الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

600 مليار دولار حجم غسل الأموال في العالم

28 يوليو 2006 00:43
أمل المهيري: صدر حديثا عن مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية كتاب بعنوان: غسل الأموال: قضية دولية، للكاتب مايكل ماكدونالد حيث يقول: بات موضوع غسل الأموال من الموضوعات المطروحة بقوة خلال الفترة الماضية، ويحاول الباحث أن يستعرض الجهود المبذولة عالمياً في هذا الشأن والإنجازات التي تحققت على هذا الصعيد، وما هي الظروف التي أدت إلى نشوء هذه الحملة وتركيز هذه الجهود على هذه القضية· وذكر الكاتب ان التوسع الكبير في تجارة المخدرات وتجارة الأسلحة وجرائم الاختطاف وما شابهها من الأنشطة الخارجة على القانون وما ينتج عنها من أموال، والتي تقوم بها الجماعات الإجرامية في مختلف أنحاء العالم خلال العقدين الماضيين أدى إلى تركيز الاهتمام على المبادرات المناهضة لغسل الأموال باعتبارها جزءاً من حملة دولية من أجل مكافحة الجريمة المنظمة· وقد حدث تطور في أساليب وتقنيات التحقيق التي تستهدف أنشطة غسل الأموال في سائر أنحاء العالم· وقد حققت التحقيقات المالية نجاحاً كبيراً في مكافحة الجريمة المنظمة والأرباح غير المشروعة الناتجة عنها· وفي هذا الصدد قامت العديد من الدول بإقرار برامج تشريعية وتنظيمية لمكافحة الجريمة المنظمة عن طريق المبادرات المناهضة لغسل الأموال· ويعد سن القوانين التي تحظر غسل إيرادات الجريمة وإخفاء الأصول المكتسبة عن طريق نشاط إجرامي دولي عنصراً رئيسياً للنجاح في مكافحة المنظمات الإجرامية· كما تعتبر الأنظمة التي توجب على المؤسسات المالية الإبلاغ عن المعاملات غير العادية أو المشبوهة، أو التي لا يوجد تفسير لها، الأساس في بناء سياسة فاعلة لمكافحة غسل الأموال· كما يكتسب الأهمية نفسها إقامة وحدات للاستخبارات المالية لتقوم بمراجعة المعلومات المنقولة والرقابة عليها وتقييمها، وذلك بما يتماشى مع قوانين الخصوصية المرعية في الدولة والشؤون المتعلقة بها· وقد أصدرت ''قوة العمل للإجراءات المالية'' - ومقرها باريس - توصيات لإقامة برامج مناسبة لمكافحة غسل الأموال· وقامت منظمات إقليمية أخرى، مثل قوة العمل للإجراءات المالية في منطقة الكاريبي ومجموعة دول آسيا-المحيط الهادي ومنظمة الدول الأمريكية، بإعداد إجراءات مشددة لمكافحة غسل الأموال بين الدول الأعضاء فيها وأيدت تنفيذها· إن المنظمات الإجرامية في سائر أنحاء العالم قد أحرزت مع بداية القرن الحادي والعشرين مزيداً من الأرباح من الأنشطة غير المشروعة التي تمارسها فاقت كل الأرباح السابقة؛ إذ يقدر إجمالي إيرادات هذه الجرائم بحوالي 600 مليار دولار أمريكي سنوياً ناتجة عن تجارة المخدرات وصفقات الأسلحة غير المشروعة، وتزوير العملة، والقمار، والدعارة، والنصب على الأموال، والفساد السياسي، والابتزاز والخطف· وحوالي 95% من الجرائم مضمونة الأرباح ، وعندما تدخل هذه الأرباح المتولدة عن هذه الجرائم إلى القطاع المالي المشروع في العالم فإن ذلك يعني عملية غسل الأموال، وهذا هو الوقت الذي تكون فيه هذه