السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

السياحة العـربية تواجـه مثلث السياسة والتطرف والاقتصاد.. وتكافح لتجاوز «السنوات العجاف»

السياحة العـربية تواجـه مثلث السياسة والتطرف والاقتصاد.. وتكافح لتجاوز «السنوات العجاف»
29 ديسمبر 2016 03:29
تحقيق: رشا طبيلة قبل 6 سنوات من الآن.. لم يكن أشد المتشائمين يتوقع أن تنقلب ظروف القطاع السياحي في بلدان مهمة بالمنطقة العربية والشرق الأوسط رأساً على عقب، فبعد أن كانت السياحة تمثل أحد الأعمدة الأساسية للعديد من البلدان العربية، ومصدراً مهماً يعول عليه الكثير، لتوفير فرص العمل وزيادة الموارد من النقد الأجنبي، والدخل لشعوب المنطقة، تحول القطاع إلى «غزال جريح» يصارع جاهداً لوقف نزف الدم، الذي تسببت به التوترات الأمنية والحروب والتنظيمات الإرهابية والصراعات المختلفة، لتفقد معها المنطقة جزءاً مهماً من منظومة كان يفترض أن تقود عجلة التنمية والتقدم. ورغم أن المنطقة العربية تمتاز بالعديد من المناطق الأثرية المهمة والموروثات الثقافية التاريخية التي كانت تشكل عوامل مهمة للجذب السياحي، لكن الأرقام الخاصة بمداخيل ومؤشرات هذا القطاع تراجعت بشكل مأساوي في البلدان التي شهدت اضطرابات وتوترات وحروباً وصراعات سياسية خلال السنوات الست الماضية، وباستثناء دول مجلس التعاون الخليجي وعدد محدود من الدول الأخرى مثل الأردن والمغرب، شهدت بقية دول المنطقة انحداراً كبيراً في مؤشرات القطاع السياحي. بلغة الأرقام، تراجعت المساهمة الإجمالي المباشرة وغير المباشرة لقطاع السفر والسياحة بالناتج المحلي الإجمالي الشرق أوسطي بنسبة 4,8% عام 2011، وهو وقت بدء ما يسمى بـ«الربيع العربي» وما صحبه من اضطرابات سياسية، فضلاً عن التهديدات الأمنية العالمية الناجمة من الإرهاب، حيث كانت هذه السنه بداية تباطؤ وتراجع معدلات النمو السنوية في الوطن العربي، بحسب بيانات مجلس السفر والسياحة العالمي. لكن وبالرغم من هذه الظروف الصعبة، فلا بد من إعادة هذا القطاع إلى مساره الصحيح، ما يتطلب جهوداً كبيرة خلال السنوات المقبلة، ووفقاً لمتخصصين واقتصاديين، يعد الاستثمار في التعليم والتوعية والفكر الإيجابي، أهم ما تحتاج إليه المنطقة في المرحلة المقبلة لمواجهة الأفكار الظلامية الهدامة، ما يتطلب التركيز على مخاطبة الشباب عبر المنصات الرقمية، إلى جانب العمل العربي المشترك على تنمية السياحة، وعقد الاتفاقيات، والعمل على تأمين سلامة السياح وإعادة الأمن للمنطقة، بالإضافة إلى إجراءات ترتبط بتسهيل التدفق السياحي وجذب الاستثمارات في السياحة والبنية التحتية وغيرها من الإجراءات والحلول. وأكد هؤلاء أنه بات من الممكن التئام هذا الجرح، ووقوف السياحة برسالتها السامية المتمثلة في تبادل الثقافات والمعرفة وتقبل الأفكار، في وجه هذا الفكر المتطرف والتداعيات الأمنية والسياسية والاقتصادية المصاحبة له. ومن أهم الحلول والخطوات التي اقترحها هؤلاء، العمل المشترك بين الدول العربية لمواجهة التهديدات الأمنية والاقتصادية من خلال تعاون وثيق وعقد الاتفاقيات لتنمية