الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالمنعم معوض: الغرب نقل المربع عن الفن الإسلامي

عبدالمنعم معوض: الغرب نقل المربع عن الفن الإسلامي
13 يوليو 2013 21:36
ساهمت نشأة الفنان التشكيلي عبدالمنعم معوض في حي الدرب الأحمر في حارة «المسك» التي تطل بوابتها على حي الخيامية في استلهامه لتجربته الفنية التي تمتد لأكثر من 50 عاماً، ارتكز خلالها على التراث الإسلامي بعد أن ارتحل إلى عالم التصوف والعشق الإلهي. وبسبب نشأته الدينية تلك، يلجأ معوض إلى رسم الحروف العربية ضمن لوحاته التي تتضمن آيات قرآنية كسورة «الإخلاص» في الخط الكوفي المعروف بروحانيته الكبيرة، موضحاً أن الإخلاص لديه يعني إخلاصاً في عمله وتعامله مع الآخرين، وأن ذلك هو التصوف الحقيقي. مجدي عثمان (القاهرة) - يقول معوض إنه حاول أن يترجم الأشكال الإسلامية إلى لوحة، من خلال رسم الوحدة الزخرفية الإسلامية بشكلها التقليدي ثم القيام بتقطيعها إلى أجزاء يبعثرها ليعيد ترتيبها في صياغة جديدة، بعد أن أدخل التجريد الحر مع تلك الوحدة الإسلامية لتصل إلى لغة فنية معاصرة. ويضيف أن المربع هو أساس الأشكال الهندسية التي يخرج منها المثلث والمستطيل والنجمة والدائرة والمكعب، وفلسفياً، هو أساس الكون ومركز الكرة الأرضية، مدللاً بأن الكعبة المشرفة قائمة على شكل مربع، وأن التعامل مع المربع يفرز أشكالاً متنوعة ورائعة في الوقت ذاته، ومهما ظل الفنانون يرسمونه سيبقى هذا الشكل الروحاني غير متناه، ولن يكف عن تقديم الجديد دائماً، مما جعله يقوم بتحليل المربع في لوحاته بأوضاع وأشكال مختلفة، لإكسابها عنصر الحركة اللا نهائية. المشاعر الإيمانية ويوضح أنه قسم لوحاته إلى أحادية وثنائية وثلاثية ورباعية، بعد أن حرك المربع من داخل اللوحة إلى خارجها، إضافة إلى حركته داخل اللوحة نفسها، وهو ما يعطي الإيحاء بالخداع البصري، الذي يعمل على تجسيم شكل المربع بالرغم من أنه محصور في بعدين فقط، مؤكداً أن حي الخيامية الذي تربى فيه أفرز كل ما يتصل بعلاقته بالمربع في شكل الخيام والمشربيات والأسبلة والمساجد والأضرحة والزخارف المختلفة على واجهات المباني، وأن الغرب قد نقله عنا كأساس الهندسة والعمارة وما تفرزه من أشكال أخرى. ويصف الكاتب ماهر موسى أعمال معوض بأنها تعبير صادق عن المشاعر الإيمانية لفنان مصري، استطاع بموهبته الفنية وبحوثه الأكاديمية أن يقدم صياغة جديدة لمفردات الزخرفة الإسلامية، يتحاور معها المتلقي في سياق روحي ومشاعر إيمانية شديدة الشفافية، فهي ضرب من الموسيقى الكونية التي تعزف إيقاعاتها التشكيلات الزخرفية ذات الطابع الإسلامي، ويعظم الإحساس بها تلك الألوان التي اختارها كمادة أساسية لصياغاته، فكانت ثراء واضحاً للقيمة التشكيلية الكامنة في طيات الوحدات الزخرفية الإسلامية، لتعلن عن فنان مصري عاشق للثقافة الإسلامية، واستطاع من خلال هذا العشق أن يحول لوحاته إلى لحظات إيمانية، يتجلى الشعور الإيماني فيها بقدسية شديدة، وصفاء نفس مطلق، بعد أن أخرج الوحدة الزخرفية من صمتها لتكون في حركة ديناميكية تسبح في صفاء نفسي مطلق جاذب للمتلقي الذي يقرأها بإحساسه الفطري عابداً مستسلماً لما تنقله