ازدهار صناعة الإنترنت العالمية ينعش الطلب على مراكز البيانات

تعاظم استخدام شبكة الإنترنت على مدى سنوات لم تستطع مراكز البيانات أن تلبي الطلب عليها. والآن رغم استمرار العديد من المستثمرين في التوجه نحو نشاط مراكز البيانات الذي يعد أحد المجالات القليلة المزدهرة في القطاع العقاري بالولايات المتحدة، يخشى آخرون من احتمال أن يكون عصر ازدهار مراكز البيانات قد ولى. في كبرى الأسواق الأميركية الممتدة من نيوجيرسي إلى سيليكون فالي، هناك مؤشرات إلى أن المعروض يسد احتياجات شركات الاتصالات والإنترنت وغيرها من الشركات التي تستأجر مساحات من أصحاب مراكز البيانات. وما يزيد الأمر تعقيداً أن بعض كبار المستأجرين مثل شركة فيسبوك تقوم بنفسها بتشييد منشآتها توفيرياً لقيمة الإيجار الذي كانت ستدفعه لمطورين خارجيين. يذكر أن في منطقة باي ايريا في سان فرانسيسكو تراجعت قيمة الإيجارات التي يدفعها كبار المستأجرين الذين يستأجرون مراكز بيانات كاملة أو أجزاء كبيرة منها بنسبة تقارب 20 في المئة في السنة والنصف الماضية وسط زيادة كبرى في المعروض حسب طوم راي رئيس تنفيذي كورسايت ريالتي التي تعد أحد أصحاب مراكز البيانات. وهناك مشاركون آخرون بالسوق يقولون إنهم لم يشهدوا تراجعاً شديداً للإيجارات في باي ايريا غير أن البعض يستشعر القلق من موجة جديدة من التشييد يرتقب أن تغزو السوق خلال هذا العام. تعتبر مراكز البيانات التي تستوعب وتربط الخوادم والمعدات الأخرى التي تعد العمود الفقري لشبكة الإنترنت نشاطاً ضخماً. إذ ينتظر أن تبلغ إيرادات مراكز البيانات في أميركا الشمالية 8,1 مليار دولار هذا العام بزيادة من 5,7 مليار دولار عام 2009. لدى شركة “تيريمارك” حالياً نحو 50 مركز بيانات. ويقول كيري بايلي الذي يديرها لحساب شركة فيريزون إن قدرة هذه الشركة العملاقة على ضم مرافق جديدة إلى شبكتها العالمية تعزز وضعيتها. ولا يزال العديد من مطوري مراكز البيانات الذين غالباً ما يباشرون أعمالهم قبل التعاقد مع مستأجرين يعملون بكامل طاقاتهم اعتقاداً منهم بأنه مع تعاظم استخدام الإنترنت (حيث تتوقع سيسكو سيستمز أن يزيد إلى أربعة أمثاله في غضون السنوات الخمس المقبلة) وتعهيد مزيد من الشركات تخزين بياناتها سيظل الطلب على استئجار مساحات في زيادة مطردة. لم يزد المعروض من مساحات مراكز البيانات في سليكون فالي ونيويورك سوى بنسبة 3 في المئة عام 2009 غير أنه يتوقع أن يزيد بنحو 10 في المئة هذا العام بالنظر إلى انفتاح التمويل العقاري. ولدى ديجيتال ريالتي تراست أحد كبار مطوري مراكز البيانات أكثر من مليون قدم مربع قيد الإنشاء في 11 سوقاً تمتد من بوسطون إلى سنغافورة لغاية 31 مارس بتكلفة تبلغ نحو 321 مليون دولار. ولمطور آخر ديبون فابروس تكنولوجي ثلاثة مشروعات ضخمة قيد التنفيذ في كاليفورنيا وفيرجينيا وإيلينوى بتكلفة تبلغ نحو 550 مليون دولار. كما تنشغل فانتدج داتا سنترز التي تمتلكها شركة الأملاك الخاصة سيلفرليك بارتنرز