السياحة وتحقيق الأمن والسلامة للسياح، وعدم تقييد إصدار التأشيرات السياحية وتحويلها إلى إلكترونية، وتشجيع الاستثمارات في السياحة والبنية التحتية وتنويع الاقتصاد، الاستثمارات في التعليم والتوعية والفكر الإيجابي لا سيما عبر المنصات الرقمية التي تستهدف الشباب. مرونة القطاع وقال ديفيد سكاوسيل، رئيس مجلس السفر والسياحة العالمي، لـ «الاتحاد»، إن ما يميز قطاع السياحة عن بقية القطاعات هو اتصافه تصف بالمرونة، فرغم التطورات الجيوسياسية والتهديدات الأمنية التي تطال جميع دول العالم، فإنه لا يزال يحقق معدلات نمو في عدد السياح. وأضاف «فمن المتوقع أن يحقق القطاع نموا بنسبة 3,1% في عدد السياح للعام الحالي». وأوضح سكاوسيل أن الشعوب لا تتوقف عن السفر، بل تبحث عن بدائل أكثر أمناً. وأضاف سكاوسيل «على مستوى الأقاليم والمناطق نرى تأثيراً مباشراً نتيجة للتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية». فعلى صعيد المنطقة العربية، قال سكاوسيل، إن الوضع يختلف من دولة إلى دولة في المنطقة، فمثلاً مصر والتي شهدت تهديدات أمنية مؤخراً، تشهد تراجعاً في عدد السياح بنسبة تصل إلى 48% حتى نوفمبر من العام الجاري، بحسب الأرقام الأولية للمجلس. وأشار سكاوسيل إلى أن عنصر الأمن والتعافي من الحوادث الأخيرة، سيكون التحدي الرئيس في مصر، لا سيما أن قطاع السياحة يمثل نحو 12% من الناتج المحلي لمصر، لافتاً إلى أن أحد وكلاء السفر ببريطانيا ألغوا عملياتهم إلى شرم الشيخ لصيف العام المقبل». في المقابل، أشار سكاوسيل «إلى تحقق دول مجلس التعاون الخليجي عامة نمواً في عدد السياح الدوليين رغم الأوضاع في المنطقة، فدولة الإمارات شهدت نمواً بنسبة 2,1% حتى نوفمبر من العام الجاري، وعُمان 12.4%، والمملكة العربية السعودية 1,2%، التي تأثرت بشكل طفيف من الأوضاع في المنطقة». وأضاف «التحدي الذي يواجه دول الخليج هو الاستمرار في تحقيق معدلات النمو وسط تراجع أسعار النفط». وقال «تتمثل تحديات دول خليجية مثل قطر والمملكة السعودية في الوقت الراهن في تنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على النفط، وتوسيع قطاع السفر والسياحة ليكون من القطاعات الرئيسة المساهمة في الدخل الإجمالي». وحول الحلول التي يجب أن تتبعها الحكومات والمجتمعات في المنطقة لمواجهة التحديات، قال سكاوسيل «من الضروري إعطاء أولوية للقطاع من خلال وضع سياسات لتسهيل النمو في القطاع والتي تتمثل في الاستثمار في البنية التحتية وبناء الفنادق والتسويق ووضع ميزانيات كبيرة للتسويق والترويج والتي تساعد على جذب السياح». ومن الحلول التي طرحها أيضاً عدم تقييد إصدار التأشيرات السياحية، وقال: «بينما وضعت بعض الدول برامج وسياسات لتسهيل التأشيرات السياحية مثل الإمارات والسعودية، فإن كثير من الدول العربية في المنطقة تعاني تقييد التأشيرات السياحية والتي تحد من نمو السياحة عندهم». وبحسب مجلس السفر، يوجد 1,18 مليار سائح حول العالم العام الماضي منهم 63% يحتاجون إلى تأشيرة للسفر. وقال سكاوسيل «نشجع الحكومات لتبني التأشيرات