الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

«القوة الألمانية» تتصدر «برلين 1936» وسط أجواء عنصرية

10 يوليو 2012
نيقوسيا (ا ف ب) - لفت عدد كبير من المؤرخين إلى ان برلين في عام 1936 كانت آخر مكان يمكن أن يستضيف الألعاب الأولمبية، نظراً لموجة العنصرية التي كانت سائدة في ألمانيا، وهي طبعاً عكس المثل الأولمبية ومبادئها السامية، أقرت اللجنة الأولمبية الدولية منح برلين تنظيم ألعاب الأولمبياد الـ 11 عام 1932، لكن الحزب النازي بقيادة أدولف هتلر تسلم مقاليد حكم ألمانيا العام التالي، واتخذ من إقامة الألعاب عنصر دعاية مهما ودعماً وإلهاباً لحماسة الشعب وتقوية روح الاعتزاز بالعنصر الآري لدى أفراده، ما جعلها تفقد للمرة الأولى غايتها المثلى وتحيد عن هدفها الحقيقي الذي أراده باعثها البارون الفرنسي بيار دو كوبرتان، وهو دعم روح الصداقة بين الرياضيين المشاركين لنشر السلام العالمي. وللمصادفة، فإن دو كوبرتان توفي في العام التالي لاختتام الاولمبياد الـ 11، ودفن قلبه في أولمبيا (اليونان). ويذكر ان دولاً عدة سعت إلى نقل الألعاب إلى مدينة برشلونة الإسبانية، التي زاحمت برلين عند الترشح، غير ان الحكم الفاشي الذي ساد إسبانيا وقتذاك عمل على أن تبقى المنافسات في برلين، والتي أقيمت بين 2 و16 أغسطس بمشاركة 4973 رياضياً بينهم 328 لاعبة من 49 دولة. وحضرت للمرة الأولى بعثات من أفغانستان وجزيرة برمودا وبوليفيا وكوستاريكا وليشتنشتاين وبيرو، وشمل برنامج المسابقات كرة السلة والملاكمة والمصارعة والدراجات وكرة الماء وكرة اليد واليخوت والسباحة والغطس والبولو والخماسي الحديث والرماية ورفع الأثقال والجمباز والتجديف والفروسية والمبارزة والهوكي على العشب وكرة القدم وألعاب القوى، وأصبحت كرتا السلة واليد للمرة الأولى ضمن البرنامج الرسمي. وتصدرت “القوة الألمانية” ترتيب الميداليات بـ 33 ذهبية و26 فضية و30 برونزية، أمام الولايات المتحدة (24 - 20 - 12) والمجر (10 - 1 - 5)، لكن نجم الدورة التي حظيت بحضور مكثف (نحو ثلاثة ملايين شخص) لم يكن ألمانيا إنما جيسي اوينز (23 عاماً) القادم من الاباما في الجنوب الأميركي والذي إنتزع أربع ذهبيات في سباقات 100 م و200 م والتتابع 4 مرات 100 م والوثب الطويل. ومنح الرباعون المصريون بلادهم الميداليات من المعادن المختلفة، إذ فاز خضر التوني بذهبية وزن المتوسط، ومحمد مصباح بذهبية وزن الخفيف، وصالح سليمان بفضية وزن الريشة، وابراهيم شمس ببرونزيته، وإبراهيم واصف ببرونزية خفيف الثقيل. وعكست الدورة في بعض فقراتها الصورة الإيجابية لـ “العنفوان الألماني”، إذ أنه رغم إصابته بكسر في ترقوته خلال سقوطه عن صهوة فرسه أثناء القفز على الحواجز في المسابقة الكاملة للفرق، اضطر الملازم كونراد فون فانجينهايم إلى المشاركة لأن انسحابه سيقصي منتخب بلاده. شارك فانجينهايم في المسابقة لكن فرسه تعرضت للسقوط في احد الحواجز، وهو “تدحرج” من فوقها، ونهض معتقداً أنها ماتت، لكنها وقفت بدورها، وتابع الفارس والفرس المسابقة من دون أن يرتكبا أي خطأ في باقي الحواجز، وتوجت ألمانيا بطلة أولمبية، وصفق مئة ألف متفرج بحرارة للملازم الشجاع. رفعت ألمانيا سقف التحدي عالياً، فشيدت في أشهر معدودة ملعباً عملاقاً يتسع لمئة وعشرة آلاف متفرج، ولا يزال صامداً حتى الان شاهداً على عصر الهندسة والتصاميم النازية، وخصصت للرياضيين قرية أولمبية مترامية الاطراف وسط غابة ومناظر خلابة، واعتمد حوض سباحة أولمبي تحيط به مدرجات تتسع لـ 20 ألف. وكان ستاد برلين أصلاً معلماً معمارياً أنجز العام 1912، ويتسع لـ 30 ألفاً، ويضم مضمارا للجري بلفة طولها 600 م بطلب من الاتحادات الرياضية وقتذاك، وعهدت السلطة إلى البروفيسور مارش نجل مهندس الاستاد بتوسعته، ولما دخل هتلر بعد انتهاء الأعمال وجده صغيراً من وجهة نظره في ما يتعلق بأنشطة الحركة النازية وشبيبتها