الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تحويل متعة المطالعة إلى واجب إلزامي ينفر الطفل من القراءة

تحويل متعة المطالعة إلى واجب إلزامي ينفر الطفل من القراءة
2 يناير 2011 21:18
تحتل القراءة مكان الصدارة من اهتمام الإنسان، باعتبارها الوسيلة الرئيسية لأن يستكشف الطفل البيئة من حوله، والأسلوب الأمثل لتعزيز قدراته الإبداعية الذاتية، وتطوير ملكاته استكمالاً للدور التعليمي للمدرسة، وتنمية ذكائه. إن ولع الطفل بالكتب يبدأ حالما يكمل شهره السابع، حيث يبدأ بالانتباه لما يُقرأ له، أما في شهره العاشر فإنه سيجيد عادة الإصغاء من دون فهم للكلمات، ويظل كذلك إلى أن يكمل عامه الأول حيث يبدأ بالتقاط بعض الكلمات، وهذه كلها علامات مشجعة ينبغي أن تقود خطى الآباء في هذا المضمار. ومن الأهمية أن نبدأ العناية بغرس حب القراءة أو عادة القراءة والميل لها في نفس الطفل والتعرف على ما يدور حوله منذ بداية معرفته للحروف والكلمات، ولذا فمسألة القراءة مسألة حيوية بالغة الأهمية لتنمية ثقافة الطفل، فعندما نحبب الأطفال في القراءة نشجع في الوقت نفسه الإيجابية في الطفل، وهي ناتجة للقراءة من البحث والتثقيف، فحب القراءة يفتح الأبواب أمام الأطفال نحو الفضول والاستطلاع، وينمي رغبتهم لرؤية أماكن يتخيلونها، ويقلل مشاعر الوحدة والملل، يخلق أمامهم نماذج يتمثلون أدواره، وفي النهاية، تغير القراءة أسلوب حياة الأطفال. أهمية الاختيار يقول الخبير التربوي الدكتور محمد وقيع الله: “دلت تجارب الخبراء على أن أفضل وقت لإدخال الطفل إلى عالم القراءة هو نصف الساعة التي تسبق مواعيد نومه، فالقراءة تهدئ أعصابه وتسليه وترسله هويناً إلى غيبوبة النوم، وهنا لابد من تخير الكتيبات الطريفة الحافلة بالصور والكلمات الإيقاعية المطربة الجرس. وببلوغ الطفل ثلاثة أعوام فيمكنه أن يفهم كثيراً مما يُقرأ له، ولكن لابد من وجود الصور ترافقها القراءة المطربة والمعبرة التي تشخص رموز القصة وتبرز دراميتها. وما بين سن الثالثة والسادسة فيمكن أن يقرأ المرء لطفله أكثر من أربعين كتاباً من هذا النوع في العام. وما بين السادسة والتاسعة فيمكن أن يقرأ لهم ما يزيد على الأربعين كتاباً، ولكن من مستوى أعلى قليلاً. أما ما بين التاسعة والعاشرة فيمكن أن يقرأ لهم عشرين كتاباً في العام، ولكن من كتب تركز على الوصف أكثر مما تركز على التصوير. وهنا يلاحظ أن الطفل يمكن أن يقرأ لنفسه منفرداً”. متعة وتسلية يكمل د. وقيع الله:” في غضون كل ذلك لابد من التركيز على جانب المتعة والتسلية والحرص على التماشي مع ميول الطفل وهواياته الأثيرة. فمثلاً إذا كان الطفل ذا تعلق خاص بالحيوانات، فمن الأفضل أن تقرأ له قصصاً أبطالها وشخوصها من الحيوانات. وإن كان من عشاق السير والتاريخ فأحضر له كتب السِّير والبطولة، وإن كان محباً للغرائب والألغاز، فزوده بكتب من ذلك الطراز، وإن كان ممن تستهويهم حقائق العلوم، ومشاهد الطبيعة، فكتب الخيال العلمي”المُيَسَّرة” هي التي تلبي ذلك حاجة ذلك التوق والنزوع. وإن كان من هواة الرياضة، فإن كتب