الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المولات ··· طوق النجاة من ملل الصيف!

23 يوليو 2006 01:40
أصبحت المراكز التجارية وجهة واحدة وخياراً وحيداً لقضاء يوم العطلة بالنسبة للكثير من العائلات في الإمارات· أما بالنسبة لرجال الأعمال والمستثمرين فهي المشروع الأكثر ربحاً والدجاجة التي تبيض ذهباً، حتى بتنا نفاجأ كل شهر، إن لم يكن أقل، بإنشاء ''مول'' جديد في بقعة من بقاع الدولة، وخصوصا في دبي، مما انعكس على كثير من السلوكيات في حياتنا سلبا وإيجابا، دون أن نشعر· مراكز تجارية عملاقة ذات مناظر خلابة، وفنون معمارية وترويجية من الداخل والخارج، لا أحد يستطيع أن ينكر ذلك، ولكن هل تستوعب مدن الإمارات كل هذا العدد الهائل من المراكز التجارية، وهل لا زالت تلقى هذه المراكز شعبية بين الناس؟ فداء طه: يطلق عليها البعض اسم الأسواق ''المعلبة'' كونها مغلقة وتفتقر للشمس والهواء، ورغم أن البعض لا يحبذ هذه المراكز ولا فكرة إنشائها إلا أن الجميع يعترف، بأنها أصبحت أمراً واقعاً لا مفر منه خاصة في فصل الصيف حيث يستحيل التنزه في الأماكن المفتوحة· عالم مصطنع الناضجون وكبار السن لا يحبون ولوج المراكز التجارية إذ تفقدهم القدرة على الإحساس بالزمن في ظل عالم نهاري مصطنع، ومنهم نبيل الزعيم الذي يقول: ''أنا لا أحب ''المولات'' لأنها تحجب الهواء، ولا أرتادها إلا للضرورة فأحصل على حاجتي ثم أغادرها بأسرع ما أستطيع''· أما الشباب فيجدون فيها كل ما يشتهون، من ألعاب الفيديو إلى البولينغ والبلياردو وأحدث أفلام السينما العالمية، في حين تجد الفتيات كل ما يردنه من ملبوسات على الموضة· لينا علي، مواطنة 16 عاما، تحب ارتياد المراكز التجارية في نهاية الأسبوع لتشتري أحدث الموديلات، وتنفق فيها كل مصروفها الشهري (3- 4 آلاف درهم)· نفس السلوك تمارسه عمتها، 23 عاما، التي كانت ترافقها للتسوق وقضاء يوم العطلة بأكمله في أحد ''المولات'' العملاقة، فهي تحب ارتياد المراكز التجارية عموما ومعجبة بكل ما فيها لأنه جميل، وهي المكان الأفضل للتسوق خاصة صيفا، ''صحيح أنه لا يوجد فيها شيء جديد ولكن أين نذهب ؟ فالزيارات العائلية أصبحت قليلة، وإذا أردت أن تزور أحداً فربما يكون مشغولاً وعليك أن ترتب موعداً قبل أيام، في حين أن ''المول'' يستقبلك في أي وقت''· بالطبع، يغري تنوع المعروضات ووفرتها وأسلوب عرضها في ''المولات'' المرتاد ويخلق داخله رغبة في الاستهلاك وشراء ما لا يلزمه، كما يجد نفسه متورطاً بالرغبة في التجديد وشراء الموديلات الأحدث· وهو ما تؤكده بشرى ضاهر التي تعترف بأن المراكز التجارية غيرت من سلوكها الاستهلاكي، بحيث تلقي بقائمة الاحتياجات المعدة سلفاً عرض الحائط وتشتري أشياء أخرى ليست بحاجة لها، أما ''الميزانية'' المرصودة للتسوق فتصبح بلا معنى بمجرد دخولها ''المول''· المواطنة أم محمد، ترى أن المراكز التجارية جيدة، فهي تجمع أغلب المحال والماركات العالمية المعروفة تحت سقف واحد وهذا أفضل من اللف في الشوارع والمحال الخارجية، كما أنها تحتوي على أماكن للعب الأطفال وتسليتهم· وتقضي أم محمد في المول 3 ساعات على الأقل، وتقول إن الأسعار ليست مرتفعة، أما معدل ما تنفقه فيها فيتراوح بين 7- 10 آلاف درهم شهرياً، وهو أمر معقول بالنسبة لها خاصة وأن البضاعة جيدة وتعمر طويلاً· ''نهم'' استهلاكي وتتشابه المراكز التجارية، ربما في العالم كله، بما تضمه من مقاهٍ ومطاعم