السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكم شعبية خادعة

حكم شعبية خادعة
15 يوليو 2011 18:57
(1) يقول المثل الغربي الذي قرأته قبل قليل، خلال بحثي عن موضوع للكتابة: “كثيرا ما نرى الأشياء على غير حقيقتها لأننا نكتفي فقط بقراءة العنوان”، وهذا فارق هائل وكبير في مجال المفاهيم والممارسة اليومية المستمرة، وينعكس فورا على طريقة تعاملنا مع انفسنا ومع الآخرين. فعلا.. فالمكتوب لا يقرأ من عنوانه على الإطلاق – كما ندعي نحن - لا بل أننا نرى الأشياء على غير حقيقتها؛ لأننا نكتفي بقراءة العنوان، تماما وحرفيا كما يقول المثل الغربي سالف الذكر. نحن مثلا – اقصد كتّاب السخرية السياسية- مثلنا مثل اجدادنا الأوائل من أفراد – جحا مثلا - أو كتاب كبار – الجاحظ مثلا - أو مترجمين أكبر - ابن المقفع في كليلة ودمنة مثلا - ومجانين العقلاء وعقلاء المجانين، وما شابههم ووالاهم ونشر اقوالهم وافعالهم وقفشاتهم... نحن مثلنا مثلهم نضع عنوانا مخاتلا ينضح بالبراءة والبساطة والسطحية، لكننا نخفي وراءه – في العادة - روحا ساخرة تهكمية هجائية قوية، ما كان الرقيب يقبل بنشرها لو لم نخدعه بالعنوان المخاتل... فهل بعد هذا نستطيع القول بأن المكتوب يقرأ من عنوانه؟. اعتقد أن علينا ان لا نقرأ العناوين فقط، وان علينا لا نحكم على الأشياء من عناوينها، فقد تجاوز العالم هذه السذاجة السياسية قبل ولادة غير المغفور له ميكافيللي بقرنين على الأقل، بل علينا ان نقرأ السطور، ولا نكتفي بذلك، بل نقرأ ما تحتها وما فوقها وما بينها، وما لم يكتب أصلا. اذا لم نفعل ذلك تكون افعالنا – كشعب - في مكافحة الفساد لا تزيد أهمية عن حراثة البعارين، التي تحرث ثم تطمر بأخفافها العملاقة ما حرثته بالسكة التي تجرها، وكما سمعت مؤخرا على احدى الفضائيات، فإن العفاريت تحب العيش في أماكن تواجد وبيات البعارين، هذا على ذمة الشيخ المتحدث، وليس أنا بالتأكيد..! (2) يقول العلماء إنهم تمكنوا من رصد أفكار البشر عبر أشعة معينة تسلط على المخ، وقال أحد العلماء المشاركين إن نتائج الدراسة تثبت مبدأ أن أشعة الرنين المغناطيسي الوظيفي يمكن أن تقرأ الأفكار، ولكنه قال إن الطريق مازال طويلا حتى نستطيع قراءة افكار الناس، لكنننا سنصل الى هذه المرحلة يوما ما بعد ان حددنا مدى ارتباط أشعة الدماغ بالنشاط الكهربي للمخ. أقصى أمنياتي – ولأسباب أنانية – أتمنى ان لا يتم هذا الاختراع خلال حياتي، أو على الأقل لا يصل الى الحكومات العربية خلال تلك الحياة الفانية.. حياتي. خذوا حبوب التمييع الخاصة بمرضى الجلطات وتخيلوا ما سوف يحصل حينما يصل هذا الاختراع (الأصل منه مساعدة مرضى الشلل الدماغي) الى عالمنا العربي: طبعا، سوف يصل الى المراكز الأمنية قبل وصوله للمراكز الطبية (اذا وصل اليها اصلا)، وسوف يتم في معظم الدول العربية انشاء دوائر عامة لقراءة افكار الناس وتحليلها واتخاذ الاجراءات (المناسبة) ضد اصحاب الافكار المناوئة للحكومات، فقد ولى عصر انتظار الناس حتى يقوموا بأعمال منافية للقانون أو معارضة للحكومة، لا بل علينا محاسبتهم قبل تحويل افكارهم واحلامهم الى ممارسة واقعية. لا داعي بعد الآن للسلطات الأخرى، اذ تم الغاء كامل المسافات بين الحكومة والشعب ما دام هذا الاختراع يوصل كامل الافكار لصناع القرار ويتم (التصرف) فورا لمعالجة أي مشكلات قبل ان تحصل. وطبعا سوف يبقى مرضى الشلل الدماغي يعانون كما في السابق لأنه لا خوف منهم. هذه هي الطريقة العربية في تطويع التكنولوجيا!!!! يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©