السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شعبان يتوسط شهرين لهما مكانتهما في الإسلام

شعبان يتوسط شهرين لهما مكانتهما في الإسلام
14 يوليو 2011 19:27
شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يتوسط شهر شعبان بين شهرين لهما مكانتهما في الإسلام، أحدهما: شهر رجب وهو من الأشهر الحرم التي تحدث عنها القرآن الكريم، وبين مكانتها، كما في قوله تعالى : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) “سورة التوبة، 36”، (أي منها أربعة شهور محرمة هي: ذو العقدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب، وسميت حرماً لأنها معظمة محترمة تتضاعف فيها الطاعات ويحرم القتال فيها) “صفوة التفاسير للصابوني 1/534”، كما تحدثت السنة النبوية الشريفة عن فضله ومكانته، فقد روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب في حجته فقال: (ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان) (أخرجه أحمد في مسنده). وثانيهما: شهر رمضان المبارك الذي شرفه الله تعالى بأعظم نعمة في هذا الكون، وهي بدء نزول القرآن الكريم على سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حيث شرَّف الله سبحانه وتعالى ليلة القدر بنزول القرآن الكريم فيها، فقد جعل لها سورة كاملة باسمها، كما وجعلها خيراً من ألف شهر كما في قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) “سورة ليلة القدر 1 - 5”، ومن المعلوم أن أول آيات نزلت على رسولنا - صلى الله عليه وسلم - هي قوله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) “سورة العلق، الآيات، 1 - 5”. ومن نفحات هذا الشهر أنه يقوي من إيمان المؤمن حتى يكون أهلاً لاستقبال شهر رمضان وهو قوي العقيدة ثابت الإرادة. وشهر شعبان شهر كريم ترفع فيه الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى، لذلك كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يصوم معظم أيام هذا الشهر، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال: (قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم في شهر من الشهور كما تصوم في شعبان، قال - عليه الصلاة والسلام -: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، فيه ترفع الأعمال إلى الله، وأحب أن يرفع عملي إلى الله تعالى وأنا صائم) “أخرجه النسائي”. كما وورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم فيه أكثر مما يصوم في غيره من الشهور، حيث ورد أنه - صلى الله عليه وسلم -: (لم يكن يصوم من شهر أكثر من شعبان، فإنّه كان يصوم شعبان كله، وفي روايةٍ: كان يصوم شعبان إلا قليلاً) “أخرجه النسائي”. إن شهر شعبان حافل بالذكريات الإسلامية العظيمة فهو الشهر الذي انتصر فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بني المصطلق، وفيه تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حفصة بنت عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -، كما فرض الله فيه في السنة الثانية من الهجرة صيام شهر رمضان، وفيه أيضاً شرعت زكاة الفطر وفرضت زكاة المال. ومما أكد عظمة هذا الشهر ذلك الحدث العظيم وهو تحويل القبلة من المسجد الأقصى المبارك ببيت المقدس إلى الكعبة المشرفة بمكة المكرمة، بعد أن ظلَّ المسلمون يستقبلون بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً منذ هاجر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، فقد ورد عن البراء قال: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يُحَوّل نحو الكعبة، فنزلت: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء) “سورة البقرة، الآية، 144”، فَصُرف إلى الكعبة. فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان قبل ذلك يصلي إلى بيت المقدس، كما كان الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - قبله يُصلّون، وكان وهو في مكة يحاول أن يجمع بين الأمرين، فكان يصلي بين الركنين: بين الحجر الأسود والركن اليماني، فتكون الكعبة أمامه ويكون أيضاً بيت المقدس أمامه، ولكنه تعذر عليه ذلك حينما هاجر إلى المدينة المنورة، فكان يتمنى من قلبه أن يوجه إلى قبلة أبيه إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -، لأنه - صلى الله عليه وسلم - (كان يحب أن يُحوّل نحو الكعبة، وينظر إلى السماء دون أن ينطق لسانه بشيء، حتى هيّأ الله له ما أحب ورضي، ونزل في ذلك قوله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا...) “تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1/264”. إن تحويل القبلة من قبلة المسلمين الأولى بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، يشتمل على درس مهم، وهو الصلة الوثيقة بين المسجدين الشريفين، حيث ربط الله سبحانه وتعالى بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى في الآية الأولى التي افتتحت بها سورة الإسراء: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْـمَسْجِدِ الْـحَرَامِ إِلَى الْـمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) “سورة الإسراء الآية، 1”، وذلك حتى لا يفصل المسلم بين هذين المسجدين، ولا يفرِّط في واحد منهما، فإنّه إذا فرّط في أحدهما أوشك أن يُفَرّط في الآخر، فالمسجد الأقصى ثاني مسجد وضع لعبادة الله في الأرض، كما ورد عن الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - قال: قلت يا رسول الله، أيُّ مسجد وضع في الأرض أولاً؟ قال: “المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون عاماً”، “أخرجه البخاري”، كما وربط الله سبحانه وتعالى بين المسجدين حتى لا تهون عندنا حرمة المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، وإذا كان قد بارك حوله، فما بالكم بالمباركة فيه؟!! وفي ذلك تذكير للأمة الإسلامية بوجوب العمل على تحرير المسجد الأقصى المبارك والمحافظة عليه، وجدير بأمتنا الإسلامية التي لها ربٌّ واحد، ورسول واحد - صلى الله عليه وسلم -، وكتاب واحد هو القرآن الكريم، وقبلة واحدة، أن تكون على قلب رجل واحد، خصوصاً في هذه الأيام العصيبة من تاريخ الأمة، حيث يتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - حيث يقول: “يوشك أن تتداعى عليكم الأمم، كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير؛ ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم؛ وليقذفن في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا، وكراهية الموت” “أخرجه أبو داود”. فالحديث يشير إلى مؤامرة دولية، تتداعى فيها الأمم على المسلمين الذين أصبحوا لقمة سائغة لكل طامع، وهذا ما يصدقه الواقع الذي نعيشه، حيث تتعرّض الأمة لهجمة شرسة من أعدائها، فقد احتلت أرضها وسلبت ثرواتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وما أحرانا نحن أبناء الأمتين العربية والإسلامية ونحن نعيش ذكرى تحويل القبلة، والربط الوثيق بين المسجد الأقصى والمسجد الحرام، أن نتذكر المؤامرات التي تحاك ضد المسجد الأقصى المبارك، وعمليات الحفر أسفله، وبناء جدار الفصل العنصري، وما يجرى يومياً من اغتيال لأبناء شعبنا، ناهيك عن الاعتقالات، ومصادرة الهويات، ومحاولات طرد المقدسيين، وعمليات الهدم والتجريف والتدمير، وما هدم بيوت المقدسيين في سلوان وشعفاط والشيخ جراح، وبناء عشرات الآلاف من الوحدات الاستيطانية للمستوطنين في القدس من أجل إحداث تغيير ديموغرافي لصالح اليهود عنا ببعيد! لذلك يجب علينا أن نكون على قلب رجل واحد!. وأن نتراحم فيما بيننا! فالراحمون يرحمهم الرحمن، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، كما ونتضرع إلى الله سبحانه وتعالى قائلين: اللهم اجمع شملنا، ووحد كلمتنا، وألف بين قلوبنا، وأزل الغلَّ من صدورنا يا ربَّ العالمين. بقلم الشيخ الدكتور / يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبـارك www.yo sefsalama.comخطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة www.yo sefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©