في بناء مجمع مساحته 314000 قدم مربع بتكلفة 300 مليون دولار في سيليكون فالي وتعتزم التوسع في مناطق أخرى بالولايات المتحدة. ويقول ستيفن سميث رئيس تنفيذي مشغل مراكز البيانات أكوينيكس إنك إن حجم التمويل الموجه إلى تشييد مراكز البيانات ضخم. ففي هذا العام وحده وضعت أكوينيكس التي تدير 98 مركز بيانات خططاً لبناء أو افتتاح منشآت جديدة في كل من أمستردام وباريس ودلاس ونيويورك وقريباً ساو باولو بالبرازيل. وتعتزم أكوينيكس إنفاق 615 إلى 665 مليون دولار عام 2011 على مشروعات ضخمة معظمها عبارة عن مراكز بيانات. غير أن سميث نفسه يقول إن إفراط البناء في هذا المجال أمر يدعو للقلق. في نيوجيرسي لم تزد مساحة مراكز البيانات الرئيسية (بالبنايات التي تبلغ مساحتها 100000 قدم مربع أو أكثر) إلا بنسبة الضعف فقط منذ عام 2005 حسب شركة العقارات التجارية سي بي ريتشارد اليس جروب وهو ما ساعد على زيادة قيمة الإيجارات في الجزء الشمالي من الولاية بما يقدر بنحو 14 في المئة في شهر أبريل بزيادة من 12 في المئة في شهر ديسمبر غير أن كورسايت الواقعة في باي ايريا تتوقع أن يتجاوز المعروض من مساحات مراكز البيانات الطلب عليها بنسبة تبلغ 50 في المئة في النصف الثاني من هذا العام. يكمن أحد أسباب اللاتوازن في أن بعض الشركات مثل فيسبوك (المستخدم العملاق لمراكز البيانات) تعكف على بناء مراكز خوادمها المترامية لتلحق بغيرها من عمالقة التكنولوجيا التي تدير منشآتها. حيث دأبت جوجل على بناء مراكز بياناتها لسنوات فيما كشفت أبل عن بنائها مركز بيانات جديد في نورث كارولينا الشهر الماضي. في ذلك يقول ساتون رولي أحد وسطاء مراكز بيانات سيليكون فالي الذي يعمل في شركة كاسيدي تيرلي للوساطة: “كان الأمر فيما سبق بسيطاً جداً حيث اعتاد المطورون بناء مراكز معلومات، فإن تبين أن تلك المراكز مبنية جيداً وأنها تحتل موقعاً جيداً كانت شركة مثل فيسبوك تسارع في استجاره. أما اليوم فقد تغير هذا الوضع وأضحت الشركات تبني مراكز بياناتها”. غير أن بعض المحللين الذين كانوا قد توقعوا تباطؤ في مجال بناء مراكز البيانات اكتشفوا مؤخراً أن الطلب على مراكز البيانات أفضل مما سبق أن توقعوا. ففي ديسمبر الماضي حذر بعض الخبراء من ارتفاع أسعار تداول مراكز البيانات رغم تباطؤ النمو واشتداد المنافسة ومع ذلك ما حدث هذا العام أن ارتفعت أسعار أسهم أكبر صندوق استثمار عقارات مراكز بيانات (ديجيتال ريالتي) بنسبة 24 في المئة التي تفوق كثيراً متوسط ارتفاع مؤشر داوجونز لأسهم العقارات البالغ 11%. في ذلك يقول بعض الخبراء إن السوق تغاضت عن زيادة مستوى المعروض في بعض الأسواق. وذكر محللون أن هناك توازناً بين العرض والطلب في اثنتين من أسواق ديجتيال ريالتي الرئيسية هما سانتا كلارا كاليفورنيا ونيوجيرسي وأضافوا أنه ما يزال هناك فرص ومجال مفتوح في أسواق أخرى مثل بوسطون وبعض المناطق خارج الولايات المتحدة. نقلاً عن: وول ستريت جورنال ترجمة - عماد الدين زكي