الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

العالم امرأة نائلة معوض سياسة عصر الكهوف

22 يوليو 2006 01:31
السعد عمر المنهالي: كعادتها السياسية·· تحول البشر إلى دمى تحركهم كيفا تشاء ووقتما تشاء ، ولأجل المصالح والنفوذ يُقتل الإنسان أو يُشرد ويجوع ويتحول إلى حيوان بدائي يبحث عن طعامه ومأوى يقيه وأولاده، وفي بلد الجمال شوهوا الإنسان وأعادوه مسخا يبحث عن حاجاته الأولى بعد أن حمل على مدى عقدين شعلة ينير للآخرين بها طريقا مختلفا عما عهدوه لقرون· ليست بمأساة ولا كارثة، بل ردة زمنية إلى عصر الهمجية التي ودعها البشر منذ قرون، هذا وضع لبنان اليوم بعد القصف الإسرائيلي الممنهج عليه منذ الثاني عشر من يوليو الجاري ،2006 أسبوع واحد فقط كان وقتا كافيا لتهجير ما يزيد عن نصف مليون لبناني بعيدا عن قصف القوات الإسرائيلية، ليصبحوا مشردين في ملاجيء بلا أدنى ضرورات الحياة، حتى حليب الأطفال لم يعد موجودا بعد أن قصفت مصانع الحليب كما أعلنت ''نائلة معوض'' وزيرة الشؤون الاجتماعية في الحكومة اللبنانية في التاسع عشر من يوليو الجاري، وقالت ''إن إسرائيل تهاجم لبنان بهدف تجويع'' اللبنانيين·· إنه وضع كارثي''!! منذ أن أخذت الترسانة العسكرية الإسرائيلية تدك البنى التحتية اللبنانية والوزيرة تقوم بجهود في أسوأ الظروف لتخفيف أوضاع النازحين من الجنوب هربا من القصف، وذلك بالتنسيق مع الهيئات والمؤسسات والجمعيات الإنسانية في لبنان واليونيسيف، ورغم الروح العالية المتفائلة التي يحتاجها هذا النوع من الخدمات، لم تتوان الوزيرة إطلاقا في القول: ''ما من أحد على استعداد لمواجهة هذه الحرب''··، و''الناس يشعرون بالكآبة·· إنهم يائسون''، ولا أدري هل هي تعاني نفس الحال أم أن لها رأيا آخر؟! مارونية من بيروت كانت الوزيرة ''نائلة عيسى آل خوري'' تحتفل قبل أسبوع واحد فقط من القصف الإسرائيلي للبنان بذكرى ميلادها السادس والستين، فهي من مواليد الثالث من يوليو عام 1940 في بيشاري بالعاصمة اللبنانية بيروت، لأحد الأسر المسيحية المارونية المعروفة، فقد كان والدها ''عيسى الخوري'' محاميا وعضوا نقابيا فاعلا، فنشأت في منزل اسري تقول عنه انه ''لم يخل من السياسة''·· إنه ''بيت ناضل وكافح من أجل الحريات''· حصلت على درجة البكالوريوس في الأدب والتاريخ الفرنسي من كلية الآداب في جامعة القديس يوسف، أعقبته بدراسة اللغة الإنجليزية في جامعة ''كامبردج'' في بريطانيا بعدما أرسلها والدها مع شقيقتيها إلى لندن لتعلُم اللغة الإنجليزية· ورغم أنها لم تدرس الصحافة، إلا أنها عملت لمدة ثلاثة أعوام في صحيفة ''الأوريان'' بلبنان منذ عام ،1962 لتصبح بعد اتصال الصحيفة بها -بعد نشر أحد مواضيعها في مجلة اجتماعية- أول صحافية لبنانية، وهو ما تزامن مع عضويتها في إحدى الحركات السياسية الناشئة التي تهدف إلى نشر قيم العدالة الاجتماعية والديموقراطية، غير أنها تركت عملها كصحافية كما تركت لقبها بعد أن اقترنت بالنائب ووزير البريد والبرق عام 1965 لتصبح السيدة ''نائلة معوض''· جاء اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان بزوجها ''رينيه معوض'' كأول رئيس للجمهورية اللبنانية في الخامس من نوفمبر عام ،1989 لتصبح ''نائلة'' السيدة الأولى للبنان ما بعد الحرب، غير انه في الثاني والعشرين من نوفمبر عام 1989 فجرت سيارة الرئيس ليلقى حتفه بعد سبعة عشر يوما فقط من تنصيبه· ومع شظايا الانفجار تطايرت أحلام السيدة الأولى ''نائلة'' بعهد جديد ورحب للبنان كما تطايرت ذكريات خمس وعشرين عاما من زواجها· سياسة بالوراثة عينت ''نائلة'' في البرلمان اللبناني عام 1991 كنائبة عن دائرة الموارنة ''زغرتا'' بناء على مبدأ الوراثة السياسية -كوريثة لمقعد زوجها المتوفى-، غير أن دخولها الوراثي استمر فيما بعد فوزها في الانتخابات النيابية عام 1992 و عام 1996 و 2000 عن نفس الدائرة لتكمل ثلاثة عشر عاما في البرلمان اللبناني، ولم يكن نجاحها اعتياديا فقد كان بأغلب أصوات دائرتها، الأمر الذي جعلها لاعبا أساسيا في خارطة التوازنات الرئيسية على صعيد الأقطاب المسيحية في الحياة السياسية اللبنانية، سيما بعد أن أخذت خطا واضحا في مركز المعارضة اللبنانية للتواجد السوري هناك، وفي سبيل ذلك لم تأل جهدا في الحديث عن لبننة الحياة السياسية في إشارة منها انه قد آن الأوان لتكون السياسة من صنع الداخل اللبناني، وهو ما جعلها من الشخصيات غير المقبولة لدى النظام السوري· وفي يناير العام 2004 أعلنت نفسها في أول سابقة من نوعها كمرشحة للرئاسة وذلك حتى قبل موعد الانتخابات الرئاسية التي كان مقررا لها أن تكون في نوفمبر من نفس العام، وهي الفرصة التي وجدت فيها فرصة لنقد التدخل السوري في اختيار رئيس الجمهورية اللبنانية والتي ظلت لسنوات ترددها، أنها كانت تصر على أن سوريا حليف استراتيجي للبنان، وكانت تقول في ذلك إنها تدرك تماما أن سوريا حليف استراتيجي للبنان، ولكن هذا لا يعني أن أذهب لأخذ الأذن منهم''، كما أنها كانت من اشد منتقدي حزب الله والداعين لنزع سلاحه، وتقول في هذا: ''نعتقد وبعد نجاح المقاومة في الجنوب، يجب عليهم أن يوقفوا نشاطهم، وأن يتركوا الجيش اللبناني ينتشر على طول الحدود''، غير أن ما حدث في الرابع من سبتمبر عام ،2004 عندما وافق البرلمان اللبناني على مشروع تعديل الدستور في مادته رقم 49 المقدم من مجلس الوزراء الداعي إلى تمديد ولاية رئيس الجمهورية لولاية ثالثة بموافقة 96 عضوا مقابل 29 آخرين رفضوا التعديل وكانت ''نائلة أحدهم، الأمر الذي يعني استمرار ''أميل لحود'' رئيسا للبنان حتى عام ،2007 وذلك رغما عن القرار الأممي رقم 1559 الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي قبل 18 ساعة فقط من قرار التعديل الداعي إلى إجراء انتخابات رئاسية نزيهة في لبنان دون تدخل أجنبي، وسحب جميع القوات الأجنبية من أراضيه، ونزع سلاح حزب الله، فخرجت نائلة معوض من الجلسة البرلمانية وهي منزعجة ''إن هذا مشهد حزين، ويوم أسود في تاريخ لبنان''، وهي غير مدركة أن هناك يوما آخر أكثر سوادا كان