الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدجاجة (2)

22 يوليو 2006 00:55
أعود إليكم اليوم لأكمل قصة الدجاجة التي بدأتها بتاريخ 10/7/2006 والتي انتهت بمناداتنا للعجوز وعدم رده علينا، وبالنهاية اكتشفنا موته،أطلنا النظر والعيون بحر من الدموع، والعقول بين مصدق ومصدوم، لاحظ أحدنا أن ورقة موجودة في كف العجوز، فامتدت يد أحدنا ليعلم ما فيها، وليتكم رأيتم وجه صاحبنا هذا عند قراءته لما في الورقة، بل ليتكم سمعتم الشهقة التي أصدرها وكأنها شهقة الموت، أتعلمون ماذا كتب في الورقة؟ هذا ما كتب أعزائي، إنني عائد إليكم، زوجتي الغالية، سأصل الى المدينة في ظرف يوم وليلة، بلغي أبنائي وأحفادي خالص سلامي وأمنياتي لهم وقبليهم نيابة عني، إني مشتاق إليكم سآتي لكم بدجاجتين مشويتين فكم أود أن أفرح أبنائي وأحفادي الذين لم يذوقوا طعم اللحم منذ أربعة أعوام، انتظروني فأنا في شوق إليكم، سأرسل هذه البرقية مع ساعي البريد الذي سيمر غداً صباحاً من هذا الطريق، وأيضاً ريثما أنتهي من شواء الدجاج هذه الليلة وأكمل طريقي إليكم· محبك وزوجك المخلص وجوه شاحبة، دامعة!! وفي لحظة مر رجل يحمل حقيبة مليئة بالرسائل والبرقيات، هذا هو ساعي البريد، خطا خطاه وهو ينظر إلينا رافعاً أحد حاجبيه مندهشاً من وجوهنا الكالحة!!! غاب الساعي، ومات المترقب له!! اخوتي وأخواتي القراء، هذا المشهد كان من بنات أفكاري، لا أعرف لماذا اخترت هذه الشخصيات بالذات، لماذا العجوز، ولماذا الاخـــوة، ولماذا الســـاعي، ولماذا ولماذا؟ كلها لماذا لا أجد لها سبباً، ولكن أجد سبباً لمضمون هذه القصة، مضمون لهذه الرموز المتحركة بغض النظر عن ماهيتها· الرجل العجوز: هو الرجل النقي الطاهر الصالح، ليس طامعاً في دنيا ولا في ملذات، يريد أن يسعد أهله ويفرح أبناءه وأحفاده، يكد حتى يوفر لهم لقمة العيش، طيب القلب، كريم الضيافة، تتمثل في شخصيته روح الإيثار· الدجاجة: هي هذه الدنيا، نعم لا تضحكوا الدجاجة هي الدنيا بزيتها، ولذتها التي تسيل لها اللعاب، ظاهرها جميل وجذاب، طعمها رائع، ولكن عندما نكثر منها، ونكثر من امتصاص زيتها نمرض، ولا ينفعنا سوى عملية تصفية للدهون المتجمعــة، فلا تكونوا ممــــن يمتص حتى المرض وإن حدث فلتصفوا أجسادكم من دهن الدنيا· الأخوة في الغابة: هم فئة من البشر، قد يكونون طيبين ويتمثل ذلك بحبهم للعجوز وبكائهم لفراقه، مشاعرهم التي اتضحت من خلال المشهد، ولكن في الجانب الآخر يظهر جانب أسود في هؤلاء البشر وهو جشعهم للدنيا، سيل لعابهم الذي ظهر عند رؤيتهم للدجاج المشوي (الدنيا) أنانيون لم يفكروا سوى في أنفسهم وكيف يهجمون هجوم الأشباح على شيء لا يعلمون عنه سوى أنه لذيذ وشهي، أرادوا لهذه الدنيا (الدجاجة) أن تكون لهم حصرياً، يأكلون منها ولا يشبعون · ساعي البريد: هو ذاك الطيف الذي يمر في حياة كل البشر فيوصل رسالاتهم الى من أرادوا، وبعدها يختفي كما لو أنه لم يظهر، فيا ترى اخوتي وأخواتي ما هي رسائلكم التي سترسلونها عن طريق ساعي البريد؟ وهل يا ترى ستصل رسائلكم الى من أحببتم قبل أن يخطف الموت قلوبكم؟ ملاحظة: قد يتساءل الكثيرون، لماذا استعنت بالدجاجة ''الحياة'' للتمثيل، هنا أجد تفسيراً لاختياري الدجاجة بخلاف فقري لتفسيري لاختيار بقية الشخصيات· عادة في المصطلحات الغربية والعربية يطلق على الجبان أو الشخص الضعيف دجاجة وهذه الحقيقة، فالحياة ضعيفة، والبشر أقوياء، ولكنني أرى حالنا انقلب فباتت الدجاجة تأكل لحم الأسود! أحببت أن أشارك بحروفي الكسيرة وأحاول أن أقنع نفسي أن الحياة لن تتغلب علينا نحن الأسود بني البشر، سنظل قوة، وستظل سواعدنا متعاونة متماسكة أمام رياح التغيير التي أثارتها الحياة فحطمت كل شيء وأفسدت الكثير والكثير· الحياة ضعيفة اخوتي وأخواتي، ونحن من نكسبها القوة، فليتنا نعي أننا أقوياء وأن الحياة ضعيفة وباستطاعتنا أن نغلبها ونتغلب على ظروفنا القاسية· باسمة عباد المرقب جامعة الإمارات العربية المتحدة
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©