السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ثلاثة سيناريوهات لتمويل المشروع النووي المصري

ثلاثة سيناريوهات لتمويل المشروع النووي المصري
12 أكتوبر 2010 21:59
بدأت وزارتا المالية والكهرباء في مصر سلسلة من اللقاءات لبحث آليات تمويل المشروع النووي المصري الذي يبدأ العمل فيه مطلع العام المقبل ويتضمن بناء أربع محطات نووية لتوليد الطاقة تكلفة الواحدة ثلاثة مليارات جنيه (نحو ملياري درهم) أي بإجمالي يصل إلى 8 مليارات درهم وتدخل المحطة الأولى مرحلة الإنتاج في العام 2017. ويخضع تمويل المشروع النووي المصري لعدد من الضوابط تتمثل في ألا يتسبب تمويل بناء المحطات النووية في زيادة حجم المديونية الخارجية أو زيادة عجز الموازنة وأن تكون هناك عدة بدائل للتمويل تتم المفاضلة فيما بينها على ضوء المتغيرات السياسية والاقتصادية وأن يكون التمويل ميسرا وغير محمل بأعباء عالية من الفوائد أو لمخاطر عالية متعلقة بتغيرات أسعار صرف العملات الأجنبية، لا سيما أن هناك جزءا كبيرا من مكونات المشروع سيتم استيراده من الخارج. والمقرر أن تسفر هذه الاجتماعات عن الاتفاق على صيغة نهائية لاعتماد الآلية المناسبة لتمويل المشروع. وانتهت وزارة الكهرباء المصرية من إعداد مستندات طرح المشروع بالتعاون مع مكاتب استشارية عالمية بهدف الإسراع بالخطوات التنفيذية نظرا لحاجة البلاد المتزايدة إلى الطاقة الكهربائية خلال السنوات المقبلة والتي لن يفي بها سوى مشروع عملاق لتوليد الطاقة. وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد” فإن هناك ثلاثة سيناريوهات تمثل بدائل مختلفة لتمويل إنشاء المحطة النووية في منطقة “الضبعة” بالساحل الشمالي الغربي وتمزج هذه السيناريوهات الثلاثة بين أليات التمويل المحلي والخارجي والاقتراض المباشر والاقتراض غير المباشر حيث يمكن اختيار الوسيلة الأنسب للتمويل بحيث تضم مزايا أكثر من بديل واحد لخفض تكلفة التمويل . ويتمثل السيناريو الأول في الاقتراض المباشر من البنوك المصرية عبر كونسرتيوم يتم تكوينه لهذا الغرض يقوده أحد بنوك القطاع العام مع أحد البنوك العالمية المهتمة بتمويل مشروعات الطاقة على أن يتولى هذا الكونسرتيوم تسويق التمويل المطلوب على عدد كبير من البنوك المحلية والإقليمية والعالمية للاكتتاب في إجمالي القرض الذي سوف يشمل جزءا بالدولار وجزءا آخر بالعملة المحلية ويتولى البنك قائد الكونسرتيوم إتاحة التمويل عبر شرائح تتوافق مع الجدول الزمني لتنفيذ المحطة الأولى وتتم العملية تحت الإشراف المباشر لوزارة المالية التي تتعهد بسداد القرض من الخزانة العامة مباشرة حسب شروط وتوقيت الاقتراض وجدول السداد الذي يتم التفاوض حوله إذا ما تم اختيار البديل . أما السيناريو الثاني للتمويل فيشمل طرح قيمة التمويل على شكل سندات بضمان الحكومة المصرية وتتاح هذه السندات للاكتتاب أمام كافة صناديق الاستثمار والمؤسسات المالية والبنوك والشركات الكبرى سواء كانت مصرية أو عربية أو دولية على أن تحل أجال سداد هذه السندات بشكل تدريجي على مدى زمني قدره عشر سنوات ويبدأ السداد بعد فترة سماح مدتها ثلاث سنوات من تاريخ انتهاء الاكتتاب في هذه السندات وتعيين أحد بنوك الاستثمار الإقليمية الكبرى ليكون وكيلا عن الحكومة المصرية في عملية طرح السندات والترويج لها وضمان التغطية والتعامل مع جماعة حملة السندات التي سوف تنشأ من بين مشتري هذه السندات فيما بعد لتمثل الجهات الدائنة من الصناديق والبنوك والشركات. أما السيناريو الثالث فيمزج بين الاقتراض والتمويل الذاتي للمشروع حيث يتضمن قيام الحكومة المصرية بتمويل المكون المحلي للمشروع من الخزانة العامة مباشرة عبر إدراج المشروع في الخطة الاستثمارية العامة للدولة وتمويل المكون الأجنبي من بنوك عالمية تتعامل معها الشركات العالمية التي ستتولى تنفيذ المحطة أي بنظام تسهيلات الموردين، ولا سيما أن عروض إنشاء نقل هذه المشروعات تتضمن