لأنه لا يشعر بأية عقدة لسان ليقول حقيقة ما يشعر به، فإن يوهان كرويف واضع فلسفة «التيكي تاكا» التي قادت برشلونة لمرتبة الفريق الهلامي المصدر لنموذج مستحدث من الكرة الشاملة، لم يجد أدنى حرج في الجهر علنا بحقيقة أنه يعترض على طول الخط على ضم برشلونة لساحر السامبا الجديد نيمار.
من قوة الاعتراض يظهر واضحاً أن برشلونة أخرجت كرويف مهندس الفلسفة التكتيكية الجديدة من مطبخها السري، ومن مضمون الاعتراض يمكن أن نستلهم هذا التقاطع الفكري الموجود بين كرويف وبين من تأتمنه برشلونة على الوصفة السحرية، وفوق هذا وذاك يمكن أن نطرح سؤال الجدوى من ضم البرازيلي نيمار إلى كتيبة برشلونة التي تضع السحر كله بين قدمي البرغوث ليونيل ميسي.
قال كرويف متعديا كل حروف الاستثناء إن من شأن الارتباط بنيمار أن يخرج برشلونة من الفلك التكتيكي الذي دخله مع سبق تخطيط وبه أصبحت القوة الوازنة والضاربة التي غيرت الموازين، بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك للتدليل على رفضه الكلي لمثل هذا الاستقطاب عندما نادى بالتخلي عن ليونيل ميسي لأنه لا يمكننا أن نضع قيادة الأوركسترا بين يدي قائدين، فالمؤكد أن العزف لن يصل إلى المنتهى الجمالي والإبداعي الذي من أجله تأسست هذه الأوركسترا على مدى عقدين كاملين من الزمن.
وبين من رأى في الذي قاله كرويف ضربا من المغالاة القريبة من الهوس، لأنه لا يمكن أن نقيم مقارنات على الورق باستحضار مسبق لحكم قيمة، وبين من وافق كرويف الرأي لأن في وجود نيمار بميوله الفطرية للعب دور القيادة وصناعة اللعب، تضييق صريح للخناق على ليونيل ميسي الذي برز في السنوات الخمس الأخيرة كمحور لـ «التيكي تاكا». تقف حقيقة ثالثة وهي أن برشلونة ما انساق منذ زمن ليس باليسير وراء نيمار يعض بالتواجد عليه، ويلح في طلبه، إلا لأنه استشعر رغبة في تحرير فلسفة اللعب من حالة الانسداد التي استشعرتها في الآونة الأخيرة، بخاصة عندما توصلت الأندية الأخرى إلى فك شفرة «التيكي تاكا»، فوجود نيمار إلى جانب ميسي لن يصبح بأي حال من الأحوال معضلة تكتيكية لتوافرهما معا على نفس البذرات الإبداعية المنتجة للخلق والابتكار إذا ما أحسن ضبط الموجات وهندسة الأداء وتوزيع الأدوار بعناية شديدة.
مؤكد أن في وجود نيمار بالصورة الرائعة التي كان عليها مع منتخب البرازيل في كأس القارات، إلى جانب المرعب ليونيل ميسي إلياذة جديدة سنتعرف على عناوينها وسنكتشف سحر فصولها عندما تبدأ الليجا في البوح بكل أسرارها.
بدر الدين الأدريسي | drissi44@yahoo.fr
عدد اليوم
