الرجال أيضاً··· يتجملون!

لشدة افتتانه بنفسه، اعتاد ''نارسيس'' ذاك الأمير الروماني الجميل على تأمل صورته يومياً على سطح البحيرة، وكان يستغرق في تأمل صورته بافتتان إلى أن سقط ذات يوم في البحيرة و··· غرق! ومكان نارسيس الغارق نبتت زهرة النرجس، ليتحول نارسيس أو نرجس أسطورة للرجل الجميل المفتتن بنفسه، وليتأسس بعد ذلك مصطلح ''النرجسية'' التي تعني ضمن ما تعني، عشق الذات، لكن نرجس لم يكن الرجل الوحيد الذي دونت الأساطير الشعبية صفات جماله في تاريخها فكازانوفا أيضا كان جميلاً يفتن النساء بنظرة، ويتحلق حوله الرجال الكارهين لجماله والنساء المنبهرات به، حتى انه واجه حكم الإعدام لهذا السبب، وبالرغم من توالي السنين الكثيرة وانتهاء عصر نرجس وكازانوفا ودون جوان وغيرهم إلا أن أحفادهم ما زالوا هنا، يمسكون بالمرآة ويتتبعون نضارة بشرتهم وقصة شعرهم وتألق وجوههم بكل اهتمام· فتحية البلوشي: تصوير - عبد العظيم شوكت: لا يقتصر الجمال على الرجل أو المرأة، بل يعتبر أمراً مرغوباً من الجنسين، لكن علاقة المرأة به تختلف، إذ عادة ما يقود الجمال إلى ''التجمّل والتجميل'' وما بينهما من ممارسات تجميلية تتضمن العناية بالبشرة والشعر والأظافر وغيرها، في حين ظل الجمال بالنسبة للرجل له معايير مختلفة تتجاوز جمال الشكل وتركز على الجانب المعنوي، بيد أن الرجل في الآونة الأخيرة التحق بقطار ''التجمل والتزين'' الذي يركز على الجمال الخارجي وازداد اهتمام الرجال بفن التجميل، وتبع ذلك افتتاح العديد من مراكز التجميل المتكاملة الخدمات في المدن، وصار من المألوف جداً أن يقضي رجل ما عدة ساعات في مركز التجميل ليتمتع بخدمات تنظيف البشرة وحمامات الزيت والبديكير والمساج وغيرها! نظافة وأناقة يقول سليم مطرّيه مدير مركز فيدال لتجميل الرجال: يعتبر اهتمام الإنسان بزينته ونظافته من الفطرة، ولا يختلف على ذلك اي رجل أو امرأة، ومثلما تحب المرأة أن تبدو جميلة متألقة البشرة يحب الرجل أيضاً أن يكون مكتمل الأناقة بالنظافة والاهتمام· لذا ليس من المستغرب أن تجتذب مراكز التجميل العديد من الزبائن الذين يصبحون عند ارتياحهم لخدمات مركز ما زبائن دائمين له''· ويعتبر مطرّيه أن الرجل الشرقي كان ينظر لفترة طويلة للجمال كصفة من صفات الأنوثة لكن الحقيقة التي تفيد بأن الجمال ليس بمساحيق التجميل فقط، هو الذي دفع الكثيرين لإعادة النظر في هذه النظرة· وتنقسم خدمات مراكز التجميل الرجالية لعدة أقسام أهمها: العناية بالبشرة والعناية بالشعر والمساج والحمامات العربية أو السونا وهي الخدمات التي يهتم الرجل بالحصول عليها بصفة دورية· العناية بالشعر ويتابع سليم: ''كان مفهوم العناية بشعر الرجل لفترة قريبة يعني حلاقة الشعر وتشذيب اللحية، لكن هذا المفهوم صار قديما الآن، فمع التطور العصري وازدياد معدلات الإصابة بالصلع بدأ الرجال يهتمون بالناحية العلاجية لمشاكل الشعر أيضاً، ويقبل الكثير من الرجال على القيام بحمامات الزيت وتغذية الشعر وعلاج القشرة بواسطة أمبولات علاج الشعر من القشرة وأمبولات إيقاف تساقط الشعر· كما يقبلون على عمليات إزالة الشعر من الأماكن غير المرغوب فيها سواء بالليزر أو بالطرق المعتادة (الواكس مثلا)، وهناك برنامج عناية بفروة الرأس لزيادة نمو الشعر أو استعادة إنباته في المناطق التي تتعرض للصلع، ويتم بعد فحص الشعرة مخبريا عبر جهاز خاص· بالإضافة الى العناية بالشعر، دخل مفهوم ''تغيير اللوك أيضا''، فهناك خدمات صبغ الشعر بالحناء أو بالصبغات الملونة، وخدمات ''هاي لايت'' لبعض خصل الشعر وخدمات