الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الشركات الآسيوية تقود صفقات الاستحواذ في أوروبا

الشركات الآسيوية تقود صفقات الاستحواذ في أوروبا
9 يوليو 2012
أكدت سلسلة من الصفقات التي تم عقدها هذا العام تزايد رغبة شركات الأسواق الناشئة في عمليات الاندماج والاستحواذ في أوروبا. واستحوذت “ساني” الهندسية الصينية على شركة “بتزمايزر” واحدة من الشركات الألمانية الرائدة في صناعة ماكينات الخرسانة، أعقبتها “برايت فوود” الصينية أيضاً بشراء “ويتابيكس” البريطانية العاملة في صناعة منتجات الحبوب مقابل 1,2 مليار جنيه إسترليني. وتُمثل هذه الصفقات أحداثاً هامة لأن الشركات التي استهدفتها، من الأوروبية الرائدة. وهذه الصفقات بالنسبة للمتشائمين في أوروبا، ما هي إلا انعكاس آخر لأزمة أوروبا الاقتصادية أو للتدني الاقتصادي الذي تعيشه القارة. أما للمتفائلين، فإنها ربما تبشر بقدوم أشياء أفضل تشبه موجة الاستثمارات اليابانية قبل 25 عاما والتي ساعدت في إنعاش قطاعات حيوية في الاقتصاد الأوروبي خاصة قطاع السيارات في بريطانيا. وفي ظل المعاناة التي يواجهها اقتصاد أوروبا وعدم الوضوح الذي يشوب صورة الاقتصاد العالمي، ربما لا تكون هناك ضرورة ملحة للاستثمار في القارة العجوز. وكما تشير البيانات الواردة من مؤسسة “ديلوجيك” البحثية، تعافت عمليات استحواذ شركات الدول الناشئة الخارجية منذ فجر الأزمة المالية العالمية نهاية 2008، إلا أنها لا تزال أقل من الأرقام التي سجلتها قبل الأزمة. وبلغ إجمالي الصفقات الخارجية للأسواق الناشئة في العام الماضي نحو 236 مليار دولار، مقابل 275 مليار دولار في 2008. وتمثل أوروبا الوجهة الرئيسية حيث تشكل دول الاتحاد الأوروبي 60% من مجموع عمليات الاستحواذ البالغة قيمتها 128 مليار دولار التي أنجزتها شركات من الأسواق الناشئة في الدول المتقدمة في العام الماضي. وتبلغ حصة هذه الشركات من الصفقات في 2012، 50% من جملة 61,3 مليار دولار التي تمت حتى الآن. ويتوقع المصرفيون والمستشارون إبرام العديد من الصفقات خلال الشهور المقبلة. ويقول كريستوف نيتشيم، مدير القطاع الصيني في مجموعة “بوسطن” الاستشارية :”من المرجح إتمام المزيد من الصفقات خاصة في أوروبا، حيث أبدت الشركات الصينية الطموحة رغبة كبيرة”. وبينما يتباين هدف هذه الشركات من عمليات الاندماج والاستحواذ، تسعى الصفقات الكبيرة لتأمين الموارد الطبيعية، التي بطبيعة الأمر لا تخص أوروبا التي تبحث هي الأخرى عن هذه الموارد في أرجاء مختلفة من العالم لإنعاش استثماراتها. كما تبحث شركات الأسواق الناشئة عن العلامات التجارية في مجال التقنية في أوروبا وعن دخول قوية ومستدامة. وكل هذه المواصفات متوفرة في مناطق أخرى من دول العالم المتقدم مثل أميركا، إلا أن أوروبا توفر عوامل جاذبة أخرى. أولاً، وبينما تواجه أوروبا أزمة الديون السيادية، يوفر ذلك فرصاً للشراء بأسعار زهيدة. وعلى سبيل المثال، وافقت “بتزميزر” على صفقة “ساني” الصينية بعد أن تراجعت مبيعاتها في السنة الماضية إلى 570 مليون يورو مقارنة مع مليار يورو قبل الأزمة. وثانياً، تقدم أوروبا تنوعاً في الصفقات التي تتوفر في أحجام وأشكال مختلفة مما يتيح للمشتري فرصاً لإنفاق أموال أقل للحصول على شركة ذات مواصفات جيدة، مقارنة مع تلك التي ربما يدفعها في أميركا وخير مثال لذلك “ويتا بيكس”. وأخيراً، وبينما تثير دول الاتحاد الأوروبي قضايا سياسية مع الصين، إلا أن علاقة بروكسل مع الصين أفضل من تلك التي للأخيرة مع واشنطن. ويُذكر أن المسؤولين الأميركيين تدخلون في بعض عمليات الاستحواذ المتوقعة، حيث تراجعت شركة “هواوي” الصينية المتخصصة في صناعة معدات الاتصالات عن صفقة للاستحواذ على شركة “3 أم” لصناعة مفاتيح الكهرباء في 2008، نتيجة رفض “لجنة واشنطن للاستثمارات الأجنبية”، الموافقة عليها. وفي دول الاتحاد الأوروبي خاصة