الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليبيا: الحسم العسكري... والحل السياسي

13 يوليو 2011 22:38
هاوارد لافرانشي كاتب ومحلل سياسي أميركي أعلن مسؤولون فرنسيون أول من أمس الثلاثاء أن مبعوثين عن نظام القذافي أخبروهم بأن الزعيم الليبي مستعد لمناقشة مسألة مغادرته للسلطة، وهو الإعلان الذي يبرز بوضوح كيف يمكن أن يصبح الحل التفاوضي للمسألة الليبية أفضل في نظر الغربيين من حرب قد تطول دون أفق قريب. إلا أنه لم يتسنَّ التحقق بعد من جدية نوايا القذافي المعروف بمزاجه المتقلب، لاسيما في ظل مبادرات سابقة كان قد طرحها ثم عاد لسحبها لاحقاً. ومع ذلك جاءت السرعة التي أعلنت بها الحكومة الفرنسية احتمال التوصل إلى حل سياسي، وأفضليته على العمليات العسكرية المستمرة، لتؤشر إلى مدى التغيير الجاري في المقاربة بين الأطراف المعنية بحل المسألة الليبية، بل إنها قد تدل أيضاً على رغبة بعض الأطراف الليبية نفسها في وقف إراقة الدماء والجنوح إلى حل تفاوضي ينهي الصراع. ولعل من المؤشرات الأخرى التي تفصح عن تحولات محتملة في التعامل الغربي مع الصراع في ليبيا تصريح وزير الخارجية الإيطالي، فرانكو فراتيني، يوم الثلاثاء الماضي أيضاً خلال زيارة قام بها إلى الجزائر أكد فيها أن الأزمة في ليبيا تستدعي تسوية متفاوضاً عليها بين جميع الأطراف، مشيراً إلى صعوبة حسم الموقف على الميدان بالاعتماد فقط على القوة العسكرية. هذا بالإضافة إلى ما قاله الرئيس أوباما لنظيره الروسي ميدفيديف في مكالمة هاتفية يوم الاثنين الماضي من أنه يدعم جهود الوساطة الروسية الرامية إلى وقف إطلاق النار والجلوس إلى طاولة المفاوضات للاتفاق على حل يضع حدّاً للعمليات العسكرية. وفي ظل التقارير المتضاربة حول حقيقة الوضع الميداني، لاسيما في المنطقة الغربية، حيث يشن الثوار هجوماً على المناطق القريبة من العاصمة طرابلس تمهيداً لـ تحرير قادم للمدينة، بدأ بعض الثوار الليبيين يتحدثون الآن هم أيضاً عن إمكانية وقف لإطلاق النار مع اقتراب شهر رمضان، الذي يتوقع أن يبدأ في الأول من شهر أغسطس المقبل، وهي المدة التي يرى المراقبون أنها قد تمنح فسحة من الوقت لاختيار طريق التفاوض والتأكد من مدى جدية القذافي في دعمها وإنهاء الصراع. وقد تجاوبت قوات حلف شمال الأطلسي بإيجابية مع احتمال تطبيق وقف لإطلاق النار في شهر رمضان إذا ما احترمت قوات القذافي الهدنة وتوقفت عن قصف المدنيين في المناطق التي يسيطر عليها الثوار. وكانت التعليقات الصادرة عن المسؤولين الفرنسيين يوم الثلاثاء الماضي هي أكثر التصريحات وضوحاً فيما يتعلق بإمكانية التوصل إلى حل سلمي في ليبيا، وتفضيله على الحل العسكري الذي جُرب طيلة الخمسة أشهر الماضية. فقد قال الوزير الأول الفرنسي، فرانسوا فيون، أمام لجنة برلمانية إن "تسوية سياسية بدأت تتشكل في الأفق"، هذا في الوقت الذي صرح فيه وزير الخارجية، "آلان جوبيه"، لمحطة إذاعية بأن "مبعوثي القذافي قالوا لنا إنه مستعد للمغادرة، على أن يتم بحث الموضوع خلال المفاوضات". ومن الأسباب التي تفسر هذا الجنوح المتزايد نحو الحل السلمي بين قوى حلف شمال الأطلسي المنخرطة في العمليات العسكرية بليبيا، احتمال ظهور شعور لدى الرأي العام في تلك البلدان بطول أمد الحرب التي كان يفترض أن تحسم في وقت قصير، لاسيما في الولايات المتحدة التي يواجه فيها أوباما معارضة الكونجرس، بالإضافة إلى رغبة ساركوزي في الانتهاء سريعاً من الحرب حتى لا تعيق جهوده لتأمين الفوز بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقرر عقدها العام المقبل. وعلى رغم خرجات القذافي المتكررة وتصريحاته عن تمسكه بالسلطة وإصراره على عدم المغادرة، يرى المراقبون أن الحديث المتواتر من قبل مسؤولين غربيين ونظرائهم الليبيين عن احتمال التوصل إلى حل سلمي لابد أن وراءها ما يبررها، وهو ما يوضحه "جيمس فليبس" من معهد "هيريتدج فوندايشن" في واشنطن بقوله: "لقد دأب القذافي على إنكار وجود أي مفاوضات مع الثوار، ولكن هناك العديد من التقارير التي تذهب إلى وجود اتصال بين الأطراف الليبية وباقي المسؤولين الغربيين، ما يدل على أن أمراً ما يجري وراء الكواليس". وكل ما يفعله القذافي في هذه اللحظة، حسب الخبير "فليبس"، هو: "استخدام ما لديه من أوراق لتأمين أفضل صفقة يمكن الحصول عليها، فهو ليس غبيّاً ويعرف أن الدوائر تدور عليه بعدما فقد جزءاً مهمّاً من المناطق الشرقية، ومعها خسر النفط، كما أن شريحة مهمة من قواته تضم المرتزقة الذين لا يمكن الاعتماد عليهم لفترة طويلة في ظل نضوب المال". ويضيف "فليبس" أن المجلس الوطني الانتقالي الذي يدير المناطق الشرقية من ليبيا أصبح يحظى بشرعية متزايدة على الساحة الدولية بعد نجاحه في نيل اعتراف العديد من الدول الوازنة، هذا الاعتراف الذي تدلل عليه الاجتماعات المتكررة للمجلس مع الجهات الدولية مثل الاجتماع الذي سيعقده ممثلون عن المجلس مع الاتحاد الأوروبي خلال الأسبوع الجاري في بروكسل، واجتماع لجنة الاتصال حول ليبيا، الذي ستستضيفه إسطنبول يوم الجمعة المقبل بحضور الولايات المتحدة. ومهما كان تصميم الثوار على شق طريقهم إلى طرابلس بقوة السلاح، تبقى أيضاً حقيقة كون تأخر الحسم إلى حد الآن يدفع في اتجاه التسوية السياسية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©