الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أندريس أوبنهايمر - مدريد

13 يوليو 2011 22:39
لاشك أن الانتصار الواسع الذي يُتوقع أن يكون من نصيب حزب الشعب الإسباني، من وسط اليمين، خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة يفتح شهية المراقبين لمتابعة كل ما يصرح به مسؤولوه، ولعل أكثر ما يثير الانتباه بشكل خاص هو تعهدهم بتغيير وجهة السياسة الخارجية للبلاد بتبني مواقف أكثر انتقاداً لكوبا وفنزويلا وباقي الأنظمة الشمولية في القارة اللاتينية. ولو صح ذلك فقد نشهد تغيراً مهمّاً في التعامل الدبلوماسي الإسباني تجاه دول أميركا الجنوبية، إذ على رغم أزمتها الاقتصادية فإن إسبانيا تبقى مع ذلك مستثمراً كبيراً في البلدان اللاتينية، فضلاً عن تزعمها للمبادرات الأوروبية تجاه تلك المنطقة. ولكن هل سيفوز فعلاً الحزب الشعبي في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟ وهل سيعمل على تحويل خط سير سياسة مدريد الخارجية؟ قبل الإجابة دعونا ننظر إلى بعض الحقائق مثل استطلاع الرأي الذي أجرته صحيفة "إل باييس" الإسبانية وأظهر أن زعيم حزب الشعب ومرشحه في الانتخابات الرئاسية، "ماريانو راخوي"، يتصدر السباق بفارق 14 في المئة عن أقرب منافسيه. كما أن الحزب حقق نتائج جيدة في الانتخابات البلدية خلال شهر مايو الماضي متفوقاً على خصمه الحزب الاشتراكي بحوالي 8 في المئة من الأصوات. وعلى رغم ما بدت عليه مدريد خلال زيارتي الأخيرة لها من نظافة، ومواصلة الناس لحياتهم بشكل اعتيادي، وارتياد مقاهي الرصيف الغاصة بالزبائن، إلا أنه لا يمكن إخفاء خيبة الأمل التي يستشعرها كثير من الإسبان إزاء الحكومة الاشتراكية التي يقودها "خوسي لويس ثاباتيرو"، ولا أحد يشك، على الأقل من خلال أحاديثي مع الناس، في رجحان تولي "راخوي" رئاسة الحكومة الإسبانية في الانتخابات القادمة. ولا يرجع السبب إلى كاريزما خاصة يتمتع بها "راخوي"، فهو لا يملك شيئاً منها أساساً، بقدر ما يرجع السبب إلى استياء الإسبان من الحكومة الحالية، وهو الاستياء الذي عبرت عنه صحيفة "إل موندو" الإسبانية في افتتاحيتها بتاريخ 28 يونيو الماضي، واصفة الحكومة بأنها: "الأسوأ في تاريخ إسبانيا طيلة الثلاثين عاماً الأخيرة من عهد الديمقراطية". ومع أن موعد الانتخابات محدد في مارس 2012 فإنها قد تقدم عن موعدها ذلك في حال تدهورت الأمور أكثر وتعمقت الأزمة، بحيث يصبح من الوارد تنظيمها في نوفمبر المقبل. وفي انتقاده لسياسة إسبانيا الخارجية تحت حكم الاشتراكيين أخبرني البرلماني عن حزب الشعب والناطق باسمه "جوستافو دي أريستيجي" بأن حكومة ثأتيرو: "توددت كثيراً لكوبا وفنزويلا لأن سياسة الحزب كانت تركز على استقطاب الأصوات في أقصى اليسار"، ومن جهتنا يضيف البرلماني اليميني: "سنتخذ موقفاً حازماً في الحوار مع دول أميركا اللاتينية، بحيث سيتم التركيز على قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية، دون أن يعني ذلك بالضرورة قطع العلاقات مع كوبا وفنزويلا". ولكن العديد من المراقبين ومن بينهم "كارلوس مالامود"، المتخصص في شؤون أميركا اللاتينية، يرون أن الفروق بين الحكومة الحالية وحكومة اليمين المتوقعة، في مجال السياسة الخارجية لن تكون جوهرية وعن ذلك يقول: "إن سياسة إسبانيا تحددها عادة المؤسسات التي تعمل على حماية مصالح الدولة مهما كانت طبيعة الحكومة". وفي رأيي الخاص أن إسبانيا غيرت فعلاً سياستها الخارجية عندما استبدل الوزير السابق "ميجيل أنخيل موراتينوس" الذي سعى إلى التقرب من كوبا والدفاع عنها بالوزيرة الحالية "ترينيداد خيمينيث" الأكثر تشدداً. وحتى لو قررت الحكومة القادمة تغيير بوصلة السياسة الخارجية لإسبانيا إلى اليمين فإنها ستتفادى، على الأرجح، اتباع سياسة حكومة "خوسيه ماريا أثنار" الذي انحاز كثيراً إلى إدارة بوش في حربها على العراق ما أثار حينها غضب واستياء الشعب الإسباني ضد اليمين. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©