تمليس الشعر المتجعد· العناية بالقدمين لم يبق الأمر قاصراً على العناية بالشعر بل امتد إلى العناية باليدين والقدمين ''البديكير''، وهي من الخدمات التي تلقى إقبالا لأن ظروف العمل الرجالية التي تتسم بالخشونة وكذلك طريقة لبس الصنادل الرجالية في الإمارات ''النعول''، تضغط على كعب القدم وتسبب تشققه الأمر الذي قد يؤدي لبعض الأمراض البكتيرية، لذا يقبل الرجال على عمليات تنظيف القدم وحك الجلد الميت واستخدام شمع البرافين لحماية القدم وتنعيم الكعب المصاب، ناهيك عن العناية بمنطقة الأظافر المعرضة للكثير من الصدمات والضربات مع ارتداء النعال· العناية بالوجه أما العناية بالوجه، فقد تجاوزت أيضا حدود تشذيب اللحية وترتيب الشارب الذي يعد ميزة رجالية خالصة ومفتاحا لشخصية صاحبه، وصار الاهتمام بإزالة الجلد الميت ومعالجة البثور وجفاف البشرة وإزالة البقع وحب الشباب واحدا من أهم اهتمامات الرجل الإماراتي الذي يرغب بالطبع في إطلالة جيدة على المجتمع، كذلك وضع أقنعة الترطيب والعناية وأقنعة الطين لتنظيف وتنعيم البشرة من الخدمات التي يقبل عليها الشباب· وللجسد نصيبه وبالنسبة للعناية بالجسد، فهناك حمامات البخار العربية والتدليك العربي والتايلاندي بواسطة الزيوت الطبيعة، وهناك أيضا ماسكات الطين من البحر الميت التي تساعد الجسد على التخلص من السموم، وتساهم في عملية تقشير الخلايا الميتة ومساواة لون الجسد مثلما تساعد على عملية الاسترخاء والتخلص من الضغط النفسي للحياة العصرية· وعن خدمات العرسان يتابع مطرّيه: ''صار العريس مطالبا بالاهتمام والتجمل لعروسته مثلما هي العروس، ولأنها ليلة العمر، يمر العريس بمراحل عناية وترتيب تشمل جسده بأكمله ووجهه وشعر رأسه حتى يبدو بأفضل حلة، وكإضافة خاصة يغسل العريس بحمام الورود الذي يجعل رائحة الورد تفوح منه لعدة أيام بعد الزفاف''· نظرة قديمة ويوافق محمد وهيب الذيب مدير مركز فيم للعناية بالرجل على ما قاله زميله، ويتابع: ''لوقت قريب كان اهتمام الرجل بشكله وجماله يثير جدلاً بين الرجال قبل النساء، وكانت الضريبة أن يكون المنظر الرجولي الكامل خاليا من مظاهر الاهتمام بالجسم، لكن هل كان هذا الوضع يروق للناس فعلا؟''· ويجيب على سؤاله بالنفي، مؤكداً أن ''ديننا الإسلامي يحدثنا على النظافة والتأنق، والتطور العصري جعل النظافة سمة أساسية من سمات الشخصية المحبوبة، لذا لم يكن اهتمام الرجل بنفسه عبثا بل هو امتداد لشخصيته بين الناس''· ويتابع الذيب: ''إن أجسادنا معرضة للضربات وللتجرح ولتقشر الجلد أكثر من باقي الجسم المغطى لكننا لا نعيرها أي اهتمام، في حين أن اليدين هما الواجهة الأولى لتعاملنا مع أي شخص، والاهتمام بها يحمي الرجل من وجود أي بكتيريا أو نمو الأظافر منغرسة في الجلد أو حتى تشقق الكعبين· تقشير وتنظيف ويصف عمليات تقشير البشرة و''الفيشال'' بأنها إعادة تأهيل لرونق الوجه، وتخفيف للتجاعيد الصغيرة التي تهاجم الرجال بسبب الإرهاق والتعرض لأشعة الشمس أو حتى تقدم العمر، وتساهم أيضا في التخلص من آثار حب الشباب والحروق وعلامات الجدري، خاصة إذا تكاملت مع وضع أقنعة تجميل طبيعية تساعد على تخلص البشرة من السموم وتنقيها من الشوائب والبثور والرؤوس السوداء· ويؤكد محمد الذيب على أن التطور العلمي وفر فرصا أفضل للعناية بالشكل، فمثلا مع توفر أجهزة الليزر لإزالة الشعر صار من المعتاد خضوع الرجال لعمليات إزالة الشعر من بعض الأماكن غير المرغوب فيها مثل: فوق الأنف وبالقرب من العينين وفي العنق، مما وفر فرصا أفضل للشباب كي يظهروا بأحسن صورة·