الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة «اليورو»... وتآكل الثقة في المؤسسات الأوروبية

13 يوليو 2013 22:54
سارة ميلر لانا باريس يبدو أن أزمة «اليورو»، التي تطبق على عدد من الدول الأوروبية قد هزت ثقة الرأي العام بالمؤسسات، لا سيما في البلدان الأكثر تضرراً واستدانة، هذا ما كشفه تقرير جديد صادر عن منظمة العفو الدولية، فقد أظهر مقياس الفساد العالمي التابع لمنظمة الشفافية الدولية ومقره برلين بعد استطلاع للرأي أجراه في 107 دول وهم 114 ألف شخص أنه على المستوى العالمي أعرب 22 في المائة من الناس عن ثقتهم في حكوماتهم والخطوات التي تتخذها لمكافحة الفساد، لكن هذه النسبة في بلدان عديدة انحدرت إلى مستويات مخيفة تشير إلى مدى تراجع ثقة الأوروبيين في مؤسسات الدولة لديهم، وهكذا أعرب فقط 8 في المائة من الإسبان عن ثقتهم في مكافحة الحكومة للفساد. وفي إيطاليا، وصل الرقم إلى 13 في المائة، أما في اليونان والبرتغال فقد سجلت المنظمة أدنى نسبة للثقة بين المواطنين حيث قال 1 في المئة من المستطلعة آراؤهم أن حكومتهم تقوم فعلاً بما يلزم للحد من مظاهر الفساد، والأكثر من ذلك يشير مقياس الفساد إلى أن تراجع الثقة في الحكومات لا يقتصر على البلدان الأوروبية التي تعاني الأزمة المالية، أو التي انتهجت حكوماتها سياسات تقشفية واجهتها الشعوب برفض عارم، بل تتعداها إلى بلدان أقل تأثراً مثل فرنسا وبريطانيا، حيث لم تصل نسبة الثقة لدى مواطنيهما على التوالي أكثر من 9 و11 في المائة. وحتى في ألمانيا، التي تقود جهود إنقاذ باقي الاقتصادات المتعثرة قال 13 في المائة فقط من مواطنيها، إنهم يثقون في الإجراءات الحكومية المرتبطة بمكافحة الفساد والتقليل منه. ولأن الحكومة ليست سوى مؤسسة من مؤسسات الدولة، فقد امتدت مشاعر انعدام الثقة إلى مؤسسات أخرى وعلى رأسها الأحزاب السياسية، ففي اليونان قال 90 في المائة من المستجوبين إن الأحزاب السياسية ينخرها الفساد، مقارنة بنسبة أقل في 2007 وصلت إلى 69 في المائة في إشارة واضحة ربما إلى تأثير الأزمة المالية وعجز الأحزاب في التعامل معها في تشكيل النظرة السلبية للرأي العام، وهو ما تؤكده «آن كوك»، المديرة الإقليمية لأوروبا وآسيا بمنظمة الشفافية الدولية، قائلة: «هناك تدهور واضح في ثقة الجمهور بالمؤسسات، تعكسه حالة الضياع السياسي الذي يشعر به الأوروبيون في هذه المرحلة». وفيما نزل المتظاهرون إلى شوارع المدن اليونانية والإسبانية احتجاجاً على سياسات التقشف وخفض النفقات التي مست مستواهم المعيشي، ملقين باللائمة على ألمانيا التي تقف وراء تلك السياسات، فإن دولًا أخرى في الشمال الأوروبي مثل ألمانيا شهدت مظاهرات أخرى تطالب بعدم تحميل الألمان أعباء إنقاذ الدول الأخرى التي أسرفت في الإنفاق والاستدانة طيلة السنوات الماضية، وهي أمور كلها ساهمت في تعميق حالة انعدام الثقة في المؤسسات الأوروبية بعدما عاين الأوروبيون كيف فشلت في استشراف الأزمة أولا والتعامل معها تالياً. ويضاف إلى تأجيج الشعور بعدم الثقة في المؤسسات بعض الفضائح الداخلية التي تعاني منها الحكومات الأوروبية. وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى الفضيحة التي زلزلت الحكومة الفرنسية، وخصمت من رصيد الرئيس فرانسوا أولاند عندما تورط الوزير المسؤول عن الموازنة، «جيروم كوزاك» في جريمة التهرب الضريبي، وإصراره في البداية على نفي التهمة قبل أن تثبت عليه. ولا تعاني الأحزاب الأوروبية وحدها من تراجع رصيدها الشعبي وثقة الجماهير في هياكلها، فقد أشارت منظمة الشفافية الدولية إلى أنه في 51 بلداً حول العالم يُنظر إلى الأحزاب السياسية باعتبارها أكثر المؤسسات فساداً. كما أن أغلبية تُقدر بـ 55 في المائة من المستجوبين، يعتقدون أن الحكومة تُدار من قبل جماعات المصالح الخاصة، ويبقى الوضع في أوروبا مقلقاً للغاية بالنظر إلى حاجة الاستقرار السياسي إلى ثقة الرأي العام في القيادة، وثقة مؤسسات الدولة في بعضها البعض للخروج من الأزمة الاقتصادية. وتأتي أرقام منظمة الشفافية الدولية لتضاف إلى بيانات لهيئات أخرى كلها تؤكد تراجع منسوب الثقة في المؤسسات، فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤخراً مؤسسة «بيو» للبحوث وأصدرته تحت عنوان «رجل أوروبا المريض: الاتحاد الأوروبي»، تراجع شعبية الاتحاد بين الأوروبيين من 60 في المائة خلال 2012 إلى 45 في المائة حالياً، كما أظهر الاستطلاع نفسه أن 77 في المائة من الفرنسيين، الذين كانت بلدهم من مؤسسي المشروع الأوروبي، يعتقدون بأن الاندماج الأوروبي عمق مشاكلهم، وفي الكثير من البلدان عبر الأوروبيون عن شكوكهم في قدرة القيادة السياسية على معالجة الأزمة الاقتصادية. ولم يخرج عن هذا النمط سوى الألمان الذين قالوا إن المستشارة، أنجيلا ميركل، قامت بعمل جيد، لكن استطلاع منظمة الشفافية الدولية، ورغم الصورة القاتمة التي رسمها عن منسوب الثقة في المؤسسات السياسية، أشار إلى بعض التوجهات الإيجابية مثل تأكيد المستجوبين أنهم مستعدون لاتخاذ إجراءات لمكافحة الفساد وعدم السكوت عنه. كما أنه وخلافاً لباقي الدول الأوروبية التي سجلت أرقاماً متدنية في مجال الثقة بالحكومة كانت النرويج الاستثناء الوحيد ليعتبرها تقرير المنظمة النموذج الأمثل الذي يجدر الاحتذاء به في أوروبا. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©