المنظمات أو المؤسسات المالية أكثر عرضـــــة للإجراءات التنفيذية· وقد تطورت مبادرات مكافحة غسل الأموال عندما أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية عام 1970 قانون السرية المصرفية· وكان المقصود من هذا القانون أن يكون سلاحاً ضد الجريمة المنظمة التقليدية في الولايات المتحدة· ويطلب هذا القانون إلى المؤسسات المالية في الولايات المتحدة الأمريكية أن ترفع تقارير تسمى ''تقارير التعاملات النقدية'' إلى الحكومة الأمريكية عن التعاملات النقدية التي تزيد على عشرة آلاف دولار· كما يطلب هذا القانون إلى أي شخص أن يرفع تقريراً إلى هيئة الجمارك الأمريكية عند نقله مبلغاً من المال يزيد على عشرة آلاف دولار أمريكي، وسندات مالية معينة لحاملها إلى داخل أو خارج الولايات المتحدة الأمريكية· وتسمى هذه الاستمارة تقرير العملات والسندات النقدية· إن الاستمارتين بسيطتان ولكنهما تزودان الحكومة بمعلومات أساسية؛ مثل التعريف بالطرفين اللذين قد يكونان شخصاً أو جهة واحدة، ومن الذي يقوم بالعملية أو الذي يدخل العملة إلى الولايات المتحدة الأمريكية أو يخرجها منها؟ وهذا يتطلب تعريفاً كاملاً· والتعريف بمن يملك المال، والهدف الأساسي من ذلك هو تحديد ''مصدر ومنشأ'' النشاط النقدي الكبير الحجم إلى مستوى غير عادي· وبعد ذلك تستطيع الحكومة الأمريكية استخدام هذه المعلومات لتنفيذ القانون أو إدارة الضرائب أو لأي أهداف تنظيمية أخرى· وفي عام 1996 أضاف قانون السرية المصرفية تقريراً آخر إلى قائمة التقارير المطلوبة؛ هو تقرير الأنشطة المشبوهة، حيث يطلب إلى المؤسسات المالية التي تقوم على الإيداع، مثل البنوك، أن ترفع تقارير إلى الحكومة الأمريكية إذا وجدت أن التعاملات مشبوهة وتدل على التورط في مخالفات قانونية· ويجب على المصارف الالتزام بمعايير وضوابط محددة إذا كانت سترفع تقرير الأنشطة المشبوهة· وهناك مؤسسات مالية أخرى؛ مثل مضاربي الأوراق المالية ونوادي القمار والصيارفة ومؤسسات تحويل الأموال، ليست مطالبة برفع تقارير عن الأنشطة المشبوهة، غير أن المصارف وحدها مطالبة بذلك في الوقت الحاضر· وهناك تعريفان أساسيان لـ ''غسل الأموال'' يجري استخدامهما حالياً في جميع أنحاء العالم· وقد أصدرت قوة العمل للإجراءات المالية في باريس التعريف الأول، بينما ورد الثاني في نص قانون غسل الأموال الأمريكي· أما تعريف قوة العمل لغسل الأموال فركز على الجانب العملي وهو كما يلي: ·1 نقل الملكية، مع معرفة أنها من مصدر إجرامي، بغرض إخفاء أو تمويه منشئها غير المشروع أو مساعدة أي شخص متورط في ارتكاب الجريمة لتفادي عواقب تصرفاته· ·2 إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية لأموال أو ممتلكات ومصدرها ومكانها والتصرف بها وحركتها وحقوق ملكيتها، مع معرفة أن مصدرها جريمة جنائية· ·3 حيازة أموال أو ممتلكات أو استعمالها، مع معرفة أن مصدرها جريمة جنائية أو مشاركة في جريمة· أما تعريف غسل الأموال حسب قانون غسل الأموال الأمريكي فيتضمن ما يلي: ·1 أي صفقات مالية، أو أي شخص ينقل أو يحول أو يرسل صكاً نقدياً أو