الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحنة السورية.. أربع مبادرات إنسانية

12 يوليو 2015 00:08
تواجه الولايات المتحدة، وحلفاؤها الغربيون، أزمات متعددة في منطقة الشرق الأوسط التي تزداد اضطراباً وعنفاً على نحو مطرد، وتتضاعف فيها دواعي القلق من التهديد النووي الإيراني، وتنظيم «داعش» المتفاقم القوة، وتفكك العراق واليمن، وليبيا، كدول وطنية قائمة. ولكن ليست هناك مشكلة بدرجة صعوبة، وخطورة، الحرب الأهلية السورية الدموية الآخذة في التدهور، فالوضع في هذه الدولة الشرق أوسطية الرئيسية، كارثي بمعنى الكلمة: فهناك ما يزيد عن 220 ألف سوري لقوا حتفهم في الحرب المستعرة في بلدهم منذ أربعة أعوام، كما هرب ما يزيد عن 11 مليون ، وهو نصف عدد سكان البلاد، من ديارهم، ولجأ أربعة ملايين منهم إلى الدول القريبة. وضعف هذا العدد تقريباً نزحوا إلى مناطق أخرى داخل سوريا نفسها، كما يحتل تنظيم «داعش» ما يزيد على ثلث مساحة البلاد، ومساحات واسعة من العراق. وإذا ما أخذنا في الحسبان حجم الحرمان، والقتل الجماعي، والمخاطر الجيوبوليتيكية في سوريا، فيمكننا القول إن استجابة باقي دول العالم لهذه المآسي كانت غير كافية بدرجة مؤسفة. ونحن نؤمن بأن الولايات المتحدة وغيرها يجب أن تشتغل بسرعة، بالمستوى المطلوب، وانطلاقاً من دوافع حقيقية، على المبادرات الأربع التالية لمساعدة السوريين المحتاجين: الأولى: يجب على الدول الغربية الاستجابة لمطالبة الأمم المتحدة بإعادة توطين 130 ألف سوري من الأكثر تعرضاً للخطر في الغرب بنهاية 2016، ومن المعروف أن تقاليد الولايات المتحدة تقبل بإيواء نصف عدد اللاجئين الذين تتم إعادة توطينهم في الدول الأخرى، وهو ما دفع 14 عضواً من أعضاء مجلس الشيوخ في الآونة الأخيرة لمطالبة بلدهم بالوفاء بالتزامه التاريخي في هذا الشأن، وقبول 65 ألف سوري في نهاية 2016، ويمكن للولايات المتحدة بعد ذلك أن تحشد الآخرين لتقديم المساعدة ودعوتهم لتقديم يد العون في هذا الشأن. الثانية: يجب على دول الغرب التضافر مع الدول العربية، واليابان، وكوريا الجنوبية، وغيرها والتعهد بتقديم مساعدات اقتصادية وإنسانية أكبر حجماً مما هو مقدم حالياً للدول التي تتحمل العبء الأكبر في أزمة اللاجئين، وعلى وجه الخصوص الأردن، ولبنان ويمكن أن يضاف إليهما العراق وتركيا. الثالثة: إذا ما أخذنا في الاعتبار جسامة الكارثة الإنسانية الحالية، فإن الولايات المتحدة وأوروبا يجب أن تعملا على قيادة الجهد الرامي لتدشين برنامج عون إنساني جديد لملايين السوريين الذين وجدوا أنفسهم عالقين بين الأطراف المتحاربة، وأعضاء مجلس الأمن الدولي الذين وافقوا على عدة قرارات بشأن سوريا بحاجة الآن إلى الالتزام بتنفيذ هذه القرارات. الرابعة: حان الوقت لقبول الولايات المتحدة وأوروبا بما ليس منه بد، والعمل على إشراك روسيا وآخرين، في المبادرة الدبلوماسية الرامية للمساعدة على استقرار الوضع في سوريا الممزقة، علماً أن وضع نظام الأسد الاستراتيجي الآخذ في الضعف، يمثل أيضاً خطراً على بنية الدولة السورية التي يمكن أن تتفكك أكثر في الشهور القادمة. والمبادرة الدبلوماسية الحالية بشأن سوريا محتاجة إلى المزيد من الدعم السياسي من خلال اشتباك غربي أكثر رسمية، وأكثر تمكيناً، وأعلى مستوى مع روسيا، وإيران، وتركيا، والدول العربية لتوجيه مسار عملية الانتقال السياسي في سوريا، ومن المعروف أن مصير الأسد قد شكل عقبة حالت دون تقدم الجهد الدبلوماسي المتعلق بالأزمة السورية. وإن واشنطن ولندن ومعهما موسكو، لديها مصلحة مشتركة مع طهران والعواصم العربية في المحافظة على بقاء واستمرار الدولة السورية بعد سقوط الأسد. ونحن نعلم تماماً من واقع خبرتنا في حكومتي الولايات المتحدة وبريطانيا مدى صعوبة التحدي السوري بالنسبة إلى الرئيس أوباما، ورئيس الوزراء ديفيد كاميرون، وغيرهما من القادة، ولكننا نعرف أيضاً أنه لا شيء يمكن أن يتحقق بدون قرار جوهري في واشنطن ولندن وغيرهما من العواصم لتقديم نمط قيادة أقوى، وأكثر طموحاً، من أجل مساعدة الملايين من السكان المحاصرين بين الثورة والحرب الأهلية في سوريا ومنطقة الشام بشكل عام. ديفيد ميليباند* ونيكولاس بيرنز** * وزير خارجية بريطانيا من 2007- 2010 والرئيس والمدير التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية ** وكيل وزارة الخارجية الأميركية من 2005-2008 والأستاذ الحالي في كلية جون كينيدي للدراسات الحكومية- جامعة هارفارد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©