الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ساعدوا اليونان على ترك «اليورو»؟

11 يوليو 2015 00:11
يوم الأحد الماضي، عُرض على الشعب اليوناني خيار هوبسون (حيث لا يوجد اختيار من الأساس أو لا يوجد سوى خيار واحد) بل العيش حياة بائسة كدولة تابعة في كساد دائم واحتمال خروج فوضوي من منطقة «اليورو». وإذا كان القادة اليونانيون والأوروبيون يريدون إعطاء الدولة أملاً في المستقبل واستعادة الوحدة في المنطقة، لكان يجب عليهم وضع خطة لمساعدة اليونان على ترك منطقة «اليورو»، ورغم ذلك تظل راسخة في الاتحاد الأوروبي. دعونا ننظر إلى الصورة بأكملها. تريد اليونان وسيلة لاستعادة النمو لاقتصادها، واستعادة السيادة والكرامة لشعبها، والتسديد بطريقة مسؤولة لجزء من ديونها التي تستطيع تحملها إلى حد معقول. من الناحية الواقعية، فإنها ربما لا ترقى إلى مستويات ألمانيا من التنمية والحصافة المالية. فهي تكافح مع قدر كبير من عدم الكفاءة والفساد وتغلب المصالح الخاصة والحكم غير الكفء – كما هو الحال في دول عديدة. وما يجعل اليونان تمثل إشكالية بهذا القدر هو أنها انضمت لاتحاد نقدي مع بعض من أكثر الدول تقدما وتنافسا في العالم. من أحد الدروس المستفادة من الجهود الكثيرة الفاشلة والقليلة الناجحة في الإصلاح الاقتصادي خلال القرن الماضي هو أن الدول لا تقفز فوق سلم التنمية. ومع العمل المضني على مدى أجيال، يمكن لليونان أن تصبح في وضع أفضل. بيد أن هذه العملية يجب أن يقودها اليونانيون. فلا يوجد أي قدر من الإصلاح القسري من قبل الدائنين أو التقشف سيجعل هذا يحدث. وكما أثبت تاريخ طويل من معايير الذهب وربط العملات بالدولار، ومختلف آليات سعر الصرف و«اليورو» الآن، فإن الدول التي لديها مستويات مختلفة من التنافسية والتنمية لا يمكن تقييدها معا بنفس العملة دون وقوع أزمات متكررة والتصفية في نهاية الأمر. لذلك، فإن اليونان يجب أن تترك «اليورو» في نهاية المطاف. والخيار هو خروج فوضوي مع كثير من المعاناة لليونانيين، وقدر كبير من التعثر في سداد الديون الأوروبية وتحول محتمل لليونان بعيدا عن أوروبا تجاه روسيا -- أو خروج موجه مع تقديم مساعدة. فكيف إذن سيعمل الخروج الموجه؟ لقد تم وضع خطط مختلفة وكلها تنطوي على ضوابط لرأس المال (التي هي لدى اليونان الآن)، وتحويل للودائع المصرفية إلى «الدراخما» التي انخفضت قيمتها (من المرجح أن اليونايين سيعانون من خسائر في الودائع لإعادة رسملة بنوكهم)، وفائض في الموازنة الأولية (وهو ما يطالب به الدائنون على أي حال). لذلك، فإن الخروج الموجه لا يحتاج لأن يبدو أسوأ بكثير من الوضع الحالي، مع استثناء واحد كبير – إن اليونان ستفقد إمكانية الوصول لأسواق المال الخارجية. وهنا يمكن لأوروبا المساعدة. فمن أجل الخروج من دون حدوث انهيار تام والعودة إلى النمو، ستحتاج اليونان إلى قروض جديدة، وتخفيف عبء الديون ومساعدة إنمائية. ومرة أخرى، هذا لا يختلف كثيرا عما تحصل عليه اليونان، باستثناء أن الدولة ستحتاج إلى شطب حقيقي وكبير للديون (بدلا من إعادة هيكلة مدفوعات الفائدة) لتحقيق الاستقرار في اقتصاد «الدراخما» الجديد والسماح له في نهاية الأمر بجذب الدائنين من القطاع الخاص في نهاية الأمر. إن ألمانيا وبقية الاتحاد الأوروبي ربما يكونوا أكثر استعداداً للقيام بذلك إذا ما رأوا نهاية حقيقية للأزمة – الثقة التي يمكن أن يقدمها استقلال العملة لليونان. ويرى البعض أن الخروج الموجه من اليورو مستحيل: فلا يوجد أي من معاهدات الاتحاد الأوروبي تسمح بمثل هذا الاحتمال، والقيام بذلك قد يلقي ظلالا من الشك حول عضوية دول أخرى بها تحديات مالية. ورغم ذلك، فخلال فترة الأزمة، ابتكر زعماء أوروبا آليات ومؤسسات جديدة (مثل آلية الاستقرار الأوروبي والاتحاد المصرفي). ومن المؤكد أن بإمكانهم فعل الشيء نفسه بالنسبة لخروج اليونان. وفي نفس الوقت، فإن دولاً أخرى مثل البرتغال وأيرلندا حققت استقرارا ومن غير المرجح في هذه اللحظة المضي في نفس طريق اليونان. حتى ولو اختلفت بعض الدول بشكل ملحوظ عن باقي منطقة «اليورو» خلال العقود القادمة، فإن الخروج لن يكون بالضرورة أمراً سيئاً. ويمكن القول إنه سيكون أفضل من أزمة دائمة أو انهيار تام، وهي المخاطر التي تواجهها أوروبا حالياً. إريك باينهوكر* *المدير التنفيذي لمعهد نيو ايكونوميك ثينكينج، جامعة أكسفورد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©