الإلكترونية، التي لا تقوم بتسريع عملية إصدار التأشيرات فحسب، بل أنها تحقق نسبة أعلى من الأمن والأمان». وحول دور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في الترويج السياحي، أكد سكاوسيل أهميتها، «لا سيما في وقت الأزمات، حيث يقوم المجلس بالتفاعل بشكل مستمر من خلال هذه المنصات الرقمية، وتؤكد أنها تقوم بدورها بتوصيل الرسالة بدقة ومرونة». وشدد سكاوسيل على أهمية تعاون القطاع الخاص والعام للاستجابة للتهديدات الأمنية، وذلك يعني الاستثمار في وضع معايير ومقاييس صحيحة ودقيقة لتحقيق الأمن مثل تبادل المعلومات الاستخباراتية. وحققت منطقة الشرق الأوسط حققت تراجعاً في عدد السياح بنسبة 6.7% حتى نوفمبر من العام الحالي، وسط توقعات أن تحقق نمواً بنسبة 4,9% سنوياً حتى السنوات العشر المقبلة، وفقاً لسكاوسيل. وتوقع المجلس أن تستقطب منطقة الشرق الأوسط 66 مليون سائح دولي خلال العام الحالي، في حين بلغت المساهمة الإجمالية المباشرة وغير المباشرة للسياحة في الناتج المحلي في الشرق الأوسط 194,5 مليار دولار العام الماضي، على أن ينمو بنسبة 4,4% العام الجاري، في حين تراجعت هذه المساهمة في عام 2011 عند بدء الثورات العربية والأزمات الأمنية بنسبة 4,8%. التدفق السياحي من جهته، قال مدير عام هيئة تنشيط السياحة الأردنية الدكتور عبد الرزاق عربيات «إن الأحداث السياسة والاقتصادية والأمنية في المنطقة العربية أثرت بشكل واضح على قطاع السياحة والسفر عامة، حيث شهد القطاع تراجعاً بمعدلات النمو مقارنة بالفترة التي تسبق تلك التقلبات والأحداث الأمنية والاقتصادية». وتطرق عربيات إلى دور الإعلام بشكل خاص، لا سيما الإعلام الغربي، الذي أسهم بشكل كبير في التأثير على التدفق السياحي، حيث إنه أظهر صورة نمطية سلبية على أن منطقة الشرق الأوسط هي منطقة غير آمنة، وبالتالي فإن بعض الدول العربية التي تتسم بالاستقرار تأثرت بهذه النمطية. وأضاف: «هذه الصورة السلبية جعلت السياح يبحثون عن بدائل لمنطقة الشرق الأوسط مثل جورجيا والبلقان وغيرها من الدول». وأردف عربيات قائلاً «لنواجه هذه التحديات الإعلامية في سبيل نقل صورة حقيقية عن الوضع في الأردن، قمنا بالاستثمار في وسائل التواصل الاجتماعي من خلال تعزيز التفاعل مع السياح من خلال مشاركتهم لتجاربهم في الأردن من خلال هذه المنصات الرقمية، الأمر الذي يُظهر الصورة الحقيقية للسياحة في الأردن، فضلاً عن التركيز في الترويج السياحي على المنتجات السياحية الأقل حساسية مثل السياحة الدينية، والسياحة العلاجية وسياحة المغامرات». وأضاف «ركزنا أيضاً على جذب أسواق جديدة غير تقليدية والتي لم تتأثر بالأوضاع الاقتصادية مثل الصين التي نما عدد السياح منها إلى الأردن بنسبة 60%، إضافة إلى الهند وكوريا واليابان». وقال «رغم جميع الأحداث، فإن الأردن يحقق نمواً بمعدل 5 إلى 6% العام الجاري بعدد السياح مقارنة بالعام الماضي». بناء الثقة ويتوافق ما قاله عربيات، مع تصريحات طالب الرفاعي أمين عام منظمة السياحة العالمية في بيان المنظمة حول نتائج التسعة أشهر الأولى من العام الجاري، حيث