الرياضة تكون أقرب إلى قلبه، وإن كان من محبي القصص المسلسلة التي يكون بطلها شخص واحد، فهذا من أجمل الخيارات، إذ ربما يدفعه إلى أن يقرأ منفرداً، فبعد قراءة كتاب أو كتابين له، فقد يشجعه ذلك لإكمال السلسلة منفرداً. وفي كل الأحوال فينبغي ألا نخشى من أن يدمن الطفل ذلك النوع بعينه من القراءة، فهي قراءة مرحلة سيتخلص منها لا محالة عندما يتقدم به العمر. إن المطلوب هنا هو غرس عادة حب الاطلاع في قلب الطفل، أكثر من الاتجاه به إلى تحصيل معلومات جافة بعينها. ولتجنب إعراض الطفل وتفادي مقاومته للقراءة، فالأفضل إقناعه بأن كتب الاطلاع العام هي أحلى وأبهى وأبهج من كتب المقررات الدراسية الجافة، التي قصد بها التعليم لا الاستمتاع، فكثير من الطلاب حتى في سنوات الدراسة الجامعية يعتقدون أن كل الكتب مملة مثل الكتب الدراسية تماماً!”. ويحبذ ألا يُلزم الطفل بأن يقرأ أو يسمع أكثر مما يريد، وألا يُجبر على إكمال الكتاب في جلسة واحدة، ويمكن ترك الكتاب مفتوحاً على المنضدة أو الرف، وسيلاحظ الأب أو الأم أن الطفل سيحضر لاحقاً لطلب المزيد. وأما عادة طلب ملخص مكتوب عن الكتاب، والتي يظن البعض أن فيها تدريب جيد على إجادة الكتابة، فهي من أسوأ ما ينفر الطفل عن دنيا الاطلاع، إذ أنها تربط متعة الاطلاع، بعمل إلزامي يشبه الأعمال الرسمية، مما يصيب الطفل بالقلق وتوتر الأعصاب، وينغّص عليه متعة القراءة الصافية. وعوضاً عن ذلك يمكن أن يسأل الطفل بشكل عفوي وودّي عن رأيه في الكتاب، وعما عجبه فيه، وهنا فإنه سينطلق بمرح وحبور ليقص ما أعجبه في الكتاب. بيئة القراءة يلاحظ الخبراء أن دمج الطفل في عالم القراءة يتطلب أن يجد نفسه في بيئة قارئة، أي في أسرة لها صلة بالثقافة والاطلاع، وقد دلت التجارب أن دور البيت في جذب الطفل إلى الاطلاع أكبر بكثير من دور المدرسة. فالمدارس قلما تعتني بثقافة الطفل العامة. ولكن بعض المعلمين الموهوبين يعطون عناية خاصة لتلك الناحية. وهنا دلت الإحصاءات على أن المدارس التي بها معلمون من ذلك النوع، تكون نسبة استعارة الأطفال من مكتباتها أعلى بكثير من غيرها. لكن المدارس بشكل عام لا تشجع على الاطلاع، إذ أنها ملزمة بتنفيذ برامج دراسية كثيفة، في فترة زمنية محددة، كما أنه يتعذر على المعلمين أن يشرفوا على عشرات الأطفال، ويراعوا ميولهم وأذواقهم المتباينة في شأن الاطلاع. وهكذا فلابد من تدخل الأسرة في الأمر، لأن دور الوالدين هو الدور الحاسم في هذا الشأن، وفي استطلاع أجرته الرابطة القومية الأميركية لمجلس الآباء اتضح أن 82% من الأطفال الذين لا يحبون القراءة، لم يُحظوا بتشجيع آبائهم في البيت. وأن 75% من الآباء قالوا إن التلفاز وألعاب الفيديو عاملان يعطلان من مجهود جذب الطفل إلى حب القراءة. وهذان عاملان لابد من معالجة أولهما، ومكافحة الثاني. وعلاج الأول صعب، ولكن لا أقل من تعويض أثره السلبي نوعاً ما، ولو بمجرد شراء الكتب للطفل. وأما التلفاز وألعاب الفيديو فلابد من وقفة حازمة لاختصار التهامهما لوقت الطفل.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©