الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اغتيال «أحمد كرزاي»... فراغ في قندهار

13 يوليو 2011 22:39
جوشوا بارتلاو وكيفين سف قندهار بثلاث طلقات من مسدس شخصي، تم اغتيال أحمد والي كرزاي، الأخ غير الشقيق للرئيس الأفغاني حامد كرزاي، صباح أول من أمس الثلاثاء، في المدينة نفسها التي تمتع فيها بنفوذ واسع خلال السنوات الماضية، وهو ما سيؤدي لخلق فراغ قوة، ربما يكون سبباً في زيادة عدم استقرار الأوضاع السياسية في أفغانستان عموماً، وفي منطقة قندهار خصوصاً، التي تقع في قلب اهتمام الحرب الأميركية ضد "طالبان". وفي التفاصيل أن أحمد والي كرزاي كان مجتمعاً مع عدد من وجهاء القبائل والسياسيين في منزله المحصن في قندهار، عندما وصل صديقه المقرب والمسؤول عن حراسته الشخصية "سردار محمد" وبحوزته سلاحان، أحدهما ظاهر والآخر مخفي، بحسب رواية مسؤول أميركي. وقام الجاني محمد، وهو قائد شرطة، بتسليم أحد مسدسيه إلى الحرس حتى يُظهر أنه غير مسلح، ثم مال على أحمد كرزاي وقال له إنه يحمل معلومات مهمة يريد إطلاعه عليها. وعندما دخلا غرفة جانبيه سلم "كرزاي" ورقة، بحسب المسؤول الأميركي. وبينما هو منشغل بقراءتها فتح محمد النار عليه من مسدسه الثاني، فأرداه قتيلاً، قبل أن يسارع حراس كرزاي الشخصيون بإطلاق النار عليه وقتله. وعلى رغم أن حركة "طالبان" سارعت إلى تبني المسؤولية عن قتل كرزاي، كما أن المسؤولين الأميركيين قالوا أيضاً إن الحركة يمكن أن تكون أثرت على قاتله، إلا أن هناك العديد من المراقبين الذين يتشككون في أن تكون "طالبان" هي التي تقف وراء الحادث، لأن كرزاي، الذي كان يشغل منصب رئيس المجلس الإقليمي بقندهار، كان متهماً بالضلوع في العديد من معاملات الفساد التي تتهم بها أطراف من النخبة الأفغانية الحاكمة في السنوات الأخيرة. كما أن الرجل كان له العديد من الأعداء من رجال الأعمال ورؤساء القبائل وغيرهم من الأشخاص الذين دخل معهم في معاملات، ويمكن لأي أحد منهم أن يفكر في قتله. وبالعودة إلى عملية القتل في حد ذاتها، والسهولة التي تمت بها، يتبين مدى هشاشة الوضع الأمني في أفغانستان في الوقت الذي تستعد فيه القوات الأميركية لتخفيض وجودها فيها، ونقل المسؤولية عن شؤونها الأمنية للجيش وقوات الأمن المحلية. وفضلاً عن ذلك فإن من المتوقع أن تؤدي هذه العملية إلى التأثير سلباً على الجهود الأميركية الرامية لتعزيز الأمن في المناطق الجنوبية من أفغانستان، وخصوصاً أن أحمد والي كرزاي كان قد أبدى في الفترة الأخيرة استعداداً للتعاون مع الولايات المتحدة من أجل مساعدتها على تعزيز الأمن في جنوب البلاد وهزيمة المتمردين، وتعزيز موقف الحكومة المحلية في قندهار، والحكومة المركزية في كابول. وفي هذا السياق يعلق "مير والي خان" عضو البرلمان الأفغاني السابق عن ولاية هلمند، الذي كان موجوداً في منزل أحمد كرزاي عندما تم اغتياله: "إن اغتيال كرزاي الذي كان يعتبر الرجل الأول في قندهار سيؤدي إلى تدهور الحالة الأمنية وتفاقم النزاعات والصراعات بين القبائل". وقد هز الاغتيال المؤسسة السياسية الأفغانية برمتها، وخاصة أنها كانت قد ابتليت في الآونة الأخيرة بسلسلة من الاغتيالات. وكان الرئيس كرزاي قد علم بنبأ اغتيال أخيه غير الشقيق قبل دقائق من المؤتمر الصحفي مع الرئيس الفرنسي ساركوزي. وأعلن كرزاي بنفسه النبأ حيث قال بصوت متهدج "صباح اليوم اغتيل أخي الأصغر غير الشقيق أحمد والي كرزاي في منزله بقندهار. هذه هي طريقة الحياة التي يعيشها الأفغان، وتعيشها كل عائلة من العائلات الأفغانية التي عانت من مثل هذه الحوادث". ومن المعروف أن المغدور أحمد كرزاي، الذي خلف وراءه زوجة وخمسة أبناء، قد ولد في قندهار عام 1963 لعائلة كرزاي المعروفة وذات النفوذ، وقد درس الاقتصاد في جامعة كابول قبل أن يغادر البلاد بعد الغزو السوفييتي حيث عاش في هولندا لبعض الوقت، ثم انتقل منها إلى شيكاغو حيث اعتاد أن يعمل لساعات طويلة في المطعم المملوك لشقيقه هناك، وحيث كان يشاهد الأفلام السينمائية الأميركية والهندية مساء كل يوم. وفي عام 1987 انتقل إلى مدينة "ويتون" بولاية إلينوي الأميركية كي يعيش مع والده، ثم عاد بعد خمسة أعوام إلى باكستان، وتشاور طويلاً مع أعضاء عائلته وأصدقائه قبل أن يقرر العودة في النهاية إلى الحياة السياسية في بلاده أفغانستان، بعد الإطاحة بحكومة "طالبان" عقب الغزو الأميركي للبلاد في نهاية عام 2001. ويقول عنه شقيقه الآخر "محمود كرزاي" (57 عاماً)، الـذي يمتلك مؤسسة للعقارات في قندهار: "كان أحمد كرزاي هو الأكثر موهبة من الناحية السياسية بيننا جميعاً. فقد كانت لديه طريقة معينة تمكنه من التعامل مع مختلف أصناف الناس على اختلاف مشاربهم، كما كان يتمتع بذاكرة قوية تجعله لا ينسى أحداً". إلا أن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن أحمد كرزاي قد كون عشرات الملايين إن لم يكن مئات الملايين من الدولارات من وراء امتلاك، والمشاركة في مجموعة من الشركات والمؤسسات العاملة في مجالات الأمن الخصوصي والنقليات، التي لم تكن تحمل اسمه. ولكن الشيء المؤكد أن الأميركيين لم يكونوا يمتلكون دليلاً ملموساً على فساد أحمد كرزاي وتورطه إلى الدرجة التي جعلت قائد القوات الأميركية في أفغانستان العام الماضي الجنرال ستانلي ماكريستال يصدر أوامر إلى ضباطه بالتعامل معه، لأنهم لم يكونوا يمتلكون دليلا ضده. وعلى رغم جميع الإشاعات التي تناثرت حوله إلا أن كل من عرفوه يقولون إن الرجل كان يتمتع بقدر كبير من الجاذبية الشخصية، وإنه كان يجيد الإنجليزية بلهجة شيكاغو، ويتحدث بنبرة سريعة مع متحدثيه، وقد يقطعها بالرد على محادثة من المحادثات الهاتفية التي لم تكن تنقطع. هذا علاوة على أن منزله لم يكن يخلو من طلاب الحاجات والفقراء الراغبين في الحصول على عطايا أو خدمات، أو الساعين إليه لحل خلاف بين عائلتين في قرية من قرى قندهار. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©