الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سنة أولى صيام» تغرس حب الصوم في نفوس الأبناء

«سنة أولى صيام» تغرس حب الصوم في نفوس الأبناء
13 يوليو 2013 21:34
يدخل العديد من الأطفال شهر رمضان الكريم بالحماس نفسه الذي يستقبل به الكبار أيامه العطرة، فيداعب خيالهم الصوم على الرغم من مشقته على الذين لم يصلوا للسن التي تؤهلهم للقيام بهذه المهمة التي تحتاج إلى قوة جسمانية وطاقة بدنية لإتمام هذا الركن الأصيل من أركان الإسلام، وفي ذروة هذه الرغبة التي يتمثل فيها الصغار بالكبار يحاول بعض الآباء إبداء المرونة مع أطفالهم في سنة أولى صيام من أجل أن يدربوهم شيئاً فشيئاً على الصوم. تغرس العديد من الأسر في نفوس الأبناء حب الصوم، وتعمل على تحفيزهم عبر منحهم جوائز لمن يستطيع أن يصمد أكثر ويقاوم الجوع والعطش، فضلاً عن وجود أسر أخرى تجد رغبة عارمة لدى أبنائها في استكمال اليوم كاملاً، وهو ما يجعلهم يصلون إلى مرحلة من الوهن والإعياء الشديد، ما يستلزم الخضوع لضوابط معينة، بحيث تتم عملية الصوم بسلاسـة ومـن دون وقوع أي أضرار على هذه الفئة الغضة التي يسعى كل أب وأم لأن يكون رمضان له مكانة خاصة في قلوبهم. من الخصال الطبية وحول المشكلات التي تؤثر على صيام الأطفال في سن مبكرة، تقول طبيبة الأطفال بمستشفى النور في أبوظبي الدكتورة لمياء التيجاني، إن تعويد الطفل على الصيام أمر جميل ويعد من الخصال الطبية التي نغرسها في الأبناء، لكن يجب مراعاة عمر الطفل، وحالته الصحية، وقدرته على القيام بهذه المهمة، فالطفل لا ينبغي أن يصوم بشكل كامل قبل البلوغ في عمر 11 أو 12 عاماً، بحيث يكتمل نموه الجسماني، ويكون قادراً على الامتناع عن الطعام حتى موعد الإفطار، ويجب أن يشتمل إفطاره على العناصر الغذائية كافة، مثله في ذلك مثل الكبير، وتبين أن الطفل قبل بلوغه ثماني سنوات لابد أن يتناول وجبة كل ثلاث أو أربع ساعات بحيث تشتمل هذه الوجبات على كربوهيدرات مركبة وبروتين، وألياف ودهون صحية. وتشير إلى أنه يمكن تعويد الطفل على الصيام بعد سن السابعة، وذلك بتشجيعه على الصيام لعدد محدود من الساعات، يبدأ بثلاث ساعات ثم خمس، وهكذا إلى أن يصبح لديه القدرة على صيام يوم كامل، وفي حالة وصوله إلى ذلك يجب مراعاة ألا يتناول كمية كبيرة من العصائر أو المياه عند الإفطار بحيث يركز على الأطعمة الغنية بالفيتامينات الطبيعية. ونؤكد أنه إذا قل نشاط الطفل وظهرت عليه بوادر الوهن والإرهاق وعدم القدرة على استكمال يوم الصيام بشكل طبيعي فإنه يجب إقناعه بالإفطار، ومن ثم تناول كميه بعض العصائر ووجبة متكاملة إذ إن الطفل يستهلك السكر في الجسم بصورة سريعة، وتوضح التيجاني أن الآباء الذين يجعلون أبناءهم يصومون الشهر كاملاً قبل سن الثامنة يعرضون أطفالهم للخطر وخصوصاً تأخر النمو، وترى أن هناك أخطاء جسيمة تقع فيها العديد من الأسر التي تجهل تماماً المعلومات الصحيحة حول صيام الأطفال، وهو ما يستلزم وجود حملات إعلامية مكثفة لتوعية الآباء والأمهات بهذه المهمة حتى لا تلحق بالطفل أضرار، من الممكن أن تؤثر بشكل مباشر على حالته الصحية والنفسية. ضيف عزيز لا تترك فاطمة المرزوقي «ربة منزل»، ابنها البالغ من العمر ست سنوات، في رمضان من دون أن تتبع معه نظاماً يعينه على صوم بعض الساعات، فهي تتعمد تأخير تقديم الطعام له في الأوقات التي اعتاد على أن يتناول فيها الوجبات. وتقول: قبل حلول شهر رمضان بأيام وأنا أقول له سيأتي إلينا ضيف عزيز ونود أن نكرمه، والطفل يسأل عن هذا الضيف، ويلح في معرفته، فتجيبه بأنه رمضان خير الشهور، وأعظمها عند الله. وتتابع: أعقد معه اتفاقاً بحيث أحرك في داخله الشجون لاستقباله، ويخبرني بأنه سيصوم إلى منتصف اليوم، ولأنني أعرف أنه لا طاقة له بذلك لا تكلف نفسك فوق ما تطيق، وتلفت إلى أنه في اليوم الأول لم يستطع الصوم إلا بعض الساعات القليلة، وهو فرح مسرور بما أنجز، وكذلك والده أيضاً الذي يحفزه، ويعده بأن سيلبي له بعض مطالبه، وتبين