السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بعد تسع سنوات... الأفغان يقيِّمون حصيلة الحرب

بعد تسع سنوات... الأفغان يقيِّمون حصيلة الحرب
11 أكتوبر 2010 22:14
قبل تسع سنوات، وبعد أسابيع قليلة على هجمات 11 سبتمبر على مركز التجارة العالمي في نيويورك، شنت أميركا هجوماً جويّاً على أفغانستان، بادئة بذلك أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة، ومطلقة سلسلة أحداث أطاحت بنظام وغيَّرت اتجاه دولة. ولكن هذا الأسبوع، وعلى رغم شروع حكومة كرزاي في محادثات سرية مع "طالبان" وجماعات أخرى مناوئة للحكومة، بعد استحقاقين انتخابيين رئاسيين ومليارات الدولارات من الاستثمارات الأميركية في الحرب وإعادة الإعمار، إلا أن معظم الأفغان لا يرون نهاية للحرب في الأفق، وما زال من الصعب على معظمهم هنا، وسط أعمال العنف المتواصلة، التصالح مع ما تعنيه هذه الذكرى بالنسبة لبلدهم. ويقول محمد صابر فهيم، وهو صحفي أفغاني: "لقد كان المدنيون الأفغان ينظرون إلى هذه الذكرى باعتبارها اليوم الذي حصلوا فيه على حريتهم من حكومة وحشية؛ ولكن يوماً بعد يوم، وبينما توسِّع «طالبان» سيطرتها على مزيد من مناطق البلاد، فإن الناس توقفوا عن التفكير على ذلك النحو". وعلى غرار معظم الأفغان، ما زال عبد الوصي يتذكر المكان الذي كان فيه عندما سمع أن الأميركيين قد بدأوا قصف بلاده قبل تسع سنوات. كان عمره حينئذ تسع سنوات، وبدلاً من أن يسمع الخبر من الراديو، فقد علم ببدء الضربات بنفسه عندما استقرت قنبلتان بالقرب من منزله، وكانتا من القوة إلى درجة أنهما زعزعتا الأرض، كما يقول. وعندما أدرك أنه سيكون في أمان، كان هو وأفراد عائلته في قمة السعادة، ومع ذلك يقول: "لقد اعتقدنا حينها أننا قد تحررنا من نظام «طالبان» الأسود، ولكن في ذلك العهد، كانت الأمور أفضل، لأننا كنا آمنين. أما اليوم، فقد بتنا نسمع كل يوم في نشرات الأخبار عن مقتل أناس أبرياء في هجمات... في تسع سنوات، لم يستطع أكثر من 40 بلداً جلب الأمن. ولذلك، فقد بتنا اليوم جميعاً نشعر باليأس". يذكر أن بوش أمر بشن ضربات جوية على أفغانستان بعد شهر على هجمات 11 سبتمبر، وهي ضربات وُصفت بأنها أول خطوة انتقامية لأميركا بعد تلك الهجمات، وكان الهدف المعلن منها هو القبض على أسامة بن لادن ومنع "القاعدة" ومجموعات إرهابية أخرى من استعمال البلاد كملاذ تختبئ فيه. وفي غضون ثلاثة أشهر، كانت الولايات المتحدة قد خلعت بالفعل نظام "طالبان"، وتم إنشاء قوة المساعدة الأمنية الدولية "إيساف"، المكونة من أكثر من 40 دولة، بهدف إعادة الأمن والسلام إلى البلاد. وبينما كانت الولايات المتحدة -والقوات الدولية- تلاحق "القاعدة"، ركزت جهودها أيضاً على محاربة الجماعات المسلحة غير الحكومية، وتدريب القوات الأفغانية، والانخراط في مشاريع إعادة الإعمار. وظل مستوى أعمال العنف منخفضاً نسبيّاً حتى منتصف 2006، عندما بدأت "طالبان" تعود إلى الساحة من جديد. وهكذا، باتت أفغانستان تعيش مستويات قياسية من أعمال العنف؛ وعلى رغم أن "طالبان" ومجموعات متمردة أخرى قد بدأت في التفاوض مع الحكومة على ما يقال، إلا أن معظم المحللين يتفقون على أن التوصل إلى اتفاقية سلام شاملة سيستغرق وقتاً