الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وفيات زلزال هايتي... تقديرات جديدة

15 يوليو 2011 22:41
منذ الغزو الأميركي للعراق في 2003، كانت ثمة 60 ألف حالة وفاة مدنية على الأقل، أو لعل الرقم قريب من 650 ألف حالة. وخلال الفترة بين 1998 و2004، توفي 5.4 مليون نسمة في الحرب التي اندلعت في جمهورية الكونغو الديمقراطية وفي الفترة التي تلتها، أو ربما يمثل الرقم الحقيقي خُمس هذا العدد! وفي هايتي قُتل أقل من 46 ألف شخص في الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في يناير 2010، أو ربما تكون حصيلة القتلى الحقيقية أكثر من 300 ألف قتيل! إن العلم الخاص بقياس الوفيات وحالات الإصابة مثير للجدل. فهناك نزاعات مريرة بين مجموعات الباحثين الذين يدرسون حصيلة القتلى في البؤر الساخنة عبر العالم. والكثير من الحكومات تفضل تجنب أي نقاش للتكلفة البشرية للحرب. غير أن الأرقام مهمة، وذلك لأنها يمكن أن تؤثر على الردود السياسية على النزاعات المسلحة، والمجاعات، والكوارث الطبيعية. وتستعمل الإحصائيات عادة للفت الانتباه إلى أدلة على وجود انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان، بل وحتى الإبادة. وتعد هايتي أحدث مكان لإثارة هذا الموضوع حول أرقام وفيات المدنيين. فالزلزال الذي ضرب العاصمة بورت أو برانس العام الماضي كان بدون شك أسوأ كارثة طبيعية تعرفها هايتي. وفي غضون أيام قليلة على هذا الحدث المأساوي، قدرت السلطات الهايتية أن أكثر من 230 ألف شخص قتلوا وأن نحو 300 ألف آخرين أصيبوا بجروح. غير أنه بعد نحو عام على ذلك، زعم رئيس الوزراء أن 316 ألف مواطن قد توفوا جراء الزلزال. والواقع أن قلة قليلة من الأجانب شككوا في الأرقام أو المنهجية التي اتبعت من أجل التوصل إليها في ذلك الوقت، وذلك رغم أن الأرقام بدت كما لو أنها اعتباطية، وليست نتيجة إحصاء دقيق. وفي شهر يونيو الماضي، قدمت مؤسسة استشارية كلفت من قبل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية حصيلة مقلصة بشكل دراماتيكي للأشخاص الذين قضوا في الزلزال. وقد زعم معدو الدراسة أن ما بين 46 ألفاً و85 ألف هايتي قُتلوا في الزلزال، وأن نحو 850 ألفاً آخرين في المخيمات. وعلى الرغم من أن الأرقام كانت أكثر تواضعاً بشكل معتبر مقارنة مع أرقام الحكومة الهايتية، فإن معدي الدراسة لم يشرحوا على نحو كاف ومقنع كيف تم التوصل إليها. والواقع أن ثمة أسباباً لتوخي الحذر بشأن التقديرات المرتفعة والمنخفضة. فتقديرات الحكومة الهايتية لا تستند إلى أي أساس واقعي. أما بخصوص التقرير الذي صدر في شهر يونيو الأخير، فإن مسؤولي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية نأوا (منذ الآن) بالوكالة عنه، معتبرين أنه "يفتقر إلى الانسجام الداخلي". وقد ظهرت التقديرات المنخفضة خلال فترة تميزت بانتقادات شديدة للوتيرة البطيئة لخروج هايتي من تداعيات الكارثة وجهود إعادة الإعمار بها. ويبدو توقيت التقرير جزءاً من نسق أوسع من نفاد صبر المانحين الذين ضاقوا ذرعاً. ذلك أن جزءاً كبيراً من الـ10 مليارات دولار التي تم التعهد بها لجهود إعادة الإعمار لم يتم دفعها بعد. ويخشى بعض الهايتيين ومنظمات المساعدات الأجنبية أنه من خلال تقليص شدة الوضع هناك، فإن التقديرات المنخفضة يمكن أن تشجع المانحين على تبرير استراتيجية خروج مبكر من البلاد. وعلاوة على ذلك، فإن المعد الرئيسي للدراسة، الذي يعمل لحساب منظمة "إل تي إل" التي يوجد مقرها في واشنطن، رد بالقول إن "التقديرات المرتفعة لحصيلة القتلى لم تكن مدعومة بالبحث أو بأدلة أخرى". وعلى الرغم من أن هذا الأمر صحيح بدون شك، إلا أنه يشبه إلى حد كبير المثل الشعبي القائل "الجمل لا يرى اعوجاج رقبته". وقد توصلنا إلى مجموعة من الأرقام مختلفة عن تلك التقديرات السابقة في هايتي، وفيما يلي الأسباب التي تدفعنا للاعتقاد بأن أرقامنا أدق وأقرب إلى الواقع. ذلك أنه بدعم من منظمة الأمم المتحدة ومركز البحث الدولي للتنمية، استطاع فريق الباحثين التابع لنا، والمؤلف من باحثين من أميركا الشمالية وهايتي، بحث ودراسة تكاليف وعواقب الأزمة المستمرة فصولها على الأرض. وبعد القيام بعدد من الدراسات التي شملت عائلات هايتية، توصلنا عبر التقديرات إلى أنه كانت ثمة 158 ألف حالة وفاة تقريباً في العاصمة بورت أو برانس والمناطق المحيطة بها خلال الأسابيع الستة التي أعقبت الزلزال. وهذا يمثل ضعف تقديرات منظمة "إل تي إل" على الأقل ونصف ما تدفع به الحكومة الهايتية من أرقام! وغني عن البيان أنه من الأهمية بمكان أن تكون الأساليب المتبعة من قبل علماء الاجتماع صحيحة وسليمة عند إحصاء أعداد القتلى والإصابات بعد كارثة ما. فهذا أمر لا يتعلق بمسألة النزاهة العلمية فحسب، بل له تداعيات خطيرة أيضاً على المستفيدين المحتملين من المساعدات. وهنا ينبغي التشجيع على نقاش جاد حول التقديرات التي ينبغي أن تكون مبنية على القواعد العلمية، وليس على السياسة أو أشكال أخرى من الانحياز. ولئن كان صحيحاً أن كل وضع مختلف عن الآخر، فإنه يتعين على الباحثين أن يحرصوا على أن تستوفي بحوثهم القواعد والمعايير العلمية، وأن يشرحوا المنهجية التي اتبعوها، وأن يتحلوا بالشفافية بشأن كل خلاصاتهم واستنتاجاتهم، وذلك لأنه من واجبهم ضمان أن تكون تقديراتهم سليمة وصحيحة. روبرت موجا وأثينا كولبي أكاديميان أميركيان ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©