الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عمرو بن العاص لقبّه عمر بن الخطاب بأرطبون العرب لدهائه وقدرته القتالية

14 يوليو 2011 19:28
أبوظبي (الاتحاد)- داهية العرب عمرو بن العاص، أحد القادة المهمين في تاريخ الدعوة الإسلامية، والذين أبلوا بلاء حسناً في مواقف ومواقع كثيرة، سجلت اسمه بحروف من ذهب في سجل التاريخ الذين ما فتئ التاريخ يذكرهم عند رواية تاريخ الأفراد المؤثرين في مجرياته عبر العصور. ولعل من أبرز مواقف ابن العاص التي بينت مدى حكمته ودهائه، ما فعله حيال أحداث الفتنة الكبرى التي ظهرت بين كل من الإمام علي رضي الله عنه والخليفة معاوية بن أبي سفيان، فبعد أن قتل عثمان بن عفان سار عمرو بن العاص إلى معاوية بن أبي سفيان وشهد معه معركة صفين، ولما اشتدت الحرب على معاوية أشار عليه عمرو بن العاص بما عرف عليه من دهاء بطلب التحكيم ورفعت المصاحف طلباً للهدنة. ولما رضي علي بن أبي طالب بالتحكيم، وُكِّل عمرو بن العاص حكماً عن معاوية بن أبى سفيان، كما ووُكِّل أبو موسى الأشعري حكماً عن علي بن أبي طالب. اتفق الحكمان أن يجتمع من بقي حياً من العشرة المبشرين بالجنة ويقرروا مصير قتلة عثمان. واتفق الحكمان عمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري على أن يخلعا كلا من علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، ويجعلوا اختيار الخليفة شورى بين المسلمين، وبذلك تنتهي الفرقة التي حدثت في العالم الإسلامي، ففي اليوم التالي لاتفاقهم على تنحية علي ومعاوية، وجعل الأمر شورى بين المسلمين، دعا أبو موسى عمراً ليتحدث ويعلن للناس ما انتهت إليه المفاوضات، فأبى عمرو قائلاً: “ما كنت لأتقدمك وأنت أكثر مني فضلاً وأقدم هجرة وأكبر سناً” ... وتقدم أبو موسى، وقال: “يا أيها الناس، إنا قد نظرنا فيما يجمع الله به ألفة هذه الأمة ويصلح أمرها، فلم نر شيئاً أبلغ من خلع الرجلين - علي ومعاوية - وجعلها شورى يختار الناس لأنفسهم من يرونه لها، وإني قد خلعت علياً ومعاوية، فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من أحببتم”... وجاء دور عمرو بن العاص ليعلن خلع معاوية كما تم الاتفاق عليه بالأمس، فصعد المنبر، وقال: “يا أيها الناس، إن أبا موسى قد قال ما سمعتم، وخلع صاحبه، ألا وإني قد خلعت صاحبه كما خلعه، وأثْبِت صاحبي معاوية، فإنه ولي أمير المؤمنين عثمان والمطالب بدمه، وأحق الناس بمقامه”. وبعد انتهاء التحكيم وتولي معاوية الخلافة طلب منه عمرو بن العاص أن يجعله والياً على مصر، وبالفعل ولاه معاوية ولاية مصر وأعطاه خراجها لمدة ست سنوات وظل والياً لها حتي مات بها. وبعيداً عن وقائع الفتنة الكبرى وما شهدته من لغط كبير على مر التاريخ، فإن التاريخ يشهد لعمرو، أنه كان أحد ولاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، ومعاوية بن أبي سفيان، وأنه كان إداريًا لامعاً، من ألمع الإداريين المسلمين. ويذكر له، أنه كان عالماً في الدين الحنيف، محدِّثاً، فقيهاً، مجتهداً، وكان من أصحاب الفُتيا من الصحابة، وكان قارئاً متقناً للقرآن الكريم، كما كان سفيراً فذّاً، استطاع أن يستقطب أهل عُمان، شعباً ومَلِكاً، ويجعلهم يعتنقون الإسلام، وينتهون عن الشرك. وقد أطلق عليه الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقب “أرطبون العرب”، لما له من دهاء وقدرة عسكرية فذة مكنت المسلمين من فتح القدس وتخليص أهلها من ظلم الروم، وذلك بعد هزيمة قائد عسكري رومي اشتهر بالدهاء وحمل اسم “أرطبون”. حيث قال ابن الخطاب حين أرسل ابن العاص لفتح بيت المقدس: رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب - يعني عمرو بن العاص. ظل عمرو يتربص بالأرطبون زمناً فلا يجد فرصة لذلك، وكان يرسل إليه الرسل ليعرف أمره فلا تشفيه الرسل، فقرر أن يلقاه بنفسه مدَّعياً أنه رسول عمرو بن العاص إليه. دخل عليه وأبلغه ما يريد، وسمع كلامه وتأمل حضرته، وقال الأرطبون في نفسه: والله إن هذا لعمرو أو أنه الذي يأخذ عمرو برأيه. فقرر قتله، وأحس عمرو بذلك فقال للأرطبون: أيها الأمير إني قد سمعت كلامك وسمعت كلامي، وإني واحد من عشرة بعثنا عمر بن الخطاب لنكون مع هذا الوالي لنشهد أموره، وقد أحببت أن آتيك بهم ليسمعوا كلامك، ويروا ما رأيت. فطمع الأرطبون أن يقتلهم جميعاً، فقال له: نعم فاذهب فأتني بهم، فقام عمرو فذهب إلى جيشه، وعلم الأرطبون بعد ذلك أن الرسول كان عمراً، فقال: خدعني الرجل، هذا والله أدهى العرب. ويذكر أن عمرو بن العاص فتح مصر وكان أول قائد مسلم يتولى حكمها وله كثير من المنجزات فيها، منها نشر العدل في البلاد، أطلق للأقباط حرية العقيدة الدينية، لم يجبر أحداً على الدخول في الإسلام بقوة، أسس مدينه الفسطاط، أول عاصمه إسلامية لمصر بجوار حصن بابليون بدلاً من الإسكندرية، بنى أول مسجد بمصر، وهو المسجد المعروف (جامع عمرو بن العاص)، ثم توفاه الله في مصر عن عمر ثلاثة وتسعين عاماً، ودفن بالقرب من جبل المقطم في مدينة القاهرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©