الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

احتدام المنافسة في قطاع السيارات الصغيرة

احتدام المنافسة في قطاع السيارات الصغيرة
13 يوليو 2013 22:50
احتدمت المنافسة في قطاع السيارات الصغيرة التي انتشرت مصانعها في عدد من دول العالم. وفي مدينة جيور المجرية القريبة من فينا وبودابست ومن الحدود مع سلوفاكيا، يوجد واحد من أكبر مصانع تصدير السيارات في البلاد. واحتفل المصنع بداية يونيو الماضي، بمرور 20 عاماً على إنشائه وافتتاح خط إنتاج متكامل للسيارات بطاقة تقدر بنحو 125 ألف سيارة سنوياً، بجانب المصنع القائم لإنتاج المحركات وخط لتجميع السيارات. ويقول بيتر لور، مسؤول «أودي» في المجر: «يعتبر مصنع المحركات التابع لنا في جيور، الأكبر من نوعه في العالم بسعة إنتاجية تقدر بنحو مليوني محرك سنوياً. كما أنه ليس الأكبر فحسب، لكنه متخصص أيضاً حيث تستخدم محركاته في كافة أنحاء العالم». وترمز مصانع كهذه، لبروز وسط وشرق أوروبا كمركز صناعي يخدم القارة بأكملها بعد 20 عاماً من انهيار الشيوعية. وعند ذلك الوقت وبظهور آسيا كقوة صناعية، كان قيام هذه المصانع حلماً بعيد المنال. وعند انهيار حائط برلين، تخلفت التقنية وطرق الإنتاج في اقتصادات أوروبا الشرقية ذات النظم الاشتراكية، عن مواكبة نظيراتها في غرب أوروبا. لكن وفر النظام، مجموعة كبيرة من العاملين المهرة والمدربين من ذوي الأجور المنخفضة في غرب أوروبا، لتستفيد منهم الشركات العاملة في غرب أوروبا وأميركا وآسيا، خاصة في قطاعات مثل صناعة السيارات والإلكترونيات. واستحوذت «جنرال اليكتريك» على حصة في شركة «تونجسرام» المجرية لإنتاج مصابيح الإضاءة في تاريخ يعود لسنة 1989. وسجلت شركات مثل «فيليبس» الهولندية و»سيمينز» الألمانية و»سامسونج» الكورية الجنوبية، حضورها القوي في المجر وبولندا وما كان يعرف بتشيكوسلوفاكيا. وفي قطاع السيارات، سبقت شركات مثل «فولكس فاجن» و»فيات» وفورد» و»جنرال موتورز»، وغيرها من الشركات في تلك البلدان. ولم تكتف «فولكس» بفتح مصانع لها في سلوفاكيا وبولندا في أوائل تسعينات القرن الماضي فحسب، بل استحوذت أيضاً على الشركة القديمة المنتجة لموديل «سكودا» في جمهورية الشيك وتحويلها لواحدة من أكثر الشركات التابعة لها نجاحاً. كما كانت «سوزوكي» اليابانية، من بين الشركات الأولى التي تدخل السوق المجرية تلتها «تويوتا» و»كيا» و»هيونداي»، إضافة إلى سيل من شركات قطع الغيار، في وقت برزت فيه الشركات المحلية أيضاً. زيادة الاستثمارات زادت وتيرة الاستثمارات باستعداد ثماني دول اشتراكية من وسط وشرق أوروبا للانضمام للاتحاد الأوروبي في 2004 ودولتين أُخريين في 2007. ومع أن مدى امتلاك الشركات الأجنبية للنشاطات الصناعية، يعتبر من القضايا الحساسة، إلا أن الاستثمارات الأجنبية وجدت قبولاً واسعاً كأحد عوامل زيادة الثروة. وتستوعب «أودي» المجرية على سبيل المثال، أكثر من 7 آلاف موظف مع إمكانية توفير ألفي فرصة عمل إضافية على المدى البعيد، مع دعم مصنع جيور لنحو 15 ألف بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ويقول ألين بيلوكس، المدير الإداري للقسم التجاري والزراعي والصناعي في البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية: «أثبت قطاع السيارات نجاحه كمثال للتحول إلى الاقتصادات السوقية وكبيئة تتسم بمنافسة حادة وبنمو للقطاع الخاص ونشر معايير الجودة بالنسبة للخبرات وللتنمية المحلية، بجانب توفير فرص العمل». وأكد أن قطاع صناعة السيارات، يمتلك التأثير على جذب الاستثمارات الأخرى ليس على صعيد المكونات فحسب، بل في المواد أيضاً مثل الحديد والمطاط والزجاج. وتمثلت أكبر عوامل جاذبية وسط أوروبا، في إمكانية دخولها لسوق دول الاتحاد الأوروبي التي يزيد قوامها على 500 مليون شخص. وتم إنشاء المصانع في كل من جمهورية الشيك وسلوفاكيا والمجر، بغرض التصدير. وحتى إذا كانت تكاليف العمالة أعلى من شرق أو جنوب آسيا، إلا أن انخفاض تكاليف الترحيل