وكافتيريات من حيث سطوة إغراء المعروضات، وهو ما ينتج حالة من ''النهم الاستهلاكي''، تجعل الفرد أسيراً لرغبة قوية في الشراء، بل تتحول ''المولات'' إلى أماكن للتعارف والمعاكسات بين الشباب والشابات· يقول أحدهم، إن المراكز التجارية أصبحت هدفا للشباب، يقضون فيها أوقات فراغهم بالفرجة على المعروضات وعلى من يتفرجن عليها من النساء! ولا يتوقف الأمر عند المعاكسات، بل يمتد إلى التعارف وتبادل أرقام الهواتف عند البعض· ولا تشبه ''المولات'' تلك الأسواق التقليدية التي اشتهرت بها المدن الكبرى لاسيما في المدن العربية، حيث كانت تتجلى قيم المشاركة من بيع وشراء ومقايضة وعادات وتقاليد السكان، وكانت الأسواق العربية، تعرف بأنها ساحات ثقافية يلتقي فيها الشعراء والخطباء والعلماء· أما اليوم فتحولت المدن إلى سوق كبير، ولم يعد للمدينة مركز محدد بعد أن أصبح لكل حي مركزه التجاري الخاص، هذا ما أشار إليه سعيد المزروعي، الذي يفضل الأسواق المفتوحة والتراثية، ويقترح على الدولة تطويرها وتحديثها بدل إعدامها كما هو حاصل اليوم· يقول سعيد: ''الأسواق الشعبية هي تراثنا وتقاليدنا العربية، ولكن لعدم وجود البديل عن ''المولات'' فنحن مضطرون لارتيادها من أجل الأولاد الذين يجدون فيها كل ما يشتهون، ونحن، في النهاية، نرضخ لرغباتهم، علما بأن الأسعار في المراكز التجارية مبالغ فيها، ناهيك عن نوعيات البضاعة المعروضة فهي كلها أوروبية، في الوقت الذي تفتقر فيه للملابس المحتشمة والمستورة''· ثقافة الترفيه لقد أوجدت تلك المجمعات التجارية ثقافة جديدة في المدينة هي ثقافة الترفيه الداخلي، بحيث أصبح كل مركز عالم مغلق على رواده، ولم يعد على ساكن المدينة أن يتعرف على كل أجزائها، فيكفيه المركز التجاري القريب من محل سكنه أو عمله، وإذا تأملنا الأمر، وجدنا أن المراكز التجارية أصبحت واقعا وجزءًا من الحياة العصرية بالإضافة إلى أنها تلائم بيئة الخليج الحارة جدا، وهو ما ردده أغلب الذين التقيناهم· يرى محمد المشغوني، أن المراكز التجارية هي خير مكان للتجمع والالتقاء خاصة في فصل الصيف، حيث يمكن الجلوس والاســــــترخاء، أما بالنســــبة للتبضع فالأسعار مضاعفة عنها في المحال الخارجية، وليس بالضرورة أن أشتري منها· ونحن مجموعة من الأصدقاء نلتقي صباح يوم الخميس في المراكــــز التجارية نحتسي القهوة، أما في الأيام العادية فمشغولون في أعمالنا· ويقول حسن الشحي: ''المول'' هو المكان الوحيد الذي تستطيع أن تفعل فيه كل شيء في نفس المكان، فأنت تتمشى وتتسوق وتأكل وتجلس وتلتقي بالأصدقاء لأنه مكان مكيّف، وهو في الصيف الخيار الوحيد بدلا عن البيت والسفر، وبسبب الخيارات المتنوعة التي توفرها يقصدها الناس في نهاية الأسبوع· من جانبها تقول أمل زنجي، لقد أصبحت المراكز التجارية أمرا واقعا مفروضا علينا، وهي المتنفس الوحيد في صيف الإمارات، خاصة وأن الحياة الاجتماعية شبه معدومة، والعمل يستنفذ الكثير من الوقت، كما أن الشقق غالبا صغيرة وغير مهيأة لاستقبال الضيوف، والمركز التجاري يصبح هو الوجهة المثالية للعائلة في العطلة الأسبوعية· وعلى كل حال المراكز التجارية لا تفرض عليك سلوكاً أنت لا تريده، وأرتادها للالتقاء بصديقة مثلا أو لتناول كوب من الشاي خلال فترة الاستراحة من العمل، أما بالنسبة للتسوق فهي لا تغريني ولست من المولعين باقتناء الماركات العالمية الشهيرة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©