الشرقية منها، شكك المسؤولون في عمليات استحواذ محتملة من قبل شركات مملوكة للحكومة الروسية خاصة مجموعة “جازبروم” للغاز، حيث يعود السبب الرئيسي للمخاوف المتعلقة بقوة تأثير روسيا على أسواق الطاقة. لكن في واقع الأمر، أبرمت حتى “جازبروم” صفقات استثمارية كبيرة، مثل توليها على سبيل المثال لتوزيع الغاز في ألمانيا. وفي حين يتركز الاهتمام السياسي الرئيسي في أوروبا على الوظائف، تجد الشركات الأجنبية التي تجلب وعود أو أمال تأمين الوظائف، ترحيباً كبيراً. ومع ذلك، ينبغي أن لا يكون التركيز على أوروبا مبالغ فيه، حيث يقول جو نجاي، مدير مكتب مؤسسة “ماكينزي” للإدارة والاستشارات الدولية في هونج كونج :”لا اعتقد أن القضية تتعلق بتفضيل الشركات الصينية للأوروبية على الأميركية أو أسواق ناشئة أخرى، في حين يستمر عقد العديد من الصفقات في مناطق مختلفة حول العالم”. استحواذات الأسواق الناشئة تقدمت شركة “أميركا موفيل” للاتصالات المكسيكية، في مايو الماضي بعطاء للحصول على حصة قدرها 27,7% في شركة “كي بي أم” الهولندية للاتصالات، لتعلن بعد شهر عن خطتها لشراء 23% من “تيليكوم” الأسترالية. وتجيء هذه الخطوة بعد فشل الشركة في تحقيق النمو في أميركا اللاتينية. وتعتبر الشركة الأكبر في المنطقة، حيث تعمل في 18 بلدا بما فيها أميركا. وبعكس ما هو في أميركا اللاتينية حيث تمثل عمليات الاندماج والاستحواذ محرك نمو الشركات، تعتبر السوق الأوروبية مجهولة بعض الشيء وعلى الشركات بذل بعض الجهود لتدخل حلبة المنافسة هناك. الهند ودخلت شركة “تاتا للاتصالات” الهندية سباق الاندماج والاستحواذ بشراء “كيبل آند ويرليس” البريطانية للاتصالات في أبريل الماضي. وأثارت هذه الخطوة حفيظة المراقبين الذين يحاولون إيجاد مبرر لإقبال شركة ناجحة على شراء أخرى متعثرة. وكان تفسير “تاتا” لهذه الصفقة أنها تقع ضمن خططها الرامية إلى دخولها في نشاطات على نطاق عالمي. ويتضمن معظم العمل التجاري الذي تقوم به الشركات الهندية، تقديم خدمات اتصال لشركات أخرى أو إلى نشاطات صناعية أخرى في حاجة للربط بشبكة الاتصالات. وربما تجيء هذه الخطوة لمساعدة الشركة على الوصول إلى الأسواق الغربية. كما أنها جزء من سعي “تاتا” الذي استمر لمدة عقد للتحول إلى العالمية من خلال استحواذها على شركة “كوروس” لصناعة الحديد في 2008، وكذلك شراء “جاكوار ولاندروفر” بعد سنة من ذلك. وبما أن الشركة لاقت الكثير من الانتقادات بسبب الأسعار العالية التي تقدمها، قررت عرض سعر متدني لشراء “كيبل آند ويرليس”، مما أدى لفشل الصفقة، إلا أن فكرة الاستحواذ على نشاط تجاري مماثل، لا زالت تسيطر عليها في أوروبا وأميركا الشمالية. الصين قصدت “ساني” الصينية بالاستحواذ على “بتزميزر” الألمانية، زيادة نشاطها خارج الصين والاستفادة من علامة الشركة التجارية التي ترتبط بالسمعة الصناعية الألمانية المعروفة بجودتها التقنية. كما ترمي الشركة إلى استغلال “بتزميزر” كمحرك رئيسي لمضاعفة عائداتها خارج الصين. كما تهدف “ساني” بهذه الصفقة إلى زيادة عائدات الشركة بأربعة أضعاف بحلول 2017 من واقع 570 مليون يورو في الوقت الحالي، وذلك من خلال خطة استثمارية قوامها 300 مليون يورو لتمويل تطوير سلسلة من الآليات الجديدة. وربما تواجه الشركة العاملة في ماكينات الخرسانة، بعض التحديات خلال السنوات القليلة المقبلة، نظراً إلى توقعات تشير إلى تراجع في طفرة الإنشاءات التي شهدتها الصين مؤخراً، مما ينتج عنه قلة الطلب على مثل هذه الماكينات. ويترتب على المسؤولين في الشركة كذلك المُلاءَمة بين الأسلوب الألماني والصيني، الشيء الذي أثبت صعوبته حتى الآن. وتُعد صفقة “برايت فوود” الصينية لشراء 60% من “ويتابيكس” البريطانية، أكبر عملية استحواذ خارجية لشركة صينية تعمل في قطاع المواد الغذائية والمشروبات. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©