مديداً. وفي هذا السياق، يقول خليل نوري، الذي ساهم في إنشاء مؤسسة "ائتلاف الاستراتيجيات العالمية الجديدة"، وهو مركز بحوث أفغاني يوجد مقره في فرمونت، بولاية كاليفورنيا: "هناك عدد قليل فقط (من الأفراد في مجلس السلام الأفغاني) الذين يمثلون صوت الشعب الأفغاني، ولكن هؤلاء لا يستطيعون إذابة الجليد بين «طالبان» والحكومة الأفغانية". ومن جهتها، تبدو كانداس روندو، المحللة المختصة في أفغانستان بـ"مجموعة الأزمات الدولية"، متشككة أيضاً إذ تقول إنه: "من غير الواضح أية عناصر من حركة التمرد سيتم الترحيب بها للجلوس إلى طاولة المحادثات"، مضيفة "كما أن من غير الواضح تماماً أن ممثلي «إيساف» في المحادثات الذين سيكونون في موقف التفاوض يفهمون جيداً مطالب حركة التمرد، أو مستعدين للتعامل مع تلك المطالب، أو لديهم أي شيء ليعرضوه عليها في المقابل". وإليكم الآن قصة محمد زكي وهو صانع أثاث أفغاني، فعندما كان في الحادية عشرة من عمره يعيش كلاجئ في بيشاور في باكستان، اتصلت عمته بوالدته من كابول لتخبرها بأن الأميركيين قد بدأوا قصف «طالبان» وبأنهم قريباً سيستطيعون العودة بأمان إلى أفغانستان. وبعد ثلاثة أشهر، عادت عائلته إلى وطنها. ويقول زكي: "لقد كنت سعيداً جدّاً عندما سمعت أن الأميركيين يقصفون أفغانستان، لأنني قلت في نفسي إنهم سيقضون على «طالبان» وسأستطيع العودة إلى وطني"، مضيفاً "أما اليوم، فقد تغير الوضع. فقد كنا آمنين في باكستان، ولكننا اليوم لا نعلم ما إن كان أحد الانتحاريين سيقوم بتفجير نفسه بالقرب منا في أية لحظة؛ كما أن باكستان غدت أسوأ حالا؛ وبالتالي، فنحن لا نستطيع العودة إلى هناك أيضاً". والواقع أن العديد من الأفغان الذين يتذكرون حماس هجمات الأميركيين والقوات الدولية على "طالبان" في المراحل الأولى من الحرب، يقولون إنهم يتذكرون أيضاً بقوة التحول في دعمهم للولايات المتحدة. وفي هذا الإطار، يقول حسين علي كريمي، وهو موظف بإحدى المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في كابول، معبراً عن شعور عام بين الأفغان الذين باتوا مستائين من وجود القوات الأجنبية: "لقد كنا سعداء لأنهم دمروا «طالبان»، ولكننا شعرنا بالغضب عندما بدأوا يقتلون المدنيين". ولكن على رغم خيبة أمل السكان من الجنود الأجانب، إلا أن كريمي يقول إنه يخشى أيضاً أن تعود "طالبان" إلى السلطة إذا غادروا أفغانستان. أما بالنسبة لعبد الشكور، الذي قضى معظم حياته في محاربة "طالبان" في البداية مع "تحالف الشمال" واليوم كضابط في الجيش الأفغاني، فإن أمله هو أن يُنهي القصف الأميركي الحرب في بلاده. ويقول عبدالشكور، الذي كان مرابطاً على الجبهة في منطقة بارفان، شمال كابول، قبل تسع سنوات، إنه شاهد القنابل وهي تسقط على خنادق "طالبان". وقبل خمس سنوات من ذلك، كان أصيب برصاصة في الرقبة خلال معركة مع "طالبان". ويقول: "لقد كنت متحمساً جدّاً لرؤية «طالبان» وهي تدمَّر". أما اليوم، فإنه لا يخفي خشيته من أن تكون الحركة قد باتت أقوى وأشد مما كانت عليه ويستطرد قائلاً: "اليوم أنا أكثر سعادة مما كنت عليه خلال عهد «طالبان»، ولكن ما زالت ثمة مشاكل وشكوك". توم إيه. بيتر - كابول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©