تجعل وسط أوروبا على قدر عال من المقدرة التنافسية. لكن برزت بعض التحولات المثيرة للاستغراب، ففي حين تراجع إنتاج السيارات بشدة خلال العقد الماضي في بلدان مثل فرنسا وإسبانيا، حقق نمواً بنحو ثلاثة أو أربعة أضعاف في كل من جمهورية الشيك وسلوفاكيا. ويربو إنتاج هذين البلدين اللذين لا يزيد تعداد سكانهما على 16 مليون نسمة، عن ما تنتجه فرنسا التي يقدر عدد سكانها بأربعة أضعافهما. وأحرزت سلوفاكيا في العام الماضي أعلى نسبة إنتاج سيارات للفرد في العالم. وأصبحت روسيا واحدة من البلدان المهمة في عمليات تجميع السيارات، يدعمها في ذلك التعرفة الجمركية للاستيراد، التي تشجع الشركات الأجنبية على الصناعة داخل البلاد. وفي الغالب ليس المقصود بهذا الإنتاج التصدير، بقدر ما هو للاستهلاك المحلي في سوق من المرجح أن تتفوق على ألمانيا. ومع كل ذلك، تراجع معدل الاستثمارات منذ الركود العالمي في 2008 – 2009 وأزمة ديون أوروبا، التي أثرت بشكل كبير على قطاع السيارات. ونوهت بيرجيت نيسنر، محللة الاقتصاد الكلي في بنك «إرستي جروب» النمساوي، إلى أن جميع اقتصادات وسط أوروبا دخلت في ركود عميق مرة على الأقل منذ أزمة 2008، باستثناء بولندا التي أثبت ناتجها الصناعي نمواً مذهلاً. كما ذكرت أن نصيب الصناعة في النشاط الاقتصادي في دول وسط وشرق أوروبا يقدر بنحو 30%، لكنه لم يتعد سوى 19% فقط في منطقة اليورو. وبالنظر للمستقبل، تواجه منطقة وسط أوروبا وشرقها وجنوبها المهددة بالانقسام إلى نصفين، صعوبات مختلفة. وتقتصر المهمة في الجنوب، على محاولة محاكاة التحول الذي حدث في وسط أوروبا في آخر الدول المنضمة للاتحاد الأوروبي، مثل رومانيا وبلغاريا وكرواتيا. وأحرزت بعض هذه الدول التقدم بالفعل، حيث كاد إنتاج رومانيا من السيارات في العام الماضي عند 326 ألفا، التفوق على إيطاليا من خلال بعض الاستثمارات مثل استثمار «فورد» في كرايوفا في الجنوب الشرقي واستحواذ «رينو» في 1999 على شركة «داسيا»، التي تقوم في الوقت الحالي بصناعة موديل «لوجان» ذي التكلفة القليلة والأكثر مبيعاً في غرب أوروبا. القوة التنافسية مع أن إنتاج بلغاريا من السيارات محدود، إلا أنها نجحت في جذب موردي القطع من ألمانيا واليابان وجنوب أفريقيا. وقامت صربيا باستثمارات كبيرة في 2008، عندما استحوذت «فيات» على مصنع «زاستافا» في مدينة كراجوفيتش الواقعة جنوب بلغراد. ويتمثل التحدي في معظم الأسواق، مثل بولندا والمجر وجمهورية الشيك، في استعادة القوة التنافسية في الوقت الذي بدأت تضيق فيه فجوة الأجور بينها ودول غرب القارة. ويقول مايكل جارتسايد، من مؤسسة «بي دبليو سي أوتوفاكتس» الاستشارية: «يتمتع قطاع السيارات بنمو واضح مع أن هناك بعض القضايا المتعلقة بالأجور. ومع أنه لا يزال أمام الأجور عدد من السنوات لتتساوى مع دول الغرب، إلا أن النقص في الأيدي الماهرة أدى إلى ارتفاعها. وأدركت وسط أوروبا، أن الاستثمارات لا يمكن ضمانها، حيث أغلقت على سبيل المثال شركة «نوكيا» الفنلندية، مصنعها في مدينة بوشوم الألمانية في 2008 وتحويل بعض الإنتاج لمدينة كلوج الرومانية. وبعد ثلاث سنوات فقط، أغلقت ذلك المصنع أيضاً وحولته للصين. لذا، يتمثل التحدي الأول في التحول نحو الاقتصادات التي تملك التقنيات والمعرفة والمقدرة على الابتكار. وتضيف بيرجيت نيسنر: «مع أن نمط القص واللصق أفاد كثيراً في دول شرق ووسط أوروبا، لكنها تواجه الآن الخطوة التالية التي تعتمد على الاستثمار في عمليات البحث والتطوير وفي تحسين بيئة العمل التجاري والجامعات والتعليم». ربما تملك هذه الدول منظور النمو في المجال الصناعي في القطاعات التي لا تتطلب الكثير من التطور، مثل الكيماويات والزراعة، بيد أنها تدرك أهمية تطوير الابتكار. كما يتطلب الخروج من هذه الأزمة، بذل هذه البلدان المزيد من الجهود للمنافسة في كسب قدر ضئيل من الاستثمارات التي أصبح توفرها مقرونا بتوفر المناخ المناسب. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©