الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تامر إسحق يخرج الدراما السورية في رمضان من القوالب الشامية

تامر إسحق يخرج الدراما السورية في رمضان من القوالب الشامية
15 يوليو 2011 18:59
رنا سرحان (بيروت) - وُضعت الدراما السورية هذا الموسم تحت اختبار صعب، لكن حرفية المخرجين السوريين ومواظبتهم على الشروع في تصوير الأعمال بعد عيد الفطر مباشرة كل عام، أنقذتهم من مستنقع التقصير بسبب الأحداث والمتغيرات السياسية في سوريا هذا العام. ودخلت الدراما السورية في رمضان 2011 عالماً جديداً بأسلوب مختلف يطرح في طياته أبرز القضايا التي لم تطرح قبلاً في الدراما العربية والسورية خاصة، مثل قضية التبني وتبعاتها الاجتماعية. فبعد أن غرقت الدراما السورية في بحور القوالب الشامية وعادات الزعماء وتقاليد المجتمع الذكوري، أمثال مسلسلات البيئة الشامية كـ”باب الحارة” بأجزائه الخمسة ومسلسل “أهل الراية” ومسلسل “الدبور” الذي يعرض الجزء الثاني منه في رمضان المقبل، يسير المخرج السوري الشاب تامر إسحق في طريق مغاير ليثبت أنه قادر على طرح الجديد والتميز أيضاً، بعدما تمكن في مسلسل “الدبور” من إخراج مسلسلات البيئة الشامية ذاتها من قالب الجمود إلى أفق جديدة غير مستهلكة، واختار لعمله الجديد خالد تاجا وعباس النوري ونادين وقصي خولي ومجموعة من أبرز نجوم الدراما السورية. من أنا؟ يعالج المسلسل قصة وائل المتزوج من حنان ولا ينجبان أطفالاً فيتبنيان فتاة صغيرة لا أهل لها، ويوماً بعد يوم يزداد تعلق الأب بابنته بالتبني، وكلما كبرت الفتاة ازداد الأب تعلقاً بها وغيرة عليها ويجبرها على دراسة الهندسة ليكون مدرّسها في الجامعة فتبقى تحت نظره ويسعى أن يراقب كل تصرفاتها، ثم تكشف لنا خيوط العمل عن المعضلة الدرامية وهي عشق الأب لابنته، فهي من ناحية الشرع لا تمت إليه بصلة قرابة وحلال له الزواج منها، ومن الناحية الاجتماعية هي ابنته أمام الناس ومجرد طرح الأمر غير منطقي ومثير للاشمئزاز. فكيف بالفتاة المتبناة التي يقع عليها خبر عشق أبيها بالتبني لها كالصاعقة على رأسها وتصدم مرتين، مرة بأن أباها يحبها ويريد الزواج منها ومرة أخرى حين تعلم أنه ليس أبيها وتجد نفسها أمام السؤال الأكثر إيلاماً “من أنا؟”. الأب أيضاً يرى أن من حقه أن يجاهر بمشاعره الصادقة لفتاة رباها ولا شرع سماوياً يمنع ارتباطه بها، فينهي حياته ويخسر كل شيء محاولاً بلوغ حلم كان منذ البداية وهماً لا يمكن تحقيقه. الأم بالتبني تفجع بدورها، علماً بأن لها تجربة زواج فاشلة في بلاد الاغتراب واقترنت زوجها الجديد ووالد ابنتها بالتبني كصفقة اجتماعية كي لا تكون أماً لابنة من دون زوج ومن الطبيعي وقوف الأم إلى جانب ابنتها ورفضها تصرّف زوجها المنبوذ اجتماعياً، كي نصير أمام حبكة اجتماعية مترابطة الشخوص والقصص المنفصلة التي تصلح أن تكون كل واحدة منها عملاً منفرداً لأهميتها وتأثيرها الاجتماعي على الناس، فعملية وهب الأعضاء بعد الموت، لها من المسلسل حصة كبيرة ومساحة كافية لطرحها درامياً ومعالجتها. وكالعادة، لا ينسى العمل الدرامي الاجتماعي السوري أن يدخل كل مرة التوجيه الأدبي والأخلاقي على نحو مدروس، بعيداً عن التنظير، فهناك شخصيات تبدو سيئة وغير محببة في بداية العمل لكنها تعود إلى طبيعتها الطيبة عندما تلقى معاملة لطيفة من أشخاص تقربوا منا لأهداف مشبوهة، وتستطيع طيبة أولئك الأشخاص أن تغير من مصيرهم ومصير المحيطين بهم. معضلة درامية جديدة مسلسلات البيئة الشامية تتنوّع حسناتها وسيئاتها، فنجومها “تقولبوا” من دون أن يدروا في قالب البيئة ولم يبق الجمهور يستسيغ حضورهم في الأعمال الدرامية الاجتماعية وامتدت حالة “التقولب” هذه إلى المخرجين، ما دفع المخرج تامر اسحق إلى البحث عن عمل درامي اجتماعي مميز ليخرج به من جو البيئة الشامية. من جانب آخر، انتهت المطربة اللبنانية دينا حايك من تسجيل شارة مسلسل “العشق الحرام” في بيروت من كلمات يوسف سليمان وألحان هيثم زياد، والتي انتقاها إسحق من بين كل الخيارات التي كانت متاحة، كونها فنانة حساسة برأيه. كما أكد المخرج السوري أنه سيتم تصوير الأغنية بطريقة الفيديو كليب متضمنة مشاهد من العمل وأجوائه، وسيتم طرحها على القنوات الفضائية قبل عرض المسلسل. كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن إمكانات الدراما السورية وقدرتها على الاستمرار والاحتفاظ بالمركز الأول في الدراما العربية، خاصة أن هناك من يتهمها بالتكرار والابتعاد عن الناس وهمومهم ومشاكلهم، في حين أن ذلك يعدّ من أبرز أسباب نجاحها! وفي كل موسم رمضاني يطل علينا صنّاع هذه الدراما بعمل مفاجئ، جديد، بعيد عن التوقعات. في “العشق الحرام” ثمة تذكير للناس بأن الإنسان لا يمكن أن يهرب من ماضيه بل يدفع ثمن أخطائه عاجلاً أم آجلاً، فالفتاة التي تضيق الدنيا بها بعد أن اكتشفت أنها لقيطة تهرب من الناس والمجتمع إلى حبيبها الذي كان على علاقة جنسية بعمتها بالتبني، أيضاً ليجد المشاهد نفسه أمام معضلة درامية جديدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©