أموالاً من مكان في الولايات المتحدة الأمريكية إلى مكان يقع خارجها، أو من مكان خارج الولايات المتحدة الأمريكية إلى مكان داخلها، أو يسعى إلى فعل ذلك· ·2 استخدام عوائد ''نشاط محدد غير مشروع'' مدرج ضمن قائمة 176 مخالفة، أو يفسره ضابط تنفيذ القانون بأنه كذلك· ·3 معرفة أن الأموال ناشئة عن عملية غير مشروعة· ·4 وجود نية للقيام بالترويج لنشاط غير مشروع أو التهرب من ضرائب بالولايات المتحدة الأمريكية أو كتمان ملكية المال أو الأصول أو التسبب في إعداد تقرير بموجب القانون الفيدرالي أو قانون الولاية· وتسهم الجرائم في خلق آثار سلبية كثيرة، وهي في العادة ترتكب لأحد سببين رئيسيين هما: الرغبة الجنسية أو المال· وتشير التقديرات إلى أن 95% من الجرائم تقوم على دوافع المنفعة والربح· وتستهدف التدابير التنفيذية والتنظيمية النشاط الإجرامي من أساسه· وتساهم المنافع والأرباح الناتجة عن الجريمة في تطوير الجريمة المنظمة وأنشطتها الإجرامية وتعزيزها· وتؤدي الأموال غير المشروعة إلى تأثير إفسادي رهيب يصل إلى حد السيطرة على أجهزة تنفيذ القانون والأنظمة القضائية والإجراءات التشريعية· وفي بعض الدول مثل كولومبيا والمكسيك تعاني الحكومات عدم الاستقرار بسبب القوة المالية لمنظمات تجارة المخدرات الدولية المنظمة· وتوفر الأرباح غير المشروعة الناشئة عن الجريمة الأساس الاقتصادي الذي يشجع العنف والسلب والتهديدات وجرائم القتل· وتسهم القدرات المالية للجريمة المنظمة في حمايتها من العدالة· يضاف إلى ذلك أن الأرباح الهائلة المعفاة من الضرائب والناتجة عن الجريمة تترك آثاراً اقتصادية سلبية وخطيرة في المناطق التي لا يمكنها تحمل هذه الآثار، حيث تعاني تلك المناطق تضخماً غير طبيعي في أسعار البضائع الاستهلاكية والإسكان والأموال العقارية· ويرتبط بالجماعات الإجرامية في مناطق معينة، سلبيات أخرى مثل ارتفاع التكاليف القومية المرتبطة بالموارد التنفيذية وحماية المواطنين والممتلكات والرعاية الصحية المرتبطة بأحداث العنف، وإدمان المخدرات وجرائم الشوارع المتصلة بها، والتي ترتفع نسبتها بصور كبيرة، مما يستدعي وضع متطلبات ثقيلة على الميزانيات المالية القومية للتصدي لمثل هذه القضايا· حينما يبدأ ظهور الجماعات الإجرامية تواجه بقليل من إجراءات القانون التنفيذية وفي بعض الأحيان قد لا يتخذ بشأنها شيء من هذه الإجراءات، مما يجعل كفة ميزان الخطورة والثواب تميل لصالح الجماعات الإجرامية، ويشجع النشاط الإجرامي· وهذه هي البيئة التي تؤدي إلى فساد أصحاب الأموال والمهن والمؤسسات التجارية التي كانت شرعية في السابق وتحولهم إلى جيل جديد من المجرمين· ويمكن إنقاذ هؤلاء من دخول عالم الجريمة باتخاذ التدابير التنفيذية والتنظيمية السليمة لمكافحة عوائد غسل الأموال والأنشطة الإجرامية· وتتحدد الرغبة النهائية لجميع المجرمين الذين يقترفون الجرائم بهدف الربح في جني الأرباح التي يسعون إليه من نشاطهم غير المشروع· ولكي يتحقق ذلك يتعين على هذه المنظمات استغلال النظم المالية السائدة في مختلف دول العالم، ومن ثم يدخلون الأموال غير المشروعة في