالبترول والشظايا والمسامير والمتفجرات، والتي يتم إلقاؤها بشكل عشوائي من الطائرات لقتل أكبر عدد من المدنيين الأبرياء، وعن التكتيك الذي يقضي باستخدام الضربات الجوية لقتل عمال الإنقاذ من ذوي الخوذات البيضاء الذين اندفعوا بشجاعتهم الفائقة داخل المناطق التي تتعرض للهجوم من أجل إنقاذ الأبرياء. والآن، عن الحافلات التي تعمل على نقل النازحين الفارين من حلب بالإضافة للألوف الذين بقوا هناك ليستجدوا الشفقة من نظام الأسد وحلفائه. ويتحمل أوباما وزر الشهادة عن كل ما حدث، ولكنه لم يحرك ساكناً لوضع حد لهذه المأساة. وبالمقارنة مع الأعمال الوحشية السابقة، حظيت أخبار تدمير حلب بالكثير من مشاعر التعاطف وبالقليل من العمل. وعقدت من أجلها اجتماعات لا تنتهي ضمن القصور المنيفة لجنيف وفيينا وبعض المدن الأخرى. وفي كل مرة، كان يتم قطع الخطوط الحمراء من دون أي عقاب. وكان الرئيس أوباما قد تساءل خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2013: «هل يمكننا أن نقبل التصوّر القائل إن العالم أصبح من دون قوة تدافع عنه مما يجري في رواندا أو سريبرينيتشا؟ لو كان هذا هو العالم الذي تتمنى الشعوب العيش فيه، فعليهم أن يعترفوا بهذا، وأن يتخلوا عن منطق الاحتجاج على القبور الجماعية». وهذا الاعتراف أصبح قائماً الآن بيننا بعد أن أصبحت القبور الجماعية شائعة في أماكن كثيرة، وسيبقى صدى اسم حلب يدوي عبر التاريخ مثل سريبرينيتشا ورواندا، ليبقى شاهداً على سقوطنا الأخلاقي وشعورنا الذي لا نهاية له من الخجل والاستحياء. وهذا الصراع قتل 500 ألف ضحية وشرد نصف الشعب السوري من بيوتهم، ليخلق بذلك أسوأ أزمة لجوء في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية وأدى إلى ظهور تنظيم «داعش» الإرهابي، ووسط هذا الرعب والفساد الأخلاقي، سوف يبرز اسم حلب ويبقى. وإذا كانت حلب قد سقطت بالفعل، إلا أن الحرب في سوريا لا زالت بعيدة عن نهايتها، وربما تزداد سوءاً مع إصرار نظام الأسد وإيران وروسيا وتركيا والأكراد ودول الخليج وبعض الأطراف الأخرى على تعزيز قواتهم فيما تبقى من سوريا المدمرة. ولا يزال أمام الولايات المتحدة خيارات يمكنها العمل بموجبها. وبقدر ما يطول انتظارنا للمساعدة على إنهاء الحرب، تصبح تلك الخيارات أضيق وأقل فاعلية. ولكن ما من أحد على الإطلاق يمكنه أن يزعم بأننا لا نمتلك أي خيار. وعلينا أن نعترف أيضاً بأننا نتحمل جزءاً من المسؤولية عما يحدث في سوريا. ولا يتعلق الأمر بمجرد الشعور بمعاناة الآخرين، بل يرتبط بالأمن الوطني للولايات المتحدة. ولا شك في أن ظهور تنظيم «القاعدة» في سوريا يؤثر علينا وعلى حلفائنا. وهذا ما نلمسه في باريس وسان برناردينو وكاليفورنيا. وأصبحت أزمة اللاجئين تهدد استقرار حلفائنا مثل إسرائيل والأردن كما تهدد المؤسسات التي تقوم عليها الديموقراطيات الغربية برمتها، وكل ذلك لا بد أن يترك أثره علينا أيضاً. وعلينا أن نعترف أيضاً أن الأسد وبوتين وقاسم سليماني قائد فيلق «القدس» في الحرس الثوري الإيراني، لا يمكن لهم أن يكونوا شركاءنا المخلصين في مكافحة الإرهاب. وفي الحقيقة، فإن العكس هو الصحيح. أي أن النظام السوري وروسيا وإيران لا يحاربون تنظيم «داعش»، بل إن المذابح التي يقترفونها بحق المدنيين السوريين هي التي خلقت الظروف السانحة لظهور «داعش». ويمكن للحصار الدامي الذي تعرضت له حلب، أن يلعب دوراً مشجعاً على تجنيد المزيد من الإرهابيين المتطرفين. وإذا كنا نظن بأن في وسعنا أن ندمر تنظيم «داعش» عن طريق وضع مقدراتنا في أيدي أولئك الذين يعملون على تقويته كل يوم، فسيكون ذلك مجرد فانتازيا سياسية خطيرة. وأخيراً، علينا أن نعترف بأن إنهاء الصراع في سوريا لن يكون ممكناً إلا بعد أن يتأكد الأسد وداعموه الأجانب بأن انتصارهم العسكري غير ممكن. وعلينا ألا نخطئ الظن في أن الانتصار العسكري الكامل هو ما يحاولون تحقيقه الآن. وسيكون سقوط حلب عاملاً مشجعاً لهم لتوجيه بنادقهم نحو أهداف أخرى في سوريا. وعلينا أن نتذكر حكمة وزير الخارجية الأسبق جورج شولتز عندما قال: «إن الدبلوماسية غير المدعومة بالقوة تظل غير فعالة في أفضل الأحوال، وتنطوي على الخطورة في أسوأ الأحوال». والاقتناع بأن أميركا لا يمكنها أن توقف الرعب في أي مكان من العالم، لا يمكنه أن يعفينا من مسؤوليتنا في استخدام قوتنا العظمى لوقف أسوأ مشهد للظلم عندما يمكننا أن نفعل ذلك، وعندما نفعل هذا فإننا نحقق بذلك مصالحنا ونجعل الولايات المتحدة وشركاءنا أكثر أمناً. نحن لا نحتاج لأن نصبح شرطي العالم حتى ندافع عن مصالحنا، ولكننا لا نستطيع أن نبقى مكتوفي الأيدي أمام الفوضى التي يشهدها عالمنا * سيناتور «جمهوري» عن ولاية أريزونا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©