السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحجاب في تركيا··· كفاح مرير

الحجاب في تركيا··· كفاح مرير
10 فبراير 2008 23:45
ترى السيدة ''فاطمة بينلي'' المحامية التركية، والناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، أن الجدل الدائر حول الحجاب الإسلامي في تركيا قد وصـــل إلى درجة غير مسبوقة ومزعجة في الآن ذاته؛ وعلى رغم أن ''بينلي'' البالغة من العمر 34 عاما، ترتدي حجابا إلا أنها تفضل أن تتحدث عن أشياء أخرى تهمها أكثر كناشطة في مجال حقوق المرأة· ولتوضيح وجهة نظرها قالت لي ''بينلي'': ''أستطيع أن أحدثك عن العنف المنزلي، وعن جرائم الشرف، وعن تلك الأجزاء في القانون الجنائي التي تتحيز ضد المرأة، ولكن المشكلة هي أننا لا نستطيع أن ننتقل إلى مناقشة تلك الموضوعات لأننا عالقون في موضوع الحجاب''· القصة التي تحكي كيف أصبحت تركيا عالقة في موضوع الحجاب هي نفسها- وإلى حد كبير- قصة السيدة ''بينلي'' ذاتها التي وجدت نفسها وإن على مضض عالقة في الجدل المحتدم حاليا في تركيا، حول ما إذا كان يجب السماح للنساء المحجبات بالذهاب إلى الكليات أم لا، وقد نقل حزب السيد ''رجب طيب أردوجان'' الحاكم القضية إلى البرلمان، محاولا رفع الحظر المفروض على ارتداء الحجاب في الجامعات، في خطوة أدت إلى إثارة غضــب المؤسسة العلمانية في الدولة· وكانت أسرة ''بينلي'' قد جاءت هي وعائلتها إلى اسطنبول من مسقط رأسها في إحدى المناطق الريفية، في إطار تلك الموجة الهائلة من الهجرة إلى المناطق الحضرية التي تمت في تركيا في النصف الثاني من القرن الماضي، بسبب رغبة الأتراك الريفيين غير المتعلمين والمتدينين في ذات الوقت في العمل في المصانع الجديدة التي كان يتم بناؤها في المدن في تلك الفترة، وفي إطار تلك العملية تحولت تركيا من مجتمع زراعي ريفي إلى مجتمع حضري بعــد أن أصبح ما يزيد عن 70 في المئة يعيشون في المدن في الوقت الراهن· بحلول عقد التسعينيات من القرن الماضي كان أبناء هؤلاء المهاجرين قد بدأوا يلتحقون بالكليات، وكانت ''بينلي'' هي أول فرد في عائلتها يحصل على تعليم جامعي، حيث حصلت على شهادة في القانون، قبل أن تبدأ الدولة في فرض الحظر على ارتداء الحجاب في الجامعات أواخر عقد التسعينيات من القرن الماضي، وهو الحظر الذي أدى حرمانهــا مــن الحصــول على الماجستير بسبب إصرارها على ارتداء الحجاب أثناء مناقشة الرسالة· تقول عن ذلك: ''لم أستطع أن أتخلى عن الحجاب لأنه أمر يتعلق بحياتي الخاصة، وشخصيتي، وكياني كله''؛ وقد حكت ''بينلي'' لزبائن مكتبها الصغير الذي تمارس فيه أعمال المحاماة عن تجربة محرجة تعرضت لها بعض النساء اللائي يصممن على ارتداء الحجاب، وذلك عندما أجبر أحد رؤساء الجامعات مجموعة مكونة من سبع فتيات على تعرية رؤوسهن أمامه حتى يوافق على التوقيع على قرار بنقلهن إلى كلية أخرى غير تلك التي كانت تقع تحت دائرة اختصاصه· كان رئيس الجامعة في ذلك الموقف يبدو وكأنه يريد أن يقول لهؤلاء الفتيات: ''بصرف النظر عما تعتقدن فإنني أستطيع بسلطتي أن أجعلكن تفعلن ما أريد''، وهو موقف تصفه بأنه يجعل أي امرأة -إذا ما أطاعته- تحس بأنها تنتمي إلى فئة أدنى· وتدافع السيدة ''بينلي'' بحماسة عن رأيها القائل بأن الحظر يؤدي إلى إعادة المجتمع التركي إلى الوراء، لأنه يحرم النساء من أمثالها من الالتحاق بالمهن المتخصصة· تضيف ''بينلي'' قولها، إنها قد ظلت طوال العقد الأخير تدافع عن قضايا نساء محجبات رفعن قضايا على الدولة لأنها انتهكت حقوقهن، وأن لديها حالات قانونية لطالبات في كلية الطب لم يعدن قادرات على الحصول على شهاداتهن بسبب الحظر، ولديها أيضا حالة لزوجه غير مسموح لها بتلقي دروس في القيادة، وحالة لسيدة أخرى يقوم زوجها وهو موظف حكومي باصطحاب امرأة أخرى غير محجبة إلى الاحتفالات الرسمية على أنها زوجته· وبسبب حظر ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، فإن السيدة ''بينلي'' لا تستطيع الترافع عن قضاياها في المحكمة، وتقوم بإرسال شريكات لها في المكتب- سافرات- كي يقمن بذلـــك بالنيابة عنها، وتصف الحياة في تركيا بأنها صعبة بشكل عام، أما بالنسبة للمحجبات فإنهن يواجهن صعوبات إضافية بسبب التمييز الذي يمارس ضدهن حتى من جانب بعض النساء للالتفاف على الحظر عمدت بعض النساء إلى الالتحاق بجامعات تقع في الجزء الشمالي من قبرص الذي تسيطر عليه تركيا، بيد أن السلطات التركية هناك بدأت في سن قوانين تمنع المواطنات التركيات من ارتداء الحجاب في المدارس والكليات الواقعة في ذلك الجزء، ولم تكتف السلطات الرسمية التركية بذلك بل إنها ذهبت إلى حد مطالبة بلغاريا بإلزام التركيات اللائي يقمن فيها بخلع الحجاب· تعلق ''بينلي'' على ذلك بقولها: ''إن الحكومة التركية تقول إن المتدينين غير معاصرين أو لا ينتمون إلى هذا العصر، وهاهي الآن تطبق قوانين لا تنتمي إلى هذا العصر''· ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
المصدر: تركيا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©