الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبو عبيدة بن الجراح.. أمين الأمة

11 يوليو 2015 19:15
محمد أحمد (القاهرة) عامر بن عبدالله بن الجراح، كنيته «أبو عبيدة»، أمير وقائد حكيم وبارع، صحابي جليل، ولد في سنة 40 قبل الهجرة، فاتح بلاد الشام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، من السابقين إلى الإسلام، كان حليماً متواضعاً كثير الرفق، وحضر الغزوات كلها، وروى عن النبي عدداً من الأحاديث، أسلم في اليوم التالي لإسلام أبي بكر الصديق بعد أن دعاه إليه، تحمل الكثير من الأذى والعذاب صابراً راضياً. هاجر أبو عبيدة مع المسلمين إلى المدينة، وفي بدر جاءت مكة برجالها لحرب المسلمين، وكان من بين الكفار والده عبد الله، الذي كان يهاجم جيش المسلمين بضراوة، وكان أبو عبيدة يرى أباه ولا يريد أن يواجهه في معركة، وحاول أن يبتعد، ولكن والده تعرض له يريد قتله، وهنا تداخلت الأفكار في رأس أبي عبيدة، ولكنه سريعاً حسم أمره وقرر أن ينصر الله ويهزم الكافر المشرك، فقتل والده. لكنه ظل حزيناً بعدها فأنزل الله تعالى قوله: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، «سورة المجادلة: الآية 22». في يوم أحد كان أبو عبيدة أحد الذين ثبتوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم وقد أسرع إليه ونزع بثنيتيه إحدى حلقتي المغفر فنزعها بقوة وسقط على الأرض وسقطت ثنيته، ثم أخذ الحلقة الأخرى بسن ثانية، فخلعها وسقطت هي الأخرى، فكان «أثرم» بسبب هذه الواقعة التي فقد فيها سنين من أسنانه. احتل أبو عبيدة مكاناً طيباً كريماً في نفس النبي فبعثه مع وفد نجران ليعلمهم القرآن ومنهج الإسلام، قال أنس بن مالك: إن أهل اليمن قدموا على رسول الله فقالوا: ابعث معنا رجلاً يعلمنا السنة والإسلام، فأخذ بيد أبي عبيدة، فقال: «هذا أمين هذه الأمة». بعث الرسول قبل صلح الحديبية أبا عبيدة ومعه ثلاثمئة من الصحابة ليعترض قافلة لقريش، وأثناء الغزوة أصابهم جوع شديد، حتى أكلوا الخبط - ورق الشجر - فسمي الجيش «جيش الخبط»، ولم يبق سوى التمر الذي كان معهم يأكلونه، فأمر أبو عبيدة بأن يعطى الرجل تمرة واحدة كل يوم يمصها، ثم يشرب بعدها الماء، فتكفيه إلى الليل. اختار أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - أبا عبيدة لقيادة الجيوش، فكان أحد القادة الأربعة الذين اختارهم الصديق لفتح الشام، ومعه يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص. عينه عمر بن الخطاب قائداً عاماً على جيوش الشام ويذكر التاريخ أن عمر أمر بعزل خالد بن الوليد وتنصيب أبي عبيدة أميراً على الجيش، ولما جاء مبعوث عمر بهذا التكليف كان خالد يومئذ في التحام واشتباك مع أعدائه في إحدى المعارك العنيفة، فكتم أبو عبيدة الأمر وأخفاه عن خالد إلى أن انتهى من المعركة محرزاً النصر، ثم أعلمه بأمر عمر فسأله خالد: «يرحمك الله يا أبا عبيدة، ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب؟، فأجاب «إني كرهت أن أكسر عليك حربك، وما سلطان الدنيا نريد، ولا للدنيا نعمل، كلنا في الله أخوة». وقال عنه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وهو يموت: «لو كان أبو عبيدة بن الجراح حياً لاستخلفته، فإن سألني ربي عنه قلت: استخلفت أمين الله، وأمين رسوله»، كما قال عنه: «لو كنت متمنياً ما تمنيت إلا بيتاً مملوءاً برجال من أمثال أبي عبيدة». توفي أبو عبيدة بن الجراح بالطاعون وعمره 58 في العام 584 ودفن بقرية حملت اسمه بغور الأردن، وتحدث الناس عندما أصابهم هذا الوباء، أنه غضب من الله على المسلمين، فقام أبو عبيدة، وقال لهم: «أيها الناس إن هذا الوجع رحمة بكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين من قبلكم، وإن أبا عبيدة يسأل الله أن يقسم له منه حظه»، فاستجاب الله لأمين الأمة فتوفي تأثراً بالمرض.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©