أكد أن قطاع السياحة يعد من أكثر القطاعات الاقتصادية نمواً، ولكنه ذو حساسية عالية للمخاطر، وبالتالي يجب على القطاع الاستمرار في العمل المشترك مع الحكومات والشركاء للتخفيض من تلك المخاطر والاستجابة بفاعلية وبناء الثقة بين المسافرين. وبين «من الحلول الأخرى الاستثمار في الطيران الاقتصادي في ظل الأوضاع الاقتصادي الحالية والتي أثرت سلباً على حجم إنفاق السائح، حيث إن الطيران الاقتصادي يسهم في جذب مزيداً من السياح». ولفت إلى أن دولة الإمارات تعتبر مثالاً يحتذى به في الاستثمار الطيران الاقتصادي. وبحسب بيانات مجلس السفر والسياحة العالمي، فمن المتوقع أن تستقطب الأردن للعام الحالي نحو 4 ملايين سائح دولي بنمو طفيف مقارنة بالعام الماضي، وكانت مساهمة القطاع بالناتج المحلي نمت في عام 2010 بنسبة 12% ولكنها بدأت بالتراجع عام 2011، والآن وصلت معدلات النمو 2,3% للعام الجاري. نمو سياحي في 2010 وبين الدكتور عادل المصري المستشار السياحي ومدير عام العلاقات الدولية السياحية في هيئة تنشيط السياحة المصرية، قوة الحركة السياحية المنطقة ومصر تحديداً قبل انطلاق الثورات العربية في عام 2011، حيث استقبلت أكثر من 14 مليون سائح في عام 2010 وسجلت دخلاً سياحياً يصل إلى 13 مليار دولار. وقال «جميع دول المنطقة تأثرت بالأوضاع والاضطرابات الأمنية والسياسية». وبين المصري أن خطة مصر هي أن يصل عدد السياح إلى 20 مليون سائح بحلول عام 2020، ولكنها تعثرت نتيجة للتداعيات الأزمة الأمنية وثورات الربيع العربي، والتي أثرت سلباً على القطاع في المنطقة فأدى إلى انحصار الحركة السياحية نتيجة لتخوف السائح الغربي من السفر إلى دول المنطقة بشكل عام ومصر بكل خاص. ولفت إلى أن مصر شهدت تراجعاً ملحوظاً من الأسواق الرئيسة المصدرة للسياح لمصر، وهي ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وروسيا، حيث إن هذه الأسواق تشكل ما نسبته 70% من إجمالي السياح في مصر، الأمر الذي انعكس سلباً على النمو السياحي فيها. وأوضح المصري «بفعل تزايد الحوادث الإرهابية وحالة عدم الاستقرار الأمني والتغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة، فإنه أصبح من الصعب بالنسبة للسائح اتخاذ قرار السفر إلى دول المنطقة». عمالة سياحية ولم تكتف التأثيرات الأمنية على حركة السياحة بحسب، بل إن فرص العمل التي توفرها السياحة أصبحت مهددة بفعل هذه الأوضاع الأمنية أوضح المصري «إلى جانب تأثر عدد السياح في مصر، لا سيما بهدف السياحة الثقافية، إلا أنه تأثر نحو 4 ملايين عامل في القطاع السياحي بمصر نتيجة للأعباء التي تكبدتها المنشآت السياحية بسبب تراجع عدد السياح، الأمر الذي يرفع من نسبة البطالة، مؤكداً أن القطاع السياحي يعد من أهم القطاعات التي ترفد مصر بالوظائف وفرص العمل. وبحسب بيانات مجلس السفر والسياحة العالمي، فبلغ عدد الوظائف المباشرة التي يوفرها القطاع العام الماضي في الشرق الأوسط 2,5 مليون وظيفة بحصة 3,3% من إجمالي العمالة، في وقت بلغ فيه عدد الوظائف غير المباشرة التي يوفرها القطاع العام الماضي 5,9 