الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فيسبوك» سلاح فتاك

11 أكتوبر 2010 22:23
قبل عامين، كنت من أشد معارضي الانضمام إلى شبكة فيسبوك. فقد بدت لي تلك إهداراً مؤكداً للوقت. ومع اشتراكي سلفاً في مواقع أخرى أقضي فيها ساعات عديدة في قراءة الرسائل وتصفح صور الأصدقاء، لم أكن أرى سبباً مقنعاً لانضمامي إلى موقع يخصم من يومي ساعات عديدة أخرى مثل "فيسبوك". ولكنني استسلمت في نهاية الأمر مستجيبة لإلحاح الكثير من أصدقائي على الانضمام. فأنشأت لي حساباً فيه وصفحة شخصية تخصني. وحين بدأت تصفح الموقع أدهشني وجود جميع الذين عرفتهم عن كثب وعن بعد ما، في هذا الموقع الجديد بالنسبة لي. كما لاحظت كثرة الطلبات التي تردني من أشخاص أعرفهم وآخرين أعرفهم بالكاد، لكي أكون صديقة لهم. وعلى رغم استمتاعي في بادئ الأمر بتقليب صور أصدقائي السابقين وزوجاتهم وعائلاتهم، وملاحظة التغييرات التي طرأت على ملامحهم وحياتهم، بدأت أمل الموقع ولا أرى فيه مصدراً لمتعة خاصة بالنسبة لي. فما السبب الذي منعني من الابتعاد عنه؟ على رغم كثرة تكرار المرات التي سألت نفسي فيها هذا السؤال، فإنه لم يلح عليّ قدر هذه المرة التي شاهدت فيها فيلم "الشبكة الاجتماعية"الذي عرض الأسبوع الماضي. ويصور الفيلم نشأة وصعود هذه الشبكة الاجتماعية العملاقة، كما يرصد سيرة مؤسسها الشاب "مارك زكربرج". وعلى رغم الحوار الذي دار بعد عرض الفيلم عن مدى الطاقة الإبداعية التي بثها المخرج في تصويره لسيرة "زكربرج"، وما تنطوي عليه من تجاوز واضح لعدد من أصدقائه الذين سبقوه إلى الفكرة بجامعة هارفارد، فإن هناك من نعت مؤسس "فيسبوك" بأنه لا أخلاقي. ومهما كانت الخلافات في تفسير الصورة التي قدمها الفيلم عن "زكربرج"، فقد عدت من صالة السينما تلك وفي نيتي الابتعاد النهائي عن" فيسبوك". ولكنني لم أفعل على رغم عزمي على اتخاذ تلك الخطوة. فقد بدت لي الفكرة أشبه بترك الإرهابيين يفوزون عليك في ساحة القتال. ثم هناك سبب بسيط آخر ومباشر جداً، هو عدم قدرتي على مقاومة رغبتي في البقاء عضواً بالموقع. وربما كان عجزي بسبب الشعور بأن تخليّ عن عضوية نادي دولي تبلغ عضويته نحو 500 مليون نسمة -أي شخصاً واحداً بين كل 13 فرداً من سكان الكرة الأرضية- يعني أنني كما لو كنت أمسح نفسي من الوجود على وجه الأرض! وعلى رغم سعة انتشار شبكة "فيسبوك"، فإنه ليس الموقع الإلكتروني الوحيد المتاح للتواصل الاجتماعي. فهناك عدة مواقع أخرى مثل "لينكدلين" و"فورسكوير" و"تويتر"، وغيرها عدد لا يحصى من المواقع الإلكترونية المشابهة. ولكن مع استمرار انضمام مئات الآلاف من المشتركين الجدد يومياً إلى موقع "فيسبوك" -حسب ما تؤكده تقارير عديدة، بعضها منتقد لـ"فيسبوك"- فإن ذلك الاتساع الهائل لعضوية الشبكة يشير إلى مدى قدرته على جذب أعداد أكبر من متصفحي الشبكة الإلكترونية يومياً. ولكن من المفارقات أن كثر الحديث هذه الأيام عن المغالاة في مشاركة وتبادل المعلومات الشخصية بين المستخدمين عبر موقع "فيسبوك" وغيره من المواقع الأخرى. كما أن فشل الأفراد في إدارة حضورهم الإلكتروني كما ينبغي، من شأنه أن يمثل تهديداً جدياً لهم ولوظائفهم. ومن أوضح الأمثلة على هذا التهديد، حادثة الانتحار التي وقعت مؤخراً في جامعة "روتجرز"، بسبب تجاهل خصوصية الأفراد عبر الموقع فيما يبدو. وهذا ما يدفعني إلى القول إن موقع "فيسبوك" بقدر ما يتحول إلى أداة إلكترونية قوية فاعلة لمستخدميها، بقدر ما يتحول إلى سلاح فتاك ضد غير مستخدميه. فهذه هي لعنته بالذات. ومع ذلك فقد أصبحت أهمية الانضمام إلى "فيسبوك" مكافئة لاستخدام الأفراد للهواتف النقالة في عصرنا هذا. فإن كنت تستخدم الهاتف الجوال، فأنت في عداد الأحياء، وإن لم تفعل فإنك لا محالة ميت. وينطبق الوصف نفسه على مستخدمي "الفيسبوك" من غيرهم! ميجان داوم محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©