الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تهدر العقل وتتعارض مع الإسلام

تهدر العقل وتتعارض مع الإسلام
19 فبراير 2009 23:24
انتشرت في مجتمعاتنا العديد من القنوات الفضائية التى تخصصت في التنجيم وقراءة الطالع وتفسير الأحلام ومعرفة المستقبل وحل المشكلات الأسرية والعاطفية، وبعضها يمارس النصب والخداع باسم الدين، ويدعي أنه يستخدم القرآن وعلوم الفلك لمعرفة حظ الإنسان·· فما موقف علماء الدين من هذه السلوكيات؟ وهل صحيح أن بعض المنجمين يعتمدون علي علوم الفلك في التوصل إلى توقعاتهم؟ أكد علماء الدين أن الإسلام يحترم العقل ويدعو إلى السعي والأخذ بالأسباب، ولهذا حرم الدجل والشعوذة والسحر وقراءة الطالع والانشغال بالغيب والتعلق بالأوهام وتصديق الخرافات· يقول الدكتور جمال الحسيني أبوفرحة - أستاذ الفلسفة والدراسات الإسلامية بجامعة قناة السويس- إن التنجيم وقراءة الطالع والتنبؤ بالمستقبل والشعوذة من أخطر الأمراض التى تفتك بالمجتمعات وتضرب الأمم، لأنها تصيب قواها العقلية والفكرية والمعنوية· وقديماً وحديثاً كانت الخرافة والعرافة والدجل من الأمور التى تجد رواجاً وانتشاراً بسبب ارتباطها بشغف الإنسان وتطلعه لمعرفة المستقبل وميله الغريزي للبحث عن الراحة النفسية والعقلية والارتكان إلى الدعة والسكون· ويضيف أن الأدعياء من الدجالين ومروجي الوهم يستغلون هذه الفضائيات لتحقيق الثراء والتربح من خلال بيع الأوهام والأكاذيب والخزعبلات للعامة وضعاف العقول· ويعتمد أدعياء علم الغيب على تمرسهم الطويل وخبراتهم المتراكمة في تعاملهم مع الناس وفق عموميات محتملة بأسلوب نفسي، ويستندون إلى الفراسة في إدراك شخصية المتعاملين معهم بهدف الاحتيال على عقولهم والتغرير بهم والنفاذ إلى شخصيتهم والتأثير فيهم، وغالباً ما يستخدم هؤلاء الأدعياء عدة طرق لجذب الناس وإيقاعهم في حبائلهم، مثل كتابة الرقى والعزائم والأحجبة واستخدام كرة الكريستال وكتابة الأرقام والحسابات الفلكية ورموز علم الفلك وغيرها من الأساليب لممارسة الخداع والاحتيال· ويوضح د·أبوفرحة أن هذه الأساليب تجذب الكثيرين من الباحثين عن الأوهام والراغبين في معرفة ما تخبئه لهم الأيام من كافة المستويات، ولذا فهي تحقق أرباحاً طائلة، وتمثل عامل إغراء كبيراً للباحثين عن الربح السهل والمضمون، ومن هنا يفهم سر انتشار الفضائيات التى تروج لهذا النوع من الجهل والتخلف في مجتمعاتنا· بين العلم والخرافة وعن حقيقة الادعاء بأن وسائل التنبؤ بالمستقبل كالتنجيم والأبراج والعرافة وغيرها تعتمد على العلم وأن لها معاهد علمية تتخصص فيها، يقول الدكتور كارم غنيم - الأمين العام لجمعية الإعجاز العلمي للقرآن والسنة: إن محاولات الإنسان البحث عن المجهول في المستقبل قديمة جداً، والحضارات البائدة انشغلت بهذه الموضوعات، خاصة التنجيم الذي يعني التنبؤ بمصير البشر وتحديد الصفات الفردية لكل منهم من خلال دراسة التأثيرات النجمية، فقد كانت أمور كثيرة في حياة هذه الشعوب ترتبط بالأجرام وخاصة الأفلاك السبعة المعروفة آنذاك وهي القمر والمريخ وعطارد والمشترى والزهرة وزحل والشمس، وأطلقوا أسماء آلهتهم عليها، وربطوا أيامهم بها وقسموها إلى أفلاك سعد ونحس وحرب وخير وزراعة وتجارة وجمال حتى أن بعض الحضارات قدست أرقامها كالأرقام السبعة وبعضها أوجد ابتهالات وصلوات لحوادث الكسوف والخسوف، وأوجد علاقات وهمية بين هذه الأفلاك ومواعيد شروقها وغروبها وظهور النجوم ذات الشعر ''المذنبات'' وبين ولادة الملوك والقادة والشعراء ووفاتهم أو بين نشوب الحروب والكوارث والأحداث العظيمة· ويضيف: هناك خلط متعمد بين التنجيم وعلوم النجوم أو الفلك، فالتنجيم حدث واستنباط لا يقوم على أسس علمية ولا يعتمد على المنهج العلمي، فهو ليس كالعلم الذي يصوغ فرضية ما حول الواقع أو الحقيقة ليعمل بعدها على التثبت من صحتها باختبارات نظرية· صحيح أن المنجمين يستعملون الرياضيات في حساباتهم، لكن في الواقع هي أبعد ما تكون عن الفكر الرياضي والمنطق والعلم، وهي لا تعدو أن تكون تهويمات لتحقيق الغموض الذي يغطي زيف عملهم· ولكن هذا يختلف تماماً عن علم الفلك الذي يختص بدراسة كل شيء في الكون أي كل ما يوجد خارج الأرض من أجرام كالكواكب والأقمار وحركة الأرض حول نفسها ودورانها حول الشمس وتفاعلها مع الكواكب الأخرى· ويقول الدكتور سامي الكومي - أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر: يجب على الأمة الحذر من الهجمة الشرسة التى يقوم بها الإعلام الأسود المشبوه