الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لماذا تحتاج إيطاليا حزمة إنقاذ؟

15 يوليو 2011 22:52
دون إنذار مسبق، ومع الحرص في ذات الوقت على التأكيد بأنه ليس اجتماع "أزمة"، عقد كبار المسؤولين الأوروبيين في الحادي عشر من الشهر الحالي اجتماعاً ناقشوا فيه رسمياً، وللمرة الأولى، المخاوف المتعلقة بالديون السيادية الضخمة التي ترهق اقتصاد إيطاليا. وقد عقد الاجتماع في أعقاب الهبوط الحاد في مؤشر البورصة الإيطالية يوم الجمعة الماضي، وفي ظل الارتفاع الكبير في تكاليف سندات الخزانة الإيطالية (لمدة عشر سنوات)، وهو ما أثار بعض المخاوف بصدد احتمال تعرض إيطاليا لأزمة ديون سيادية، ومخاوف أخرى تتعلق بأن الحديث عن احتمالات عجزها عن سداد الديون المستحقة عليها في موعدها، قد ينتشر إلى دول أخرى في منطقة اليورو، لتصبح الأزمة أوسع نطاقاً وأعمق تأثيراً. والاجتماع الأوروبي المذكور، جاء في أعقاب مناقشات الاتحاد الأوروبي غير المكتملة حول حزمة الإنقاذ الثانية المقررة لمصلحة اليونان، وذلك بعد الحزمة الأولى التي قدمها لها الاتحاد والتي بلغت قيمتها 110 مليارات دولار أميركي، لكنها لم تؤد إلى حل المشكلات العويصة التي تعاني منها اليونان، بل كانت سبباً دفع الحكومة اليونانية إلى اتباع سياسة تقشفية حادة شملت رفع الضرائب، مما أدى بدوره إلى حدوث زيادة في نسبة التضخم، وهذا بدوره أشعل غضب الجماهير ودفعها للخروج في تظاهرات ضخمة للتعبير عن احتجاجها في شوارع أثينا وباقي كبريات المدن اليونانيـة. ويقول المحللون الاقتصاديون اليونانيون إن عدم الاتفاق على سياسة إنقاذ متماسكة من جانب الاتحاد الأوروبي في هذا المجال، والافتقار إلى عزيمة وإرادة سياسية صادقة لدى الاتحاد نفسه، هما، وليست الأزمة اليونانية في حد ذاتها- اللذان يؤديان في الوقت الراهن لاضطراب الأسواق، وإلى تركيز الأنظار على الوضع الاقتصادي الصعب لإيطاليا. ويشار في هذا السياق إلى أن تكلفة السندات الإيطالية (التأمين والفائدة) قد ارتفعت من 5.2 في المئة إلى 5.7 في المئة، وهو ما كان سبباً في قيام بعض المحللين بمقارنة هذا الوضع بوضع آخر حدث في شهر نوفمبر الماضي في دولة أوروبية أخرى هي أيرلندا، ذات السوق الأصغر بكثير من سوق إيطاليا التي يحتل اقتصادها المرتبة الثالثة من حيث الضخامة في منطقة اليوور. وقد أطلق المراقبون على يوم الجمعة الماضي في روما "الجمعة الأسود"، وذلك بعد أن انخفضت الأسواق انخفاضاً حاداً، بعد أن نشرت صحيفة "دي فيلت" الألمانية تصريحات على لسان مسؤولين لم تذكر أسماءهم مقربين من البنك المركزي الأوروبي، فحواها أن حزمة الإنقاذ الحالية التي يعرضها الاتحاد الأوروبي قد لا تكفي لعلاج الانهيار الإيطالي المتوقع. والاجتماع الذي عقد في الحادي عشر دعا إليه رئيس الاتحاد الأوروبي "هرمان فان رومبي"، وضم، كما أشارت الأنباء، كلا من رئيس البنك المركزي الأوروبي "جان كلود تريشت"، ورئيس المفوضية الأوروبية "خوسيه مانويل باروسو"، ورئيس وزراء المالية في الاتحاد الأوروبي "جان كلود جانكر"، ومفوض الشؤون المالية والاقتصادية في الاتحاد الأوروبي "أولي رين". وقبيل انعقاد الاجتماع، أدلى تريشيت، يوم الأحد الماضي، بتصريح أمام تجمع اقتصادي عقد في فرنسا، قال فيه إن أوروبا باتت تمثل مركز أزمة الديون التي أقلقت أسواق جميع الاقتصادات المتقدمة في مختلف أنحاء العالم، وأن الأزمة في إيطاليا تحديداً تتعلق بظهور بيانات جديدة عن العجز، وزيادة تكلفة الديون الإيطالية، إضافة إلى التوتر السياسي، وعدم اليقين حول القادم. وأدلى "لويجي سبيرنازا"، مدير اقتصادات التضخم في بنك "بي إن بي باريبا" الفرنسي، والذي يتخذ من لندن مقراً له، بتصريح قال فيه: "بالنسبة لإسبانيا، تكمن المشكلة في القلق المتعلق بالقطاع المصرفي، وعدم اليقين، وهو ما يتشابه مع الوضع في إيطاليا... لكن الحقيقة هي أن المشكلة لم تعد تتعلق بإسبانيا ولا إيطاليا، وإنما بمنطقة اليورو كلها والتي بات يصعب فصل ما يحدث في أي دولة منها عما يحدث في الدول الأخرى". والارتفاع الكبير في سوق المال الإيطالية يرجع، كما تقول الإشاعات المتداولة، إلى حدوث خلاف بين رئيس الوزراء سيلفيو بيرلسكوني ووزير ماليته "جوليو تريمونتي" حول حجم وتفاصيل حزمة التقشف ومقدار التخفيضات التي سيتم إجراؤها. فبيرلسكوني يريد إجراءات تقشفية أقل صرامة، بينما وزير المالية يصر على أن تكون تلك الإجراءات أكثر صرامة. وتشير تقارير عديدة إلى أن الأسواق في أوروبا قد اعتمدت مؤخرا على التطمينات التي قدمها وزير المالية الإيطالي بشأن تطبيق حزمة التقشف ولم تعول على ما يبديه بيرلسكوني من رغبة وتفاؤل. ويشار إلى أن إيطاليا تعاني من عجز مقداره 2.5 تريليون دولار، وأن هذا العجز يبلغ ضعف العجز في اليونان والبرتغال وأيرلندا مجتمعين، وأن الارتفاع المتزايد في قيمة التأمين على الديون قد سبب قلقاً كبيراً في أوساط المستثمرين، وأثّر بالتالي في قدرتها على سداد ديونها. روبرت ماكواند كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©