الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

في اليوم الرابع عشر للعدوان

26 يوليو 2006 01:56
بيروت بين صمت الشوارع·· وحزن المقاهي بيروت - رفيق نصرالله: تبدو بيروت كما لو كانت ذهبت بعيداً لتسكن صمت الوقت، شوارع فارغة الا من القليل، ساعات الصباح تشهد بعض الحركة، اناس يحاولون تأمين حاجياتهم، سيارات مسرعة كما لو أنها تسابق الوقت كي تصل قبل ان تبدأ الغارة، محلات مقفلة، مصارف تغامر بالخدمة ساعتين ثم تقفل ابوابها، وزارات لا تعمل الا بمن حضـر، حتى شرطة السير قليلاً ما يلوحون بأيديهم· ورغم ان بيروت لا تزال بعيدة عن القصف، الا انها تتواصل مع الضاحية التي هجرها ناسها ليسكنوا المدارس والساحات والملاعب في قلب العاصمة· حزن على الوجوه، الحركة قليلة في المطاعم، المقاهي شبه فارغة الا من البعض القليل في الشوارع الخلفية حيث يفضل البعض ان يخرج من غرفته الضيقة ومن الشاشات التي لا تصور الا الموت والجثث والاطفال الذين مزقتهم الطائرات، يرمي بعض المثقفين او من السياسيين المتقاعدين ثرثراتهم على الطاولات المتبقية، كل يحلل وينظر ويلوح بيديه وهو يتحدث عن الايام القادمة التي ستحمل المزيد من الآلام· كانت هذه المقاهي خلال المونديال تضج بالمئات وبالهتافات والاصوات، الآن، حزينة هي، غابت شاشاتها الكبيرة، وغاب روادها، يأتي القليل الى المكان وكل يحمل في وجهه الاسئلة الصعبة· لا يزال كورنيش البحر مكانه، يأتيه بعض الذين يمارسون المشي او بعض الذين يرمون همومهم نحو الازرق الممتد الذي تبدو فيه ظلال البوارج انها تحتل خط الافق، محلات مقفلة، مقاهي الرصيف المطلة على البحر معتمة، صمت يحتل الاروقة وحتى الرصيف الذي كان يعج بباعة الترمس والفول بدا كما لو انه ليس رصيف بيروت· الروشة، مكانها، صخور تضرب عميقاً في المياه وشامخة هي على صدر بيروت، لكنها لم تعد المكان الذي يأتيه السياح ليلتقطوا الصور التذكارية· شارع الحمرا، عجقة لساعات، وملامح لنازحيه يمرون في الشارع وهم ينظرون نحو الواجهات التي فرغت من اصحابها· وحدها المطاعم تعمل لتؤمن حاجة الكثيرين الذين لا يزالون في المدينة، غابت شاشات السينما وعجقة المحلات الكبيرة، وغابت الواجهات التي كانت تضج بالدهشة حتى الاسبوعين الماضيين· من محيط السمرلاند الى الروشة الى المنارة الى السان جورج خط من الاسئلة تحتل الطريق الذي يجاور البحر· أين هي عجقة الفينيسيا·· لا احد هنا الا القليل، كأن الحياة قدمت استقالتها، كأن الوقت اعلن استقالته، كأن المدينة اخذت قراراً صعباً بأن لا تستنشق اوكسجين الحياة·· هذا ما تفعله الطائرات السوداء عندما تحتل سقف الوطن وعندما تتفنن في قصف ما تريد من النوافذ والشرفات والبيوت·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©