في الغالب تمويل لعمليات التوريد الخاصة بالمعدات وإمكانية التمويل الجزئي أو الكلي للمشروع من بنوك عالمية أو من هيئات تمويل دولية مثل البنك الدولي بالنسبة للمشروعات الحكومية أو هيئة التمويل الدولية بالنسبة للمشروعات التابعة للقطاع الخاص. وحسب مصادر اقتصادية مصرية فان هناك اتجاها للمزج بين التمويل الذاتي والاقتراض المحدود لعدم تحميل الأجيال القادمة مزيدا من أعباء المديونية سواء كانت محلية أو خارجية في ظل تضخم حجم الدين المحلي بسبب عمليات الاقتراض المتواصلة التي لجأت إليها حكومة الدكتور أحمد نظيف في السنوات الثلاث الأخيرة لتمويل مشروعات متعددة في مجالات البنية الأساسية في إطار برامج تحفيز وإنعاش الاقتصاد في مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية. وترجح المصادر اللجوء للسيناريو الثالث خاصة وأن عبء القروض به محدود وسوف تتولى الخزانة العامة تمويل المكون المحلي مما يعني تدبير جزء من التكلفة من المصروفات الحكومية الجارية ويتم تقسيم هذا الجزء على مدى سنوات تنفيذ المشروع بما يعني توزيع عبء التمويل على موازنات عدة سنوات وعدم سداد أي فوائد تمويل على المكون المحلي للمشروع والذي يتراوح حسب الخبراء بين 30 و 35 بالمئة من التكلفة حيث يتضمن المكون المحلي عمليات تمهيد للبنية الأساسية بالمشروع وإنشاءات وتوصيل المرافق وبناء محطات مياه وكهرباء وإسكان عاملين وغيرها. ورغم عدم حسم أي من الخيارات الثلاثة فإن خبراء اقتصاديين يرون أن بديل التمويل الذاتي يحظى بالتأييد داخل الدوائر الرسمية المعنية بالمشروع، ولا سيما أن هذا البديل يتضمن العديد من المزايا التي يمكن أن تمثل قيمة مضافة سواء للمشروع أو للاقتصاد الكلي إلى جانب قدره كبيرة على السيطرة على القرار خلال المراحل المختلفة لتنفيذ المشروع وإعطاء الحكومة مرونة كبيرة وحرية حركة في إتاحة التمويل الخاص بالمكون المحلي. وفي مقدمة مؤيدي هذا السيناريو الدكتور سلطان أبوعلي، وزير الاقتصاد الأسبق، الذي يرى أنه من المفضل في حالة المشروعات القومية الكبرى أن يكون التمويل كله أو بعضه ذاتيا لأن هذه المشروعات تتصف بالسمة القومية وتمس الكبرياء الوطني ولا تبني لجيل أو جيلين وإنما لأمة ووطن ويظل التاريخ يذكرها والمشروع النووي المصري لا يقل أهمية عن مشروعات قومية كبرى مثل مشروع حفر قناة السويس أو مشروع بناء السد العالي، وبالتالي فإن الانحياز لبديل التمويل المحلي يعني القدرة الوطنية والتصميم والإرادة السياسية وحشد الموارد المحلية وإعطاء أولوية في خطة الاستثمارات العامة للمشروع . كما أن هذا التمويل المحلي الجزئي سوف يعزز القدرة التفاوضية للحكومة المصرية مع الشركات العالمية عند فتح مظاريف المناقصة الدولية الخاصة بالمشروع لأن هذا التمويل للمكون المحلي يمنح الثقة للشركات الأجنبية المنفذة التي تلمس القدرة الوطنية على الوفاء بالتزامات تمويل المكون الخارجي سواء تم إنجاز هذا المكون عبر الاقتراض المباشر من البنوك العالمية أو عبر نظم تسهيلات الموردين وغيرها. ويشير حسين شكري، رئيس مجموعة اتش سي الاستثمارية، إلى أن التمويل الذاتي يتضمن مزايا إضافية اقتصادية للمشروعات ومن منطلق المصلحة المباشرة فهذا التمويل يجعل هناك دورا ملموسا للجانب المحلي والشركات المصرية في تنفيذ المشروع خاصة في مراحله الأولى التي تتضمن أعمال البنية الأساسية والإنشاءات التي من المفترض أن تقوم شركات المقاولات المصرية سواء الحكومية أو الخاصة بتنفيذها وبالتالي ستكون إدارة هذه المراحل أسرع إنجازاً. وسوف يكون هناك ترشيد في التكلفة في بعض البنود التي تستخدم مواد خام محلية أو موردين محليين أو شركات تنفيذ محلية إلى خفض نسبي في التكلفة إلى جانب اكتساب الشركات المحلية المشاركة في المشروع خبرات فنية وتقنية من العمل مع شركات دولية ذات خبرات واسعة في مجال بناء المحطات النووية.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©