الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعدد العرقي في ماليزيا··· نموذج يبحث عن فرص

التعدد العرقي في ماليزيا··· نموذج يبحث عن فرص
10 فبراير 2008 23:44
يختص هذا المتجر الهندي الواقع في أطراف العاصمة الماليزية كوالالمبور في تجارة التوابيت بمختلف أحجامها؛ فالمقاسات العادية منها تكاد تغلق المدخل إلى المحل، بينما تراصت توابيت الأطفال في الأرفف، واحتلت الأخرى الكبيرة الحجم المخصصة لطوال الموتى الجزء الخلفي من المتجر· غير أن هذا التنوع في أحجام التوابيت وأشكالها وتصميماتها لا يماثله تنوع مشابه في الزبائن المحتملين لها، إذ لا تستهدف هذه البضاعة أي فئة اجتماعية أو عرقية أخرى سوى الهنود، كما يقول ''أرو مانيام'' صاحب المتجر، ففي الموت كما في الحياة يفرق الانتماء العرقي بين الماليزيين· ولكل واحدة من العرقيات الكبرى الثلاث: الملايا والصينيون والهنود، أحزابها السياسية ومدارسها وصحفها الخاصة· وفي حالة الملايا على وجه الخصوص، فإن لهم نظامهم التشريعي الإسلامي الخاص بهم أيضاً؛ وعلى امتداد عدة سنوات استمر الترويج لهذا الفصل العرقي باعتباره أفضل صيغة لتحقيق الانسجام الاجتماعي لدولة طالما تباهت بالإعلان عن نفسها بأنها ''دولة آسيوية حقيقية''، بسبب التنوع العرقي الذي تتسم به· غير أن ذكريات أحداث العنف العرقي التي شهدتها ماليزيا في عام ،1969 إنما تقف شاهداً على ضعف وهشاشة تداخل العلاقات الثقافية بين هذه المجموعات، حيث أسفرت تلك الأحداث عن مصرع ما يقارب الـ200 ضحية لموجة العنف تلك· اليوم تتصاعد تارة أخرى موجة جديدة من التوترات العرقية، يدفعها هذه المرة ولو جزئياً، تنامي السخط الهندي من الخسارة التي حاقت بعرقيتهم في معركتها الطويلة الأمد مع العرقيتين الأخريين من أجل السلطة والامتياز والحقوق الدينية؛ ففي نوفمبر من العام الماضي، نظمت العرقية الهندية التي تشكل نسبة تزيد على 10 في المائة بقليل من إجمالي سكان البلاد البالغ تعدادهم نحو 25 مليون نسمة، موكباً احتجاجياً جاب العاصمة كوالالمبور، في أول تظاهرة عرقية من نوعها منذ أحداث عام ،1969 رفعوا خلالها رموزاً وشاراتٍ تشير إلى تقدمهم بدعوى قضائيـــــة تهــــدف إلــــى تعويضهــــم بمـــا قيمتـــــه 4 تريليونات دولار أميركي من الحكومة البريطانية، لكونها الحاكم الاستعماري السابق للبلاد، وذلك لجلبها للعمالة الهندية إلى ماليزيا ومواصلة استغلال الهنود على امتداد 150 عاماً، ثم السماح بإبقائهم في هامش المجتمع الماليزي في مرحلة ما بعد الاستقلال، لقد تصدت قوات الشرطة للمتظاهرين وفرقتهم بواسطة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع، بينما لا تزال تواصل احتجاز خمسة من ممثلي منظمة ''قوة عمل الحقوق الهندية'' وهي المظلة الواسعة المنظمة للموكب المذكور· على رغم أن الدعوى القضائية التي رفعها المشاركون في الموكب تتعلق بشكل رئيسي بالمظالم التاريخية للعرقية الهندية، إلا أن لشكاواها جذورها في الصراع اليومي الذي تشهده البلاد، خاصة بين الأقلية الهندية وأغلبية الملايا، هناك بعض الهنود الأثرياء بالطبع، إلا أن غالبية المواطنين الهنود العاملين في مجال صناعات الإسفنج يعانون من فقر مدقع بينما لا يتمتع أطفالهم بالتعليم اللائق، ويكثر استخدام غالبيتهم في المهن الدنيا الوضيعة· وعلى حد قول ''تشارلس سانتياجو'' المنسق الخاص لمجموعة ''المواطنون المهتمون'' وهي منظمة تسعى لإيجاد حلول سلمية توافقية لمشكلة تنامي النزاع العرقي هناك، فإن ماليزيا دولة باحثة عن روحها وذاتها، أي أنها تبحث عن القواسم المشتركة بين مواطنيها؛ أما رئيس الوزراء ''عبدالله أحمد بدوي'' -مسلم ينتمي لأغلبية الملايا- فقد سعى مؤخراً لاسترضاء الهنود والتخفيف من نقمتهم بالإعلان عن مهرجان ''تايبوسام'' الهندي الذي جرى الاحتفال به في الثالث والعشرين من يناير المنصرم، عطلة رسمية فيدرالية في كافة أنحاء البلاد· وفي الوقت نفسه جرى تأجيل الحكم في دعوى قضائية تتعلق بمراسم الدفن الواجب إجراؤها لمواطن هندوسي قيل إنه اعتنق الإسلام إلى أجل غير مسمى بالنظر إلى حساسية القضية نفسها، طالما أنها تتعلق بما إذا كان ينبغي دفنه وفقاً للشعائر الهندوسيـــة أم الإسلامية؟ غير أن من رأي المحللين أن التوترات العرقية ربما تزداد حدة، كلما اقتربت البلاد من معركتها الانتخابية العامة المرتقبة، التي يسود الاعتقاد أنها ستجرى في شهر مارس المقبل، وتشير استطلاعات الرأي العام السابقة لهذه الانتخابات، إلى أن الناخبين الصينيين والهنود قد سئموا عجز حكومة تحالف التعدد العرقي الحالية عن تحقيق تكافؤ الفرص بين شتى المجموعات العرقية، ما حدا بهم إلى التحول نحو تأييد المعارضة بدلاً منها· وهذا ما دعا المحللة بريدجيت ويلش -المتخصصة في السياسات الماليزية بقسم الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز- إلى القول: ''لا مجال للشك في أن تتسم الحملة الانتخابية المقبلة بطابع عنصري''، وقد كشفت نتائج استطلاعات الرأي المعلنة في أواخر الشهر الماضي، والتي أجراها ''مركز ميرديكـــا'' -مؤسسة ماليزية مستقلة لاستطلاعات الرأي- عن أن نسبة 38 في المائة من الناخبين الهنود، و42 في المائة من نظرائهم الصينيين، تؤيد أداء رئيس الوزراء ''عبدالله بدوي''، مع العلم أنها أضعف نسب تأييــد حظي بها خلال السنــوات الخمس الماضية من توليـــه للمنصـــب، يذكر أن المجموعتين الهندية والصينية معاً، تشكلان حوالي 35 في المائة من إجمالي السكان الماليزيين· ويفسر هـــذا الانخفــــاض الكبير في نسب تأييد هاتين المجموعتين للحكومة، بعدم الرضا عن أدائها في قضايا العرقية والمساواة· يذكر أن التوترات العرقية في ماليزيا تعود إلى القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، حين تم استجلاب العمالة الصينية والهندية إلى ما كان يعرف حينها بجزر الملايا، للمساعدة في دفع ماكينة الاقتصاد الاستعماري الذي كانت تديره بريطانيا العظمى· ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
المصدر: كوالالمبور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©