مليون وظيفة بحصة 7,8% من إجمالي العمالة، على أن تنمو 3,1% في عام 2016. وأضاف «نقوم بدعوة الإعلام من مختلف دول العالم لزيارة مصر ليعيشوا حالة الأمن والاستقرار فيها، والترويج لمصر عبر الإعلام المرئي من خلال تنظيم أفلام وثائقية عن مصر، فضلاً عن تنظيم فعاليات ثقافية وسياحية لنعكس الأمن والاستقرار الذي تتميز به مصر». وحول أهمية القطاع السياحي، أكد المصري أن السياحة تمثل أحد الروافد الأساسية للعملة الأجنبية وتشكل نحو 11.8% من الناتج المحلي لمصر. وفيما يتعلق بالجانب الأمني، أكد المصري «بدأنا بدعوة وفود أمنية لمصر للتطلع على ما توصلنا إليه من إجراءات أمنية حديثة للتأكد من الحالة الأمنية في كافة مطارات مصر، حيث نأمل أن يسهم ذلك في رفع الحظر السياحي إلى مصر في بعض الدول». وشدد على «أهمية تبادل المعلومات الأمنية والتعاون بين الدول العربية في المجال الأمني». ومن جهة أخرى، لفت المصري إلى دور التعليم وتوعية المجتمعات، لا سيما الشباب في أهمية السياحة، حيث قامت وزارة السياحة المصرية بالعمل على ربط التعليم بالسياحة، وبناء برامج توعوية للسياحة في مصر تستهدف الشباب في المدارس والجامعات، وتعريفهم بالسياحة وأهميتها. التحدي الرئيس ومن ناحيته، شدد الدكتور عاطف عبد اللطيف رئيس جمعية مسافرون للسياحة والسفر في مصر، على أن التحدي الرئيس للقطاع في العالم العربي هو الإرهاب الذي لا يهدد الدول العربية فحسب، بل جميع دول العالم في الوقت الراهن، ويؤثر على جميع القطاعات الاقتصادية والذي بدوره يهدد السلام والأمن في أي دولة. وأكد أن السياحة تعد صناعة مهمة جداً فهي أساس التنقل والتحرك عبر البلدان وأساس التواصل وتبادل الثقافات والتفاهم الذي يعد معاكسا للفكر الإرهابي، كما أنها توفر الوظائف المباشرة وغير المباشرة، وبالتالي تسهم في محاربة الإرهاب والأفكار المتطرفة. وأشار إلى أهمية استغلال وسائل التواصل الاجتماعي التي تعد في الوقت الراهن من أهم الوسائل التي تؤثر على أفكار ملايين من البشر، فلا بد من العمل على برامج للترويج السياحي وتقديمها بشكل مؤثر، والتركيز على الأمن والأمان والمحبة والسلام. ومن ناحية تحقيق الأمن في المواقع الأثرية والتاريخية، أكد عبد اللطيف أهمية هذه الخطوة للحفاظ على الموروث التاريخي والأثري في ظل الاضطرابات الأمنية، لافتاً إلى أن الجهات المعنية في مصر حاليا تعمل على إعادة هيكلة الأنظمة الأمني في المواقع الأثرية وزيادة فعاليتها. واتفق عبد اللطيف مع مدير عام هيئة تنشيط السياحة الأردنية، مشيراً إلى أنه من الحلول أيضاً الاستثمار في الطيران الاقتصادي الذي يوفر أسعار منخفضة تشجع السياح في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة والتي أثرت على حجم إنفاق السياح حول العالم. ويتابع عبد اللطيف حول التأثيرات الاقتصادية على القطاع، «لمعالجة قوة الدولار وتأثيره على العملات مثل اليورو والروبل، ندعو إلى ضرورة عمل مقاصة مباشرة بين الروبل والجنيه على سبيل المثال، لتشجيع السياحة الروسية والتي تأثرت كثيراً بفعل تراجع سعر الروبل». وأشار عبد اللطيف «من الحلول الاقتصادية أيضاً تشجيع الاستثمار الأجنبي والعربي والمحلي في القطاع، ففي مصر فإن تفعيل قانون الاستثمار الجديد ينعكس إيجابا على القطاع من خلال جذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل». وأشارت بيانات مجلس السفر والسياحة العالمي، إلى أنه من المتوقع أن تستقطب مصر 9,3 مليون سائح دولي بتراجع عن العام الماضي، وفي عام 2010 فإن مصر حققت نمواً بنسبة 2,7% في مساهمة القطاع الإجمالية بالناتج المحلي، ولكن مع بدء «الربيع العربي» بمصر عام 2011، سجلت مساهمة القطاع تراجعاً بنسبة 18,9%، واستمر التراجع بنسبة 15% في عام 2013، في حين معدلات النمو المتوقعة للعام الحالي لا تتجاوز 1%. شرق آسيا ويتعامل وكلاء السفر والسياحة مباشرة مع السياح، فعوني قعوار مدير عام شركة «البتراء» للسياحة والسفر، ونائب رئيس الجمعية الأردنية للسياحة الوافدة، أكد أن السياح من القارتين الأوروبية والأميركية متأثرين بالأوضاع الأمنية في المنطقة فيفضلون عدم السفر إليها، لا سيما أنه تم تحذيرهم مؤخراً من قبل حكوماتهم بعدم زيارة عدد من الدول في المنطقة بينها الأردن ومصر بعد الأحداث الأخيرة. وأضاف: «لذلك رأينا تراجعاً من الأسواق الأوروبية والأميركية في الفترة الأخيرة، ولكن نشهد نمواً من الأسواق الشرق آسيوية على رأسها الصين وكوريا وسنغافورة لا سيما بهدف السياحة الدينية. وأكد «نعمل كوكلاء سفر بتشجيع السياحة الوافدة للأردن من خلال البحث عن أسواق بديلة لتعويض التراجع في السياح الأوروبيين بشكل أساسي، فضلاً عن تكثيف الحملات الترويجية من خلال المشاركة في المعارض والمحافل الدولية وإظهار الصورة الإيجابية للأردن على أنها دولة آمنة». وبحسب بيانات مجلس السفر والسياحة لعدد من البلدان العربية، فمن المتوقع أن يزور سوريا 2,6 مليون زائر، ففي عام 2010 وقبل بدء الأوضاع الأمنية في العام 2011، كانت سوريا قد حققت نمواً كبيراً في مساهمة القطاع بالناتج المحلي، وذلك بنمو نسبته 39,8%، ولكن بعد بدء الثورة السورية عام 2011، شهدت تراجعاً بنسبة 49,9%. أما السعودية، فهي من المتوقع أن تستقطب 20 مليون زائر دولي العام الحالي، وأن تنمو مساهمة القطاع الإجمالية في الناتج المحلي بنسبة 4,2% العام الحالي، في حين تراجعت مساهمة القطاع في العام 2010 بواقع 3%، وعاود الارتفاع في عام 2011 3,1%، وتراجع طفيف في عام 2012 1,3%، ثم بقيت معدلات نمو تتزايد لتصل إلى 8,6% العام الماضي. أما لبنان، فتأثرت بشكل واضح من الأحداث الأمنية المحلي والإقليمية، فهي من المتوقع أن تستقبل 1,5 مليون سائح دولي العام الجاري، في وقت تراجعت مساهمة القطاع الإجمالية بالناتج المحلي فيها بنسبة 18,1% عام 2011 و0,6% عام 2012، ولكنها عادت وسجلت نمواً بسيطا في عام 2013 بواقع 1% ولكنه تراجع عام 2014 بنسبة 0,6%، في حين حققت المساهمة الإجمالي نمواً ملحوظاً العام الماضي، بواقع 10,9%، وسط توقعات بأن يتم تسجيل نمو بواقع 5,3% العام الجاري. ناصر النويس: جهودٌ ومبادراتٌ لاستدامة نمو القطاع يرى ناصر النويس رئيس مجلس إدارة شركة روتانا لإدارة