الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

2016: عام من التحديات الصحية الدولية

29 ديسمبر 2016 01:09
حمل عام 2016 في طياته، العديد من التحديات الصحية الدولية، التي بلغت حد تهديد الأمن الصحي العالمي. أهم هذه التحديات، ربما كان هو ظهور فيروس «الزيكا» في دول أميركا الجنوبية، والذي تجسد مدى خطورته حينها في صدور توصية في شهر يناير لنساء أربع دول بأميركا اللاتينية والوسطى، هي كولومبيا، والإكوادور، والسلفادور، وجامايكا، بتأجيل حملهن، لبضعة أشهر، وقرابة العامين في بعض الحالات. كما حذرت السلطات الصحية في الولايات المتحدة حينها، النساء الأميركيات الحوامل من السفر إلى 20 دولة، غالبيتها في أميركا الوسطى والجنوبية، بالإضافة إلى بعض مناطق العالم الأخرى. وتأتي هذه التوصيات غير المسبوقة في أعقاب انتشار وباء من الفيروس في البرازيل، ارتبط بإصابة الأطفال حديثي الولادة بتشوه خلقي، يتجسد في صغر حجم الجمجمة، نتيجة قصور نمو المخ. ولم يكن الزيكا، هو التحدي الصحي العالمي الوحيد الناتج عن هذه الكائنات تحت المجهرية، المعروفة بالفيروسات. فمنذ بداية العام، عاد مرض الحمى الصفراء -الفيروسي هو الآخر- ليطل برأسه القبيح على العالم، في شكل وباء بأنجولا بوسط غرب أفريقيا، نتج عنه وفاة مئات الأشخاص حينها. وأثار هذا الوباء قلق العاملين في مجال الصحة الدولية، كونه الوباء الأول في أنجولا منذ 28 عاماً، هذا بالإضافة إلى طبيعة الوباء المدنية، أي انتشاره بين سكان المدن والحضر. ويرد أيضاً هذا القلق الذي صاحب وباء الحمى الصفراء، إلى المخاوف من تكرار سيناريو فيروس إيبولا، والذي بدأ في غينيا بغرب أفريقيا، لينتشر منها إلى باقي دول المنطقة، ثم بعض دول العالم الأخرى، خلال زمن قصير نسبياً، مما نتج عنه وفاة آلاف الأشخاص، وضرر فادح لاقتصادات دول غرب أفريقيا، مع انتشار موجة من الذعر والفزع العالمي، تحملت فيها منظمة الصحة العالمية كثيراً من اللوم والانتقاد. وتوالت التحديات الصحية الدولية خلال العام، مع صدور دراسة عن معهد التقييم والقياسات الصحية (Institute for Health Metrics and Evaluation)، التابع لجامعة واشنطن، بمدينة سياتل الأميركية، قدر فيها أن 5,5 مليون شخص يلقون حتفهم سنوياً، بسبب تلوث الهواء. وألقت الدراسة باللوم خلف هذا العدد الهائل من الوفيات على ما يعرف بالجزيئات الصغيرة، المنبعثة من محطات الطاقة والكهرباء، والمصانع، وعوادم السيارات، ومن حرق الفحم والخشب. وبناء على أننا جميعاً نستنشق نفس الهواء، وأن التلوث لا يعترف بالحدود الجغرافية أو السياسية، يصبح تلوث الهواء مشكلة صحية دولية بكل المقاييس. وبالنظر إلى حجم الوفيات السنوي، وأضعاف ذلك من الإعاقات والأمراض المزمنة، يصبح من السهل أن ندرك ضخامة العبء المرضي الناتج عن تلوث الهواء. ومع حلول الأسبوع العالمي للتطعيم، خلال الأسبوع الأخير من شهر أبريل، عاد ليظهر بشكل جلي، حجم الدور الذي تلعبه التطعيمات الطبية في تحقيق الوقاية من ميكروبات وجراثيم أمراض معدية، لطالما حصدت أرواح الملايين من أفراد الجنس البشري خلال مراحل التاريخ المختلفة، حيث يقدر أن التطعيمات الطبية تنقذ حياة ما بين اثنين إلى ثلاثة ملايين طفل وبالغ سنوياً، كما يمكنها أن تمنع 1,5 مليون وفاة إضافية إذا تم تحسين، وتطوير، وتوسيع مدى برامج التطعيمات المتاحة والمنفذة حالياً. فمن بين كل خمسة أطفال، لا زال هناك طفل يفتقد التغطية اللازمة بالتطعيمات الروتينية القادرة على وقايته من العديد من الأمراض المعدية، ليسقط هذا الطفل في ما يعرف بالهوة التطعيمية، التي يقع فيها المليون ونصف مليون سابقو الذكر، وليدفعوا حياتهم ثمناً لذلك. وخلال العام بطوله، وكما في الأعوام السابقة، ظلت ظاهرة تزايد مقاومة البكتيريا والجراثيم، تشكل الهاجس الأكبر للأطباء ولجميع العاملين في المجال الصحي، وخصوصاً مع صدور استشرافات مستقبلية أجرتها معاهد بحثية متخصصة، يتوقع بحلول 2050 أن تفتك هذه الجراثيم السوبر بعشرة ملايين شخص سنوياً، أي بواقع وفاة كل ثلاث ثوانٍ. وبخلاف هذا الفاقد الإنساني الفادح، يتوقع أيضاً لما أصبح يعرف بعصر ما بعد المضادات الحيوية، أن يتسبب في تكلفة باهظة على الاقتصاد العالمي، تصل في بعض التقديرات إلى 100 تريليون دولار بحلول عام 2050. وهو ما حدى بقادة 193 دولة من دول العالم، للتوقيع على إعلان غير مسبوق، التزموا فيه جميعاً بتنسيق الجهود الرامية لمواجهة الأسباب الرئيسية خلف تزايد ظاهرة مقاومة الجراثيم، والطفيليات، والفيروسات، والفطريات، للمضادات الحيوية وباقي الأدوية والعقاقير الطبية التي تستخدم لعلاج الأمراض الناتجة عنها، إذا كان للجنس البشري أن يتجنب التبعات الخطيرة على صعيد صحة الإنسان، وصحة الحيوانات، وعلى قطاع الزراعة والأمن الغذائي، والاقتصاد العالمي برمته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©