تراجعت أسعار السلع على نطاق واسع خلال الربع الثاني في ظل عدم اليقين الذي يسود اقتصاد العالم والمخاوف المتعلقة بضعف الطلب. وكان البن من بين أكثر المتأثرين حيث تراجع سعره بنسبة 6,8% مما قضى على الاعتقاد الذي ساد لوقت طويل في أنه من المحاصيل التي تصمد في وجه الأزمات.
وتعرض البن لضغوطات من كافة الجوانب لعدد من الأشهر، حيث استمرت أسعاره في التراجع طيلة العام في توقع أن تحقق البرازيل محصولاً قياسياً بوصفها أكبر دولة لزراعة المحصول في العالم. علاوة على ذلك، تقلص الطلب نتيجة تأجيل شركات التحميص شراء البن الممتاز في وقت قلل فيه المستهلكون تناول القهوة في بعض الأسواق.
وانخفضت أسعار البن خلال الربع الثاني بنحو 12,35% إلى 1,7 دولار للرطل الواحد. وانتعشت الأسعار نسبياً عند نهاية يونيو الماضي، إلا أنها لا تزال دون الذروة بنسبة قدرها 44% والتي حققتها في مايو 2011 بسعر 3 دولارات للرطل. وبلغ تراجع أسعار البن خلال السنة الحالية حتى الآن 25%.
وتأثرت أسعار البن بعدة عوامل من بينها الضعف الذي أصاب الاقتصاد العالمي في الربع الثاني نتيجة لأزمة الديون الأوروبية، حيث دخلت رسمياً 13 بلداً دائرة الركود. كما تعرض نمو اقتصاد الصين للبطء في حين ظل تعافي الاقتصاد الأميركي متعثراً. ويعكس تراجع أسعار البن هذه السنة، أنه من الصعب لأي سلعة تفادي التداعيات الاقتصادية بصورة كلية. وتقول الحكمة التقليدية للمستثمرين في السلعة، إن طلب البن سيستمر في صموده خلال الدورات الاقتصادية المقبلة، بيد أنه ليس هناك من يتوقف عن تناول القهوة حتى في أوقات الشدة.
وبتفاقم أزمة الديون الأوروبية، تراجع طلب البن في بعض الدول، حيث انخفض عدد المتناولين للقهوة في بريطانيا بنسبة 6,7% في 2011، وبنحو 2,6% في إسبانيا و1,6% في إيطاليا، وذلك وفقاً للبيانات الأولية الواردة من “المنظمة الدولية للبن”. أما على الصعيد العالمي، ارتفع الاستهلاك بنحو 1,7% في 2011، أي أقل من متوسط النمو السنوي عند 2,5% منذ العام 2000.
وتأثر البن الممتاز أو صنف “أرابيكا” جراء التغيير الذي يطرأ على أذواق المستهلكين. وفي حين تجاوزت الأسعار الضعف في “بورصة العقود الآجلة” الأميركية بين 2010 و 2011، بدأت شركات التحميص ومستهلكو القهوة في التحول من الصنف الممتاز مثل “أرابيكا” إلى الأقل منه جودة مثل “روبوستا”، بغرض تحقيق الأرباح أو تقليل الإنفاق. وانخفضت صادرات “أرابيكا” خلال الاثني عشر شهراً المنتهية في مايو الماضي، بنحو 6,1%، بينما ارتفعت صادرات الصنف الآخر “روبوستا” بنسبة قدرها 6,8%.
وارتفع سعر الطن المتري لصنف “روبوستا” في بورصة “ليف” بلندن 3,5% إلى 2,103 ألف دولار في الربع الثاني، في حين حققت ارتفاعاً قدره 19% خلال السنة. ويحتوي هذا النوع على ضعف كمية الكافيين الذي يوجد في “أرابيكا”، كما يتميز بنكهة أقوى. وجذبت التحولات في الأسعار العديد من المستثمرين لسوق البن.
وارتفع حجم سوق العقود الآجلة منذ نهاية السنة الماضية بنسبة كبيرة بلغت 55% وذلك فيما يتعلق بعدد العقود الآجلة المستحقة، قبل أن تواجه انخفاضاً في الآونة الأخيرة بنحو 15%.
ومن المتوقع أن تنخفض أسعار البن في البرازيل خلال موسم الحصاد الذي بدأ في مايو وينتهي في سبتمبر. وتشير التقديرات بأن يكون حصاد هذا الموسم الأكبر في تاريخ البرازيل، التي تشكل ثلث إنتاج العالم من البن. وزاد المزارعون البرازيليون من مساحة الرقعة المزروعة ومن الأسمدة المستخدمة نظراً لارتفاع الأسعار في العام الماضي. لكن أرجأ الكثيرون منهم عمليات البيع أملاً في تعافي الأسعار.
ومن المنتظر أن يبدأ البرازيليون في البيع في غضون الأشهر القليلة المقبلة لتعاود الأسعار الارتفاع مجدداً.
وتشير التقديرات إلى تراجع مخزون البن العالمي كنسبة من الاستهلاك بنحو 21,5% عند نهاية سنة المحصول الحالية، وهي أقل نسبة منذ 12 سنة. كما من المتوقع أن يرتفع طلب “أرابيكا” بصورة واضحة خلال الربعين المقبلين.
نقلاً عن: وول ستريت جورنال
ترجمة: حسونة الطيب
عدد اليوم