يتربص بلبنان!! كذلك كان يوم اغتيال رئيس الحكومة السابق والنائب ''رفيق الحريري'' الرابع عشر من فبراير عام،2005 إذ تصاعدت الأوضاع لتصبح أكثر سوءا مع تزايد حالات الاغتيالات التي طالت شخصيات سياسية تعارض التواجد السوري في لبنان متزامنا مع تردي الوضع الأمني فيها، وزيادة الضغط الدولي لسحب سوريا قواتها المتواجدة في لبنان، وهو ما تم بالفعل في أبريل عام ،2005 ليبقى نزع سلاح حزب الله الهدف الآخر لقرار 1559 والذي يبدو أن موعد اقتراب تنفيذه قد أزف! أسيران وكارثة حسب ما كان مقررا فإن مصير سلاح حزب الله كان من المقرر أن يكون القضية الرئيسية لجلسة الحوار الوطني التي كان من المزمع عقدها في الخامس والعشرين من يوليو -أي بعد يومين-، غير أن ما قام به حزب الله في هذا التوقيت الحساس من اختطاف الجنديين الاسرائيلين يعطي إشارة أكيدة على رغبته في قلب الطاولة السياسية في وجه خصومه السياسيين الراغبين في نزع سلاحه، وذلك بمراهنته على أنه في حال قبل الإسرائيليون بطرحه بمبادلة الجنديين بالأسرى اللبنانيين وخاصة عميد الأسرى ''سمير القنطار'' فإن ذلك سيعزز من موقفه في وجه معارضيه في الداخل، غير أن ما حدث قلب كل الأوراق وحرق اللعبة كما حرق البلاد! كانت العملية العسكرية التي شنها حزب الله على أحد المواقع الحدودية شمال إسرائيل في الثاني عشر من يوليو الجاري، نتج عنها أسر جنديين بالإضافة إلى قتل وجرح آخرين، فكان رد رئيس الحكومة الإسرائيلية ''يهود أولمرت'' أن توعد بالرد العنيف منذ اللحظات الأولى، فتوعد بعمل ''مؤلم جدا وواسع النطاق''، فكان بالفعل واسع وفي غاية الألم· لم تكن الأيام التالية لتلك العملية هي المرة الأولى التي تسمع فيها ''نائلة'' اصوات قصف وجوه مشردين في شوارع بيروت، فخلال فترة الحرب الأهلية في لبنان لم تغادر وزجها الأراضي اللبنانية طوال أربعة عشر عاما، وهي فترة تؤكد فيها نائلة أنها كانت أكثر الفترات فيها قربا من آلام الناس في حياتهم اليومية، ولكن وعلى ما يبدو أن الوزيرة نسيت تلك الأيام التي مضى عليها سبعة عشر عاما فلم تعد ترى ما هو أشد إيلاما من الأيام الحاضرة، فقالت في حديث لها مباشرة بعد بدء الضرب الإسرائيلي ''إن بلادها تدفع ثمن قرار اتخذ في الشام ولا يرتبط إطلاقا بالمصالح الوطنية اللبنانية''، ولكنها عادت لتتحدث فيما بعد ذلك في الثامن والعشرين من يوليو الجاري لأحد وكالات الأنباء سيما وأنها المسؤولة الحكومية الأولى عن مساعدة ما يزيد عن نصف مليون نازح لبناني بقولها ''إن إسرائيل تشن حربا لتجويع لبنان، انه وضع كارثي، لقد عزلوا البلد عن بقية العالم، وقصفوا المطار والمرافئ والطرق والجسور ويعزلون المناطق ويسجنون الناس، حتى أضحى من المستحيل وصول المساعدات إلى الجنوب، كما دمروا المصانع ومخازن المواد الغذائية وضربوا شاحنات المساعدات القادمة من الخارج، وختمت حديثها للوكالة بالقول: ''لا اعلم كم من الوقت نستطيع الصمود في هذا الوضع الكارثي''!
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©