الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كسرة خبز

23 يوليو 2006 01:26
طرقات متوالية وضعيفة على باب بيت حمد، فتح حمد الباب بعد أن أفاق من نومه وهو متعجب من طرقات الباب المبكرة في هذا الصباح·· وجد امرأة متقدمة بالسن قد ملأت التجاعيد وجهها ورقبتها حتى حاجبيها لم يعد لهما أثر، يبدو عليها التعب والإرهاق ويداها مرتكزتان على عصا من جذور الشجر ·· يشع الحزن من نظرات عينيها الغائرتين، لم تتحرك من مكانها لم تقل شيئاً، فظن أنه تمثال لامرأة عجوز آثار الزمن تغطيه، لم تقو على الكلام، أشارت بيدها نحو فمها، وكأنها تريد أن تفهمه أنها تشعر بالجوع وتريد شيئاً تأكله، ولكن لم يدعها تكمل، فأغلق حمد الباب في وجهها وذهب لينام، عادت الطرقات مرة أخرى·· فتح الباب قائلاً ''نعم ·· ماذا تريدين ·· لا نملك طعاماً ثم أغلق الباب وذهب مرة أخرى لفراشه، ولكن النوم كان قد فارق عينيه، عاد ليسمع نفس الطرقات على الباب، أحس أن هناك شيئا غير عادي ·· فتح الباب ليجد نفس المرأة العجوز، لم تقل شيئاً، لم يستطع النظر إلى عينيها·· ارتعش جسمه من نظرات العجوز لعلها أثارت شفقته عليها وأحس أنه مدين لها بشيء، أراد أن يتخلص من هذا الاحساس، تركها واقفة واتجه نحو المطبخ، وجد كسرة خبز يابسة، أتى إلى المرأة العجوز واضعاً كسرة الخبز في يدها ثم قال لها: ''اتركيني لأنام، واذهبي بعيداً ولا تطرقي الباب مرة أخرى، أغلق الباب وذهب إلى فراشه ·· لم يستطع أن يغمض عينيه ·· ولم يقو على نسيانها ·· نهض وهو يفكر أين ستذهب المرأة العجوز بعد أن طردها دون أن يعطيها شيئاً تأكله أو يهيئ لها مكاناً ترتاح فيه، اتجه حمد إلى الباب ليرى أين ذهبت العجوز، وجدها واقفة عند باب بيت صديقه يوسف في المنزل المقابل، خرج يوسف ليجد المرأة العجوز وقد بدأت تظهر عليها رعشة بجسدها، أخذها بلطف للداخل ووضعها على السرير وغطاها بلحاف سميك، سألها إذا كانت تريد شيئاً تأكله أو تشربه فلم ترد عليه، فهي مازالت ترتعش، ذهب إلى المطبخ ليجد قليلاً من عصير التفاح، أتى بالعصير وأخذ يسقيها بنفسه وهي تنظر إليه بحنان وتبتسم من خلال تحرك التجاعيد التي بوجهها ورموش عينيها اللتين لم تتوقفا للحظة واحدة، سألها ''ماذا تريدين أن تأكلي يا أمي؟'' أغمضت عينيها ولم تجب عليه، فتحت عينيها ودمعتان تسيلان منهما، ثم أغمضتهما مرة أخرى وارتخت يداها علم يوسف أنها فارقت الحياة، بكى بشدة وجثا على ركبتيه واخذ يقبل يديها النحيلتين وجبينها وقد غسل وجهها بدموعه· فماذا حدث بعدها··؟ هل انتهت القصة عند هذا الجزء أم أن هناك فصولاً أخرى لا تنتهي بعدها؟ وما موقف حمد عندما يعرف بما حدث؟! هذا ما ستعرفونه في المقالة القادمة·· يعقوب علي الحمادي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©