الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قل أعوذ برب الفلق

12 أكتوبر 2010 21:03
لا أعلم هل أنا وحدي من يرى أن هناك ظاهرة أزلية قديمة متجددة زادت هذه الأيام وهي ظاهرة الحقد والحسد، لا أرى سبباً وجيهاً لازديادها، فما الذي يغذيها هذه الأيام بالذات، خصوصاً أننا نعيش في زمن يعيش العالم بأسره سنوات عجاف يابسات يأكلن الأخضر واليابس، وقد ضاقت الحال بالناس بانتظار الغوث والفرج، فمن كان موسراً فقد تساوى بغيره ومن كان معسراً فقد زاد فقره، في حين تجد معشر من ابتلوا بنفس خسيسة غير راضية بما قسم الله وما أعطى لا شغل لديهم ولا شاغل غير مزاولة هوايتهم في الحسد والقر وتمني زوال النعم عن الآخرين حتى لو لا ينالهم منها شيء سوى اكتساب الآثام والخطايا، خصوصاً أن الحسد كما هو معروف يعتبر أول خطيئة على وجه الأرض، عندما حسد قابيل أخاه هابيل فقتله.. ترى هل معنى ذلك أن الحسد جزء من طبيعة البشر وتكوينهم ويسري في عروقهم بحكم الوراثة مسرى الدم..! أم أنه إحدى الإفرازات الاجتماعية للأزمة المالية العالمية من الناحية؟ ويبدو أن المسالة تحتاج إلى مهارات خاصة، فلا أخفي أنني حاولت مراراً أن أمارس الحسد ضد أشخاص لسبب غير مفهوم وجدتني لا أحبهم، غير أن حسدي لم ينطل عليهم ولم يصبهم شيء فكنت حاسداً فاشلاً لأضيف حلقة جديدة في سلسلة الفشل التي تطاردني منذ أربعين عاماً.. وذهبت إلى أحدهم وكان من المخضرمين في فنون الحسد والعين حتى أتعلم منه و»بحلقت» بعيني بتركيز ودعكتها حتى احمرت على أمل أن تصيب، لكن كان في كل مرة تنقلب المسالة ضدي وعلي، فلا أجد إلا الخسائر تلوى الخسائر وتصيبني في مقتل في كثير من الأحيان، حتى انتهت بي الحال تائباً مستغفراً من محاولة ممارسة الحسد، فحتى هذا يعتبر فن يقتصر على فئة من الناس لديهم مؤهلات ومهارات لا يملك مثلها واحد مثلي نفسه لوامة ندّامة.. وقيل لي إن ممارس الحسد لا بد أن يكون قلبه مملوء بالغل والسواد، ولا بد أن يكون ممن يبحثون عن إيذاء الناس ومحاربتهم حتى لو كان لا يعرفهم، وأن تكون لديه كمية وفيرة من الأنانية التي تغرقه في وسط وحل الحسد والحقد حتى يموت قلبه وينطفئ نور عقله فيعيش في ظلمات جاهلية مقيتة تطغى على كل نور قد يظهر في حياته فلا يزداد إلا ألماً على ألم وغلاً على غل.. على أية حال فقد قال الشاعر في قديم الزمان: اصبر على حسد الحسود فإن صبرك قاتله فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.. rahaluae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©