الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انسحاب باراك: ماذا بعد؟

18 يناير 2011 23:23
أمام دعوات متزايدة من داخل حزبه للانسحاب من الحكومة الإسرائيلية على خلفية حالة الجمود التي باتت تعتري عملية السلام، أقدم وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، بدلاً من ذلك، بالانسحاب من حزب "العمل" بهدف تشكيل فصيل برلماني منشق يحافظ على تحالفه مع رئيس الوزراء. لكن الخطوة المفاجئة التي أقدم عليها زعيم الحزب ورئيس الوزراء السابق تسببت للنظام السياسي الإسرائيلي في حالة من الاضطراب؛ حيث قام الوزراء "العماليون" المنافسون بالاستقالة من الحكومة على الفور، ليسيروا بما تبقى من حزبهم الذي هيمن على الحياة السياسية الإسرائيلية طوال ثلاثين عاماً بعد قيام إسرائيل إلى المعارضة البرلمانية. وقد كان يُنظر إلى إيهود باراك وحزب "العمل" من قبل الولايات المتحدة باعتبارهما قوى أساسية في تحريك عملية السلام الدبلوماسية؛ والحال أن هذه الخطوة يتوقع أن تؤدي إلى تقليص نفوذ باراك داخل الحكومة، بينما ستنقل السلطة إلى وزير الخارجية القومي المتشدد "أفيجدور ليبرمان" ووزير الداخلية الديني المتشدد "إيلي يشاي". ورغم أن انقسام حزب "العمل"، المحسوب على الحمائم، لن يسقِط حكومة نتنياهو، فإنه سيقلص الأغلبية التي يتوفر عليها رئيس الوزراء في الكنيست البالغ عدد مقاعده 122 من 74 مقعداً إلى 66 مقعداً. كما سيعيد تشكيل ملامح الحكومة باعتبارها حكومة ائتلاف ضيق تشمل أحزاباً متشددة ودينية، وليس حكومة ائتلاف واسع يقع في الوسط السياسي. والجدير بالذكر أن الانسحاب من الحكومات يتسبب تاريخياً في انحلال طويل للائتلاف، مما يفضي إلى الانتخابات؛ غير أن بعض المحللين يرون أن رحيل البرلمانيين "العماليين"، الذين كانوا يهددون في الواقع منذ أشهر بمغادرة الحكومة على خلفية جمود عملية السلام، يمنح الحكومة تماسكاً أكبر. وفي هذا الإطار، يقول "شيمي شاليف"، المعلق السياسي بصحيفة "إسرائيل حيوم": "الائتلاف يمر حالياً بتحولات، ويدخل عنصراً من عناصر انعدام الاستقرار"، مضيفاً "لا أعتقد أن واشنطن سيعجبها هذا التغيير، لأنهم سيعتقدون أن ذلك يمنح باراك نفوذاً أقل". انقسام حزب "العمل" قد يقوي موقف زعيمة المعارضة تسيبي ليفني وحزبها "كاديما" المحسوب على "يسار الوسط" باعتبارها البديل الحاكم الوحيد لنتنياهو. ومن غير الواضح حتى الآن من سيشغل المناصب الشاغرة في الحكومة؛ إذ يمكن أن يكونوا مشرعين من فصيل باراك الجديد أو أعضاء آخرين في الائتلاف. والجدير بالذكر أن الانقسام الذي وقع داخل حزب "العمل" تطور بعد انضمام باراك إلى حزب نتنياهو، "الليكود"، في الحكومة عقب هزيمة في انتخابات 2009؛ وقد دافع "باراك" عن هذه الخطوة من خلال تشديده على أن مشاركة حزب "العمل" في الحكومة ضرورية لزيادة خطوات السلام. غير أنه بعد انسحاب الفلسطينيين من المفاوضات المباشرة مع إسرائيل الخريف الماضي وفشل محاولة إعادة إحياء المفاوضات، شعر أعضاء البرلمان "العماليون" بالقلق؛ وخلال الأسبوع الماضي، أقدم أحدهم على الانسحاب من الحزب. وقال باراك في المؤتمر الصحافي الذي أعلن خلاله عن تأسيس فصيل من خمسة أعضاء يسمى "الاستقلال": "إننا سنغادر حزباً ومنزلًا"، مضيفاً: "لقد وصلنا إلى خلاصة مفادها أن الحالة السياسية غير العادية، التي كان فيها فصيلان عماليان اثنان في الواقع، يجب أن يتوقف". وفي رد فعله، قال إسحاق هيرزوج – وهو واحد من المشرعين العماليين الثمانية الذين تبقوا في الكنيست – والذي أعلن عن استقالته من الحكومة كوزير للرفاه الاجتماعي، إن الوقت قد حان "كي نكف عن الكذب على أنفسنا ونستقيل من هذه الحكومة التي أوصلتنا إلى طريق مسدود سعياً وراء السلام وفرضت علينا أفيجدور ليبرمان وحزبه في خطاب عنصري يهدد نظامنا الديمقراطي". ويرى بعض المحللين أن انقسام حزب "العمل" يمثل محطة في موت "اليسار" السياسي الإسرائيلي، الذي أخذ يتقلص على نحو متزايد منذ أن أشرف إيهود باراك على فشل محادثات السلام في أوسلو مع الفلسطينيين عام 2000. والجدير بالذكر هنا أن حزب "العمل"، وحزب "ماباي" الذي سبقه، هما حزب رئيس الوزراء الإسرائيلي المؤسس، ديفيد بن جوريون، وتمتع بحكم متواصل من 1948 إلى 1977. وعلى الرغم من أن بعض المحللين يتوقعون انتعاش حظوظ حزب "العمل" مع قدوم زعيم كاريزمي، فإن آخرين يرون أن الحزب بات عصياً على الإصلاح. وفي هذا السياق، يقول جدعون راهات أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية: "إنها قصة تاريخية لحزب قاد الحركة الصهيونية بنجاح كبير وانتهى به الأمر إلى هذه الحالة السخيفة"، مضيفاً "تخيل فقط أن الحزب الجمهوري أو الديمقراطي سوف يختفي". جوشوا ميتنيك محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©