إليه من أحاسيس إيمانية خالصة. الألوان الفوسفورية وعن استخدامه الألوان الفوسفورية يقول كمال الجويلي رئيس الجمعية المصرية لنقاد الفن التشكيلي إن عبدالمنعم معوض في تجلياته الإسلامية يتفوق على نفسه بسحر تلك الألوان وتنغيماته الثرية، بالرغم من أنه لم يتخل عن الإطار التاريخي لأعماله منذ المرحلة الأولى كبصمة تعتبر توقيعاً بغير كلمات، بعد أن نجح في التعبير عن إحساسه بمقومات الفن الإسلامي التاريخي التجريدي الذي ابتعد عن تصوير الإنسان والكائنات الحية منطلقاً، كتعويض وموازاة، للإبداعات من خلال ما أطلق عليه «التوريق» والذي ينطلق من تداعيات مسلسلة لتكوينات أوراق النبات بتوجهات متتابعة لا تنتهي، ولكنها تمتد وتتلوى ذات اليمين وذات اليسار وكأنها وحدة حية تبحث عن مسار وتنفذ من خلال مضيق لا يستطيع أن يحجزها لتتفتح أمامها مساحة جديدة، وهكذا تصبح تلك الورقة التي تشبه القلب وكأنها طبيعة حية تتوغل في سراديب تذكر المتلقي بالعالم الفسيح الذي تتجدد ألوانه وأشكاله، وهو ما استفاد منه «معوض» في لوحاته التي تشعر المتلقي بتكامل المحاور المتكررة فيما يشبه الصراع من أجل السبق في الفضاء، وكأنما أسقط الفنان إحساسه الوجداني القريب من الصوفية بيوم الحشر. ويوضح معوض أن الخروج بشكل معاصر جديد من خلال استخدام شكل النجمة الإسلامية مع المحافظة على قيمتها التراثية مثل إحدى المشكلات التي كانت تواجهه تشكيلياً، فأخذ يتحلل من القيود التقليدية لأشكال الوحدات الإسلامية، باعتبار أننا نعيش عصر البعثرة المنمقة في المظهر الخارجي فقط، من خلال أبحاثه الفنية التي تجعله لا يتوقف عند طريقة أو أداء ثابت. وأضاف أنه لا يشعر بالرهبة عند التعامل مع أي لون، حتى تلك الألوان التي لا تنسجم معاً، كما درس ذلك أكاديمياً، إلا أنه ببعض الحسابات الخاصة، يمكن أن تجتمع تلك الألوان وتتفاعل، موضحاً أنه يفضل استخدام اللون الأزرق بدرجاته التي ترمز إلى الصفاء والأخضر بدرجاته التي ترمز إلى الحياة، بينما اللون الأحمر يرتبط به منذ أن كان يراه وهو صغير في الوحدات الشعبية حيث صناعة الخيامية بألوانها الصريحة وصندوق الدنيا والحلاوة العسلية، وعربات البطاطا المزخرفة بألوانها الزاهية. الخدعة البصرية ويقول معوض إن الإسلاميات تعتمد على الخدعة البصرية مثل «النجمة الإسلامية»، وأن التجريدات تعتمد على جرأة اللون، الموجودة في الألوان الفسفورية، حيث يتأكد الإيهام البصري من خلال الألوان الباردة والصارخة والتضاد، واللون العاكس وغير العاكس، وأن اللون الفوسفوري يشعل عناصر الزخرفة الإسلامية بعد أن تخضع للشكل المعاصر، حتى أصبح يجيد توظيف الألوان الفوسفورية في لوحاته، والتي لا يستطيع العمل بدونها، مما جعلها السمة الواضحة التي تميز أعماله، خاصة اللون «الأحمر الحلاوة» الموجود في عرائس المولد النبوي، وهو لون لا تخلو لوحات منه، إضافة إلى اللون الأسود الذي يشغل مساحات متفاوتة في أعماله، كاعتباره رمزاً للفراغ الكوني، على حد وصفه، ويتطلب إحداثه في اللوحة عملية حسابية دقيقة، مما يجعل مساحة الفراغ غير متناسقة مع اللوحة والمسطح والجسم الذي يشغله.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©