أنها تجتهد في أن تجعله يصلى بانتظام وتغرس في نفسه حب هذه الفريضة الجميلة والحرص عليها، وحين تهم بالوضوء تستدعيه، وتعلمه كيفية إسباغه على المكاره، وهو ينشط ويقلد ويحاول، ويضع إلى جوار سجادة صلاتي سجادة أخرى ويصلي معي. دور العبادة ومن جانبه، يوضح سعيد حميد «محام»، أن لديه ثلاثة أطفال لم يبلغوا بعد سن العاشرة، لذا يتبع معهم نظاماً دقيقاً من أجل تعويدهم على الصيام، ويشير إلى أنه يحث أطفاله منذ سن الخامسة على الذهاب معه إلى المسجد بحيث يستشعرون أهمية دور العبادة في حياة المسلم، فضلاً عن أنهم جميعاً يتحمسون للذهاب معي إلى أحد المساجد يوم الجمعة لأداء الصلاة، وفي كل يوم جمعة يستيقظون مبكراً ويرتدون ملابسهم وينتظروني، وبالنسبة لشهر رمضان المبارك، يقول: لم أفرض على أي منهم صيام رمضان كاملاً، وكل ما أفعله في هذه الفترة هي تدريبهم بشكل بسيط على الصيام، وما من شك في أنهم يحبون هذا الشهر ويعظمونه ويقرأون القرآن فيه، ويلفت إلى أنه من الضروري أن يرتبط الأبناء بالعبادة يعرفون أساسيات دينهم دون مغالاة. الصيام على مراحل ولا يخفي إبراهيم الحوسني «مهندس مدني»، قلقه مما تعرضت له طفلته البالغة من العمر سبع سنوات، إذ أبلغته قبل بداية رمضان بعزمها على الصيام بشكل منتظم، وحين سمع منها هذا الكلام أبدى دهشته، وعلى الرغم من فرحته العارمة بما اهتدى إليه فكرها إلا أنه طلب منها بأن تصوم وفق مقدرته. ويذكر أن طفلته موزة تحرص على أن تتعلم من أمها الصلاة، وتذهب معها إلى المحتاجين، ويقول: بدوري أتحدث إليها عن أن الصوم يعلمنا الإحساس بالفقراء الذين لا يمتلكون قوت يومهم، ويعيشون على ما يقدمه لهم الأغنياء، وهو ما جعل الطفلة تتحمس في هذه العام إلى أن تفعل مثلنا وتصوم كما نصوم وتجلس معنا لتفطر عندما ينطلق مدفع الإفطار. ويشير إلى أنه قبل انتهاء اليوم الأول شعرت موزة بإعياء شديد، وهو جعلنا نذهب بها إلى أقرب طبيب، وفور وصولنا تولى متابعة حالتها وحذرنا الطبيب من أن يتكرر موضوع صيامها بهذا الشكل، وشرح أن الصيام يجب أن يتم على مراحل حتى ولو تحامل الطفل على نفسه، ويلفت الحوسني إلى أنه استفاد من هذا الدرس وعمل جاهداً خلال الأيام المتبقية على الإشراف بنفسه على عدد الساعات التي تستطيع أن تصومها طفلته، حتى لا تتعرض إلى الحال نفسها التي مرت بها في اليوم من شهر رمضان المبارك. الصوم يهذب سلوك الأطفال بالنسبة للضوابط الشرعية المتعلقة بصيام الأطفال يقول المفكر والداعية الإسلامي الدكتور أحمد الكبيسي: تعلم سلوك الصيام منذ الصغر يجعل الأطفال يحافظون عليه في الكبر، لكن ذلك لابد ألا يكون بطريقة تنفر الصبي الذي لم يبلغ الحلم، والإسلام دين النقاء والطهار، وحين فرض الله الصيام على العباد فهو يذكي أنفسهم، لذا لا يجب بأي حال من الأحوال إجبار الطفل على الصيام، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم «رفع القلم عن ثلاثة، عن المجنون المغلوب على عقله حتي يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم» رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود، وليس معنى ذلك ألا نعوّد أطفالنا على الصيام ومحبة شهر رمضان وإجلاله، وإنما ينبغي أن نخلق أجواء إيمانية في بيوتنا، وأن نحث أطفالنا في البداية على الصوم ولو لساعات قليلة، حتى يعرف الطفل فضيله الصوم وفوائده، وأن الرجل حين يأخذ طفله إلى المسجد ويعلمه الصلاة فإن الأب يأخذ أجران، أجر صلاة ابنه، وأجر حسن التربية، ويذكر الكبيسي أن تحبيب الطفل في صوم رمضان له أثر نفسي وديني واجتماعي، حيث يهذب الصوم من سلوك الأطفال ويكسبهم الخصال الحميدة ويجعلهم يشبون وهم مدركون لهذا الركن المهم في الإسلام، ومتى كان الطفل قادراً على الصيام، وفي سن تؤهله إلى ذلك، فإنه يجب إلا يحرمه الأب، بل يجب أن يكافئه على ذلك، ويجزل له العطاء، ومتى عودنا أبناءنا على المساجد صلح حالهم، ونضج تفكيرهم، وجنينا منهم كل الخير.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©