الفنادق، أن من أهم العوائق التي تواجه قطاع السياحة بالمنطقة العربية حالياً التحديات الأمنية، إلى جانب الاقتصادية التي تواجهها دول المنطقة والتي نجمت عن انخفاض أسعار النفط والتي أثرت على جميع القطاعات الاقتصادية بفروعها. وأضاف النويس أن تحقيق معدلات نمو مستدامة بالقطاع السياحي يحتاج إلى الكثير من الجهود والمبادرات بهدف النهوض بأداء القطاع في ظل هذه التحديات. وأشار برأيه إلى أن من أهم الحلول التي يجب تحقيقها في الوطن العربي بشكل عام فرض تسهيلات على التأشيرات السياحية التي تعد أحد المعوقات الرئيسة للنمو السياحي وجعلها إلكترونية لتسهيل إصدارها، مستشهداً بتجربة دولة الإمارات الناجحة والنمو الكبير الذي شهده قطاع السياحة فيها من حيث زيادة عدد الزوار من دول مجلس التعاون بفعل هذه التسهيلات. وأضاف أنه من الخطوات الرئيسيّة أيضاً استخدام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بشكل أفضل لزرع ثقافة سياحية إيجابية كدورها في تبادل الثقافات والمعرفة والذي بدوره يؤثر إيجاباً على أفكار الشباب، فضلاً عن الترويج السياحي الفعّال عبر هذه المنصات الرقمية. وشدد النويس على أهمية إطلاق برامج مشتركة بين الدول العربية لاستقطاب السياح إلى أكثر من بلد عربي وتشجيع الاستثمار السياحي في الوجهات الترفيهية كالإمارات التي نجحت في ترسيخ مكانتها كأحد أهم الوجهات الترفيهية عالمياً، حيث أصبحت تلك المكانة عاملاً محورياً في تشكيل قطاع السياحة العالمي واستقطاب المزيد من الزائرين، الأمر الذي أدى بدوره إلى نمو قطاع الضيافة في الدولة. وأوضح النويس «شهدت الدولة في الآونة الأخيرة افتتاح عدد من الوجهات الترفيهية عالمية المستوى، إضافة إلى العديد من الوجهات المقرر افتتاحها خلال العامين القادمين». وأكد النويس أن صناعة الترفيه ستستمر في المساهمة في تعزيز نمو قطاع الفنادق والضيافة وتنوعه بشكل كبير خلال عام 2017 والأعوام القادمة. وحول دول الخليج بشكل خاص، شدد النويس على أن توفر عنصر الأمان في دول الخليج أسهم بعدم تأثر القطاع السياحي بالأوضاع الأمنية بالمنطقة، ولكننا لا نخفي أنها متأثرة حالياً بعوامل اقتصادية أهمها انخفاض سعر النفط وقوة الدولار أمام العملات مثل اليورو والروبل والتي أثرت على الطلب السياحي القادم من الأسواق التقليدية كأوروبا وروسيا. وأضاف أن استقرار عملة الروبل الروسية حتى النصف الثاني من عام 2016 أسهم في زيادة ملموسة في عدد الزائرين القادمين من روسيا مؤخراً، متوقعا استمرار هذا الاتجاه في 2017. وأضاف أن بولندا ستواصل نموها كسوق مصدرة للسائحين إلى الإمارات مع توقعات باستمرار هذا النمو في العام المقبل ما يسهم في تعزيز قطاع سياحة الترفيه في الدولة. وسجلت مساهمة قطاع السياحة بالناتج المحلي الإجمالي للإمارات تراجعاً طفيفاً عام 2011 بواقع 1,5%، إلا أنها استطاعت تحقيق معدلات نمو بدءاً من عام 2012، حيث حققت نمواً بنسبة 7,6%، و7% في عام 2013، و7,4% في عام 2014، و4,2% في عام 2015، و4,4% للعام الجاري.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©