السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تخفيض الميزانية الدفاعية تعزيز للأمن الأميركي!

11 أكتوبر 2010 22:22
أثناء اللقاء الصحفي الذي نظمته "كريستيان ساينس مونيتور" في الأسبوع الماضي عبر الأدميرال "مايكل مولين"، رئيس هيئة الأركان المشتركة أن أمله في تجنب "التخفيضات الكبيرة" التي قد تطال موازنة الدفاع لأنها لو تمت "سيكون لها تداعيات خطيرة في الوقت الراهن بالنظر إلى احتياجات الأمن القومي المستعجلة اليوم"، لكن ما لم ينتبه له الأدميرال "مولين" أن تقليص موازنة الدفاع والحد من الإنفاق العسكري المتضخم الذي تجاوز اليوم ما وصلته موازنة الدفاع في أوج الإنفاق العسكري خلال فترة ريجان سيساعدنا بالعكس من كل التوقعات في الاستجابة لاحتياجات الأمن القومي، وسيمكننا من الأدوات الأساسية لمعالجة الاختلالات الحاصلة، ويبدو أن "مايكل مولين" من خلال دعوته إلى المزيد من الإنفاق العسكري والتحذير من خفض موازنة الدفاع ربما لا يعرف إحدى الحقائق المهمة حول الأمن القومي، وهي أنه لا يوجد بلد في العالم يستطيع شراء أمن مطلق مهما أنفق من أموال، بل إن أي محاولة للقيام بذلك ستؤدي بالبلد إلى الإفلاس بعد أن تتجاوز النفقات المداخيل. الولايات المتحدة وصلت اليوم إلى سنتها الثالثة عشرة من النمو المتواصل في موازنة الدفاع السنوية، وهي زيادة غير مسبوقة دفعت وزير الدفاع، روبرت جيتس، إلى نعتها بـ"النزيف"، لذا حان الوقت كي تبدأ واشنطن، وهي تنهي مهمتها العسكرية في العراق وتستعد للشروع في سحب قواتها من أفغانستان خلال السنة المقبلة، لمراجعة مستوى الإنفاق العسكري والتساؤل حول ما إذا كانت الوتيرة الحالية للموازنة تساهم فعلاً في حماية أمننا القوي. الحقيقة أن مثل هذه المراجعة ستكشف سريعاً عن خلل جوهري في العلاقة بين الإنفاق العسكري وبين أهدافنا الاستراتيجية، لا سيما في الميادين المتصلة بالبرامج العسكرية الكبيرة، فلمدة طويلة اعتادت وزارة الدفاع ومعها الكونجرس على تخصيص أموال دافعي الضرائب الشحيحة أصلاً لهذه البرامج المكلفة والتي غالباً ما تتجاوز الميزانية المرصودة لها وتتخطى البرنامج الزمني الموضوع لها، بل إن تلك البرامج غير قادرة على سد الاحتياجات الحالية والمستقبلية لقواتنا المسلحة. ولعل المثال الأوضح على هذا الإنفاق العشوائي وغير المنضبط الذي يهدر أموالا طائلة دون فائدة ملموسة برنامج "العربة المقاتلة" التابعة لقوات مشاة البحرية "المارينز" والتي تصل كلفتها 2.13 مليار دولار، فالمؤيدون لهذا البرنامج يرون أن العربة البرمائية تقدم خدمات كبيرة لمشاة البحرية لأنها مصفحة على نحو أفضل كما أن قوتها النارية أكبر من النموذج الحالي، وحسب الكاتب المتخصص في الشؤون العسكرية، "إيد هوبر" ستساعد تلك العربة المتطورة على إعادة مشاة البحرية إلى مهمتهم الأصلية كقوات برمائية تعمل في السفن واليابسة على حد سواء، لكن مع ذلك لا تتوفر العربة باهظة التكلفة على أي تبرير استراتيجي، ذلك أن الولايات المتحدة لم تقم بأي عملية إنزال تقتضي قوات برمائية منذ الحرب الكورية في العام 1950، ومع ذلك يصر "هوبر" وغيره من المؤيدين للمشروع بمن فيهم قائد قوت المارينز "جيمس كونواي" على أن الولايات المتحدة لا يمكنها خسارة عربة مصفحة مثل تلك التي يتم تطويرها حالياً مهما وصلت كلفتها. والحقيقة أنه لا بد من إلغاء برنامج التطوير بسرعة لأنه في الوقت الذي تستطيع فيه السفن إطلاق تلك العربة على مسافة بعيدة من السواحل المستهدفة توجد اليوم قذائف بعيدة المدى قادرة على الموصول إلى العربة وإصابتها وبالتالي لن تساعد كثيراً في ضمان سلامة الجنود. والأكثر من ذلك فشل برنامج تطوير العربة المصفحة في التقيد بالموازنة المحددة أو معايير الأداء المتعارف عليها، بحيث ينكب الجيش حالياً على تجريب نماذج جديدة بسبب الاختلالات التي ظهرت على نماذج سابقة أخفقت في اجتياز التقييمات الضرورية، ولا بد من التذكير أيضاً أن المشروع متأخر عن موعده بثمان سنوات فيما يتوقع أن تتجاوز نسبة التكلفة ما قبل التصنيع التقديرات الأولية بحوالي 168 في المئة، ونفس التساؤل يمكن إثارته بشأن حاملة الطائرات الجديدة التي يتم تطويرها بكلفة 6.13 مليار دولار، لا سيما بعدما تساءل وزير الدفاع عن حاجة البحرية الأميركية إلى 11 حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية، فحسب روبرت جيتس "لا يوجد بلد في العالم يمتلك سفينة واحدة تضاهي حاملات الطائرات الأميركية في الحجم والقوة". ورغم تفهمنا لرغبة البعض في استمرار الإنفاق العسكري بوتيرته الحالية لحماية الأمن القومي والدفاع عن المصالح الأميركية، فإن برنامج حاملات الطائرات بكلفته التي تصل 6.13 مليار دولار يمكن توجيهها إلى ما هو أفيد للاقتصاد الأميركي، وبدلا من انتقاد تقليص الإنفاق العسكري يتعين على الأدميرال "مايكل مولين" أن يكون أول من يدافع عن تقليص موازنة الدفاع باعتبار أن التخفيض هو أفضل استثمار بعيد المدى لتعزيز أمننا القومي، ذلك أن الحد من الإنفاق العسكري سيساعدنا في التعامل مع ما وصفه هو نفسه بالخطر الأكبر الذي يهدد أمننا القومي والمتمثل في ديوننا الكبيرة، وكما أدرك الرؤساء الأميركيون بدءاً من إيزنهاور وانتهاء بأوباما أن قدرتنا تعتمد في حماية الأمن القومي على قوة الاقتصاد المحلي، لذا فإن الاستمرار في الإنفاق على برامج عسكرية باهظة التكلفة لن يؤدي فقط إلى قوة مسلحة مثقلة بالأعباء وغير قادرة على التكيف مع التهديدات المستجدة، بل سينتهي بنا المطاف باقتصاد أضعف من أن يتحمل تلك القوة المتضخمة، وهو الطريق الأخطر الذي يمكن أن نسلكه. لورنس كورب - مساعد سابق لوزير الدفاع في إدارة ريجان لورا كونلي - باحث بمعهد «أميركان بروجرس» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©