الذي لا ينتمي لمجتمعاتنا ويسعى لنشر وتعميق الخرافة والسحر والأباطيل ووأد العقلانية وترسيخ السطحية واللامبالاة وصرف الناس عن قيم الايجابية والعلم والتقدم من خلال عشرات القنوات الفضائية والمنابر الإعلامية التى تخصصت في التنجيم وقراءة الفنجان والكف وأحاديث الغيب والسحر وتفسير الأحلام وخزعبلات القرون الوسطى· ويضيف أن المتابعة الدقيقة لما تعرضه هذه الفضائيات تكشف عن حقيقة دورها السلبي وخطرها على الأمة، فهي لا تقدم سوى برامج الخرافات وتستخدم كافة الوسائل الحديثة بما فيها الكمبيوتر وتستقدم بعض من تطلق عليهم العلماء المتخصصين في التنجيم والفلكيات والتنبؤ بالمستقبل وتزعم أنهم من الحاصلين على درجات علمية في هذه الأمور لتوهم الناس بأن ما تقدمه حقيقي ويعتمد على العلم وله أساس متين ويتمتع بمصداقية، وتسعى لجذب الناس حتى يتصلوا من خلال برامجها بهؤلاء العرافين لمعرفة حظوظهم وقراءة مستقبلهم وهى تجني من وراء هذه الاتصالات الملايين· ويؤكد أن هذا العمل يبتعد تماماً عن دور ووظيفة الإعلام باعتباره وسيلة لتنمية الوعي وتبصير الناس وكشف الحقائق وتقديم المعلومات والتحليلات التى تفيد الإنسان وجدانياً وعقلياً وليس تغييبه· وعن رأى الدين في الأعمال الخرافية مثل قراءة الكف والفنجان والكوتشينة والأبراج يقول الدكتور محمد رأفت عثمان - أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية: القرآن به نصوص كثيرة تتحدث عن الغيب منها قوله تعالى (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) (الأنعام: 59) وقوله سبحانه (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير) (لقمان: 34)، كما وصف الله سبحانه وتعالى عباده المتقين بأنهم (الذين يؤمنون بالغيب)، وقوله (قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) (الأعراف: 188)· ويؤكد د· رأفت عثمان أن جميع وسائل الشعوذة مثل قراءة الكف والفنجان والكوتشينة والتنجيم والعرافة والكهانة وضرب الرمل ليس لها أصول أو أسس وتخضع للخرافات التى لا أساس لها من الصحة، ولا يليق بعقلية المسلم التعلق بالأوهام ومقولات الخداع والوقوع فريسة الابتزاز والاستغلال من المحتالين والدجالين، لافتاً الى أن العلم الحديث أكد أنه لا يوجد أي دليل علمي قاطع الثبوت على وجود علاقة بين مواقع الكواكب في وقت معين وشخصية وتصرفات ومستقبل شخص ولد في هذا الوقت، والتاريخ كذب المنجمين وادعاءاتهم، ولا يغير من الأمر أن يروج لهذه الخرافات في الفضائيات بعد أن كانت تتم في الظلام وفي الدهاليز، فهي دجل وضلال عظيم وإثم مبين، ولا يجب على المسلم أن يهدر وقته وعمره في الانشغال بما تبثه هذه الفضائيات من وهم وخداع، وعليه أن يقاطعها تماماً، لأنها ترسخ التخلف· الإسلام يحرم التنجيم والتنبؤ بالغيب وقراءة الكف والإخبار بالحظ يؤكد الدكتور رأفت عثمان أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر أن الإسلام يحارب الكهانة والتنجيم وأحاديث السحر والجن والشياطين والتنبؤ بالغيب وقراءة الكف والإخبار بالحظ والمستقبل، ويرفض الذهاب للكهان وتصديقهم، فهي أمور يحرمها الإسلام، فقد نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم- عن أعمال الكهانة، فقال: ''من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر'' رواه أحمد وأبوداود· وجاء في الحديث الصحيح أن السيدة عائشة قالت: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناس عن الكهان، فقال: ''ليسوا بشيء''· وقد شدد عليه الصلاة والسلام الإنكار على من يصدق المنبئين بالنجوم وقال: ''من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد''، كما قال عليه الصلاة والسلام : ''من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً''· وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى، وابن قيم الجوزية في مفتاح السعادة، أنه لما أراد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن يسافر لقتال الخوارج عرض له منجم فقال يا أمير المؤمنين لا تسافر فإن القمر في العقرب، فإنك إن سافرت والقمر في العقرب هزم أصحابك، فقال: علي - رضي الله عنه - بل نسافر ثقة بالله وتوكلاً على الله وتكذيباً لك· فسافر علي رضي الله عنه بجيشه وكان النصر حليفة وظهر كذب المنجم· ويؤكد أن الإسلام رسالته تحرير الإنسان من الجهل والباطل وإعلاء قيمة العقل والعلم والأخذ بالأسباب ورفض العبث والتواكل وإهدار الأعمار فيما لا ينفع
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©