الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قمة دبي للعطاء الخيري العربي

10 فبراير 2008 23:46
النفط والنزاعات·· إنهما الموضوعان الأكثر هيمنة على التغطية الإخبارية في منطقة الشرق الأوسط، بيد أن ما بين العناوين الصحفية الرئيسية التي تعج بأنباء القتل والتفجيرات الانتحارية، وارتفاع أسعار الطاقة، هناك حركة اجتماعية تواصل نموها في هدوء، وفي وسعها التخفيف من وطأة بعض المشكلات المتجذرة في العالم العربي· ففي شهر يناير الماضي، وبينما كان العالم كله منشغلاً بقمة ''دافوس'' الأخيرة للمنتدى الاقتصادي العالمي، عقدت في مدينة دبي أول قمة من نوعها لرجال الخير العرب، احتشد نفر خيّر من الشخصيات الملكية الحاكمة في المنطقة، فضلاً عن رجال المال والأعمال المصريين، وعدد من الناشطين اللبنانيين وغيرهم، للتباحث في كيفية التصدي للتخفيف من بعض مشكلات منطقتهم المضطربة، وخلال لقائهم هذا تمكن الخيرون العرب من بعث رسالة ضمنية واضحة المعنى إلى إدارة ''بوش'' تقول: ''كفوا من أن تجعلوا من حربكم على الإرهاب، حرباً على الإرادة العربية الخيرة''· لقد تنامت نزعات العمل الإنساني الخيري لدى المليارديرات والأثرياء العرب على نحو ملحوظ، وفقاً للتقرير الذي نشره بمناسبة انعقاد تلك القمة مركز الدكتور ''جون دي· جيرهارت'' للعمل الخيري والنشاط المدني، بالجامعة الأميركية بالقاهرة· ولك أن تتخذ مثالاً لهذا، مبادرة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي، الذي تعهد في العام الماضي بمبلغ 10 مليارات دولار، عند إطلاقه مؤسسته الخيرية الخاصة به؛ وفيما لو افترضنا أن هذه مؤسسة مانحة أميركية، فإنها سوف تكون الثالثة من حيث الترتيب دون أدنى شك، وفقاً للتسلسل التاريخي للشخصيات والمؤسسات الخيرية· غير أن تنظيم هذه الجهود وجعلها فاعلة ومؤدية لدورها ليست بالواجبات السهلة اليسيرة، فليست لمعظم الدول العربية قوانين واضحة منظمة للنشاط الخيري والأعمال غير الربحية، في حين تقف السياسات الأميركية الخاصة بمثل هذه الأنشطة عقبة كبيرة أمامها، فمنذ هجمات 11 سبتمبر ظلت واشنطن تنظر للمانحين العرب بعيون ملؤها الريبة والتوجس، وفي قمة دبي آنفة الذكر اشتكى أحد رجال الأعمال السعوديين من أن المحققين الأميركيين التقوا به إحدى عشرة مرة خلال السنوات الأخيرة الماضية، بغرض مراجعة الأموال التي تبرع بها· كما شملت شكواه عدم حصوله على أي تفسير لهذا السلوك، إلى جانب حديثه عن غياب أي إطار رسمي محلي للشكوى من مثل هذه المضايقات· وبالطبع فإن مثل هذه التحقيقات الأميركية تدفع الكثير من الخيرين العرب إلى التكتم على عطائهم على حد ما ورد في تقرير جيرهارت المذكور· وبالطبع فإن المؤكد أن يتحمس للعطاء المزيد من رجال الخير في حال زوال مثل هذه العقبات· بعيداً عن هذه المضايقات الأميركية للنشاط الخيري الإنساني في المنطقة العربية، لا غضاضة في وضع الضمانات اللازمة لعدم استغلال هذه المنح الخيرية التي يتبرع بها الأفراد والمؤسسات الخيرية، في أعمال العنف والإرهاب، ومما يؤكد أهمية توفير مثل هذه الضمانات أن تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات والجماعات الإرهابية الأخرى، تستخدم العمل الخيري مجرد واجهة خارجية لتمويل نشاطها الإرهابي؛ غير أن الحكم على العمل الخيري من هذه الزاوية وحدها في المنطقة، فيه ما يلحق ضرراً بالغاً بهذا النشاط على حد وصف المشاركين في مؤتمر دبي للعمل الخيري· السؤال الذي نطرحه على أميركا هنا: لماذا لا تسهم الولايات المتحدة الأميركية -بصفتها الدولة المبتكرة والرائدة لهذا النشاط- في بذل جهد أكبر من شأنه حفز العمل الخيري في المنطقة العربية؟ لماذا لا تقدم أميركا يد المساعدة لدول المنطقة بما يمكنها من تطبيق تشريعات أفضل في مجال العمل غير الربحي، يكون لها أثرها الإيجابي على تنظيم وتشجيع العطاء الخيري؟ فعلى سبيل المثال تقدم مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم الخيرية المنح الدراسية للطلاب بما يمكنهم من تلقي دراساتهم في الجامعات الأميركية، وكما عبّر عن دور هذه المؤسسة أحسن تعبير، نبيل علي يوسف- المدير التنفيذي للمؤسسة بالإنابة- فيما يتعلق بنشاط المؤسسة الموجه لدعم الشباب العرب دون سن العشرين: ''فإما أن نعلمّهم أو نتركهم ضحايا للفقر والجهل فيصبحوا لقمة سائغة للتطرف''، وتؤكد لي متابعتي للنشاط الخيري الإنساني في عدة دول، قدرته على تقديم حلول محلية لمشكلات العالم العربي· كاتب ألماني متخصص في العمل الخيري والمساعدات الإنسانية الدولية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©