النظام المالي في مكان ما، وبعد ذلك يستغلون الملاذات الآمنة في مناطق تابعة لسلطة أخرى للتستر على ملكيتهم للأصول في الوقت الذي يحتفظون فيه بحق الانتفاع بها· وتعتبر النظم المصرفية المشروعة التي تعتمد قدراً ضئيلاً من الرقابة ـ أو ليس فيها رقابة على حركة العوائد والأرباح غير المشروعة في المؤسسات التابعة لها ـ أهدافاً مفتوحة أمام هذه العناصر الإجرامية· قامت سويسرا ـ التي تعد من أوائل الملاذات للسرية المصرفيةـ بالمبادرة إلى القيام بدور قيادي في أوربا بإصدار قوانين وإجراءات تنفيذية جديدة صارمة لمكافحة غسل الأموال، وعوائد وأرباح الجرائم· وتاريخياً وجد السياسيون الفاسدون وتجار المخدرات ورؤوس الجريمة المنظمة من كافة الأصناف في البنوك السويسرية ملجأ لأموالهم القذرة· ولكن لم يعد الأمر كذلك الآن· وقامت العديد من الدول بإعداد قوانين جديدة لمكافحة الفساد وجرائم غسل الأموال باعتبار ذلك عنصراً ضرورياً في سياسة حازمة جديدة لمكافحة الجريمة كما في إندونيسيا، ومجموعة دول آسيا-المحيط الهادي العاملة بموجب مبادئ قوة العمل للإجراءات المالية، ونيجيريا التي تعاني أكثر من غيرها بسبب جرائم غسل الأموال، وروسيا التي تعاني فساداً سياسياً وجريمة منظمة وجرائم الخطف والتحايل المصرفي التي أدت إلى انهيار المصارف الروسية، واختلاس الأموال التي قدمها صندوق النقد الدولي وبنك التنمية الأوربي لدعم الاقتصاد الروسي· ويستمر تطبيق مختلف القوانين الوطنية لمكافحة غسل الأموال في الاتساع لأن المزيد من السلطات القضائية يعني فرض القوانين والأنظمة المضادة لغسل الأموال، وتنفيذ متطلبات الإبلاغ عن العمليات النقدية في المؤسسات المالية وفي تعاملات التحويل خارج البلاد· في كل عام تقوم قوة العمل للإجراءات المالية بنشر دراسة عن جرائم غسل الأموال المعروفة في مختلف أنحاء العالم· وتقوم الولايات المتحدة بتحديد تهديدات غسل الأموال من خلال تقرير استراتيجية الرقابة الدولية على المخدرات· وهناك مجال يتصل بهذين التقريرين وباستراتيجية تنفيذ قوانين غسل الأموال الأمريكية لعام 2000 وهو استخدام ''أنظمة الحوالة البديلة'' من قبل كارتلات تجارة المخدرات لغسل عوائد المخدرات في العالم· ويعطي كل من قوة العمل للإجراءات المالية والمبادرات الأمريكية الأولوية القصوى لاستهداف هذه الأنظمة في مختلف أنحاء العالم· إن ثمة نظامين رئيسيين؛ أولهما يشار إليه بسوق صرف البيزو السوداء· وبعبارة بسيطة فقد أصبح معروفاً أن كارتلات المخدرات الكولومبية تبيع منتجاتها في أنحاء العالم مقابل عملات أجنبية· لكنها لا تستطيع استخدام العملات الأجنبية لتسيير عملها في كولومبيا· إنها تحتاج البيزو الكولومبي، والنظام الذي يحولون بواسطته هذه العملات الأجنبية المختلفة إلى عملة كولومبية صالحة للاستعمال يشار إليه بأنه السوق السوداء لصرف البيزو، والذي يقوم على أن الجماعات الإجرامية الكولومبية هي صاحبة النفوذ والهيمنة على تجارة المخدرات العالمية، وكانت السوق الأساسية لها هي الولايات المتحدة الأمريكية·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©