وتجمعاتها، إذ لم تكن للرياضة الأفضلية والأهمية في هذا الإطار، لكن الغاية تبرر الوسيلة، فمن أجل أفضل إخراج للألعاب يعكس الصورة الايجابية للنازية و”تسامحها” وترحيبها، طلب الفوهرر من وزير الدعاية والإعلام في حكومته جوزف بول جوبلز أن يحول برلين إلى واحة تسامح والفة، وكان يجول معه وبصحبة قائد الطيران هيرمان جورينج متفقدين مرافق الدورة ومطلعين على تطور الاستعداد لها، فلا عجب أن علقت أعلام عملاقة تحمل شعارين متناقضين الصليب المعكوف والحلقات الأولمبية، ولم يعد غريباً سماع صيحات الشبيبة النازية تحيي الشعلة والألعاب وهي ترتدي زياً واحداً، ويرافق أفرادها الوفود. ومن جديد الألعاب التصوير التلفزيوني والإنتاج السينمائي، فيلم عن الدورة وأجوائها صورته وأخرجته ليني ريفنشتال (36 عاماً) وأرادته من دون تعليق يثير اهتمام الجميع وليس محبي الرياضة ومزاولي ألعابها فقط، لكن “اعتبره بعض الحساد دعاية لهتلر واني مقربة منه وأعمل بإيحائه وكأني بامبادور الرايخ الثالث، لكن حصلت على إذن تصويره من اللجنة الأولمبية الدولية، وهو نجح لأنه تعاطى باستقلالية تامة مع الأفكار والاتجاهات”، علماً أن جوبلز تمنى ألا تركز مشاهده كثيراً على الإبطال من الأعراق الملونة. أما التطور التلفزيوني والنقل المباشر فبدأ من خلال الموجات الهرتزية المبثوثة عبر الكابلات وكانت أيضاً بداية اعتماد الكاميرات السائرة على سكة خاصة إلى جانب مضمار الجري. في 2 أغسطس 1936 استعرض هتلر في الاستاد 4 آلاف رياضي ممدودي الأيدي في تحية “أولمبية غير مألوفة” وبعضهم تصرف على طريقته وبينهم الأميركيون الذين ساروا أمام المقصورة الرئيسة وقبعاتهم ملصقة بصدورهم، وفاقت الهستيريا الجماهيرية كل حد، وكانت لها ردة فعل معاكسة على الأبطال الألمان المطالبين بالفوز ولا شىء غيره ما ولد ضغطاً كبيراً على كاهلهم، فكانت الصيحات ترتفع من كل صوب توجه وتحفز. كما حصل مع رامي القرص ويلي شرودر إذ نافس وأذناه تضجان بجملة واحدة “وأنت ترمي فكر في وطنك وزعيمك”، لكنه خسر بفارق أكثر من متر أمام الأميركي كين كاربنتر، غير أن هتلر سر من الألمانيات تحديداً، إذ سجلت جيزيلا مورماير رقماً عالمياً في رمي القرص (63 .47 م)، وهزمت لويز كينجر بطلة رمي الرمح البولندية ماريا كاوسنيكايا (29 .43 م في مقابل 83 .41 م)، لكن تيلي فلايشر خطفت الأضواء الأخيرة بتسجيلها رقماً أولمبياً مقداره 18 .45 م. ولعل الألمان عموماً وهتلر وأركانه خصوصاً ارتاحوا لنتائج منافسات القوة التي أظهرت أن الشعب يسير إلى الإمام، ففي دفع الكرة الحديد رمى الشرطي هانس وولكي الثقل مسافة 20 .16 م معززاً الرقم الأولمبي ورقي إلى رتبة ملازم، وحطم مواطنه كارل هاين الرقم الأولمبي لرمي المطرقة مسجلا 49 .56 م، وحل مواطنه أرفين بلاسك ثانياً (04 .55 م). تشوك يكسب «الرمح» بـ 71,84 متر نيقوسيا (أ ف ب)- نال ذهب رمي الرمح جيرهارد شتوك (84 .71 م)، في دورة برلين 1936” وكان حل ثالثاً في الكرة الحديدية. وفي سباق التتابع 4 مرات 100 م كانت الألمانيات المرشحات البارزات للفوز، إذ حطمن الرقم العالمي في نصف النهائي. وتقدمن في المواجهة الحاسمة بعشرة أمتار على باقي المنافسات، غير أن المفاجأة فعلت فعلها حين سقطت عصا البدل من يدي ايليزي دورفلت فأستبعد الفريق، وطار اللقب إلى الاميركيات، غير أن الآتي أعظم من بعثة الولايات المتحدة وتحديداً السود من أفرادها، فللمرة الأولى في الألعاب الأولمبية يرتفع حاجز الوثب العالي إلى مترين، وقد اجتازه الأميركيان الأسود كورنيليوس جونسون والبيريتون. وعاد جونسون وتجاوز 03 .2 م وهو رقم أولمبي جديد صمد 16 عاماً، وبات أول اسود يقطف الذهب في برلين تحت أنظار هتلر. كما شهد سباق 800 م، صراعاً بين عدائين أسودين هما الكندي فيليب ادواردز والأميركي جون ورودورف الذي فاز مسجلاً 09: 52: 1 دقيقة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©