عندما تفقد إنساناً

عندما تفقد إنساناً كنت قد أفنيت نصف عمرك في الحصول عليه·· تظلم الدنيا بالحزن في عينيك!! تفقد بعده كل طريق يؤدي للفرح·· وتصاب بحزن مقيت يكاد يقطع أحشاءك!!·· فتود لو تغمض عينيك عن واقع لا تملك القدرة على مواجهته لأنه حتما سيهزمك!!، وأن المرارة استوطنت أعماق أعماقك!! وأنك فقدت قيمة الإحساس بما حولك!! فتبدأ بعتاب القدر لأنه خذل آمالك!! عندما تفقد إنسانا كنت تعلم أنه قد سكنك بكامل قواه·· فإن قوافل الحزن تجرك إلى مدن البكاء، فتصبح عاجزاً عن استتار دموعك!! فتدفعك وحشة الحزن للبكاء بصوت عالٍ حتى يذوب وجدك وتجف مآقيك!! عندما تفقد إنسانا كان قد تنازل لك عن ذاته وقيمه ومبادئه ليحتفظ بك في أعماقه·· فإنك تتمنى لو تعيد العمر لتعيش من أجله!! تتمنى لو أنك معه تحدثه بلغة الشوق فيمتلئ وجودك فرحاً لوجوده وتحاول أن تبقى قريباً جداً منه·· لكنك تقف كالمشلول حين تدرك أن العمر لا يمكنه أن يسترجع ما فات!! عندما تفقد إنسانا كان قد لون طرقك بألوان الورد تقف مذهولاً حائراً فتشعر أن نبأ فراقه قد وقع، عليك كالجبل وأنك مازلت ترفض وبشدة تقبل هذا الواقع وتتمنى لو أنك تفر من تفاصيله المؤلمة!! لكن القدر يجبرك أن تلوح بالوداع لأشياء لم تود يوماً أن تلوح لوداعها!! عندما تفقد إنسانا كان قد رسم لك الجنة على الأرض فإنك تتحدى مشاعرك في محاولة أن تنساه فتخونك قدرتك لأن هذا الدور لا يناسبك!! وتتألم حين تسافر بك ذاكرتك إلى مدن كنت تعشق لقاءه عندها·· فيشدك الحنين لتتجول باحثاً عن آثار خلّفها غيابه لكنك تنفجر كالينبوع لأنك اكتشفت أنه رحل عنك بلا عودة· سلمى ناصر