الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ذكريات الطفولة» تفاصيل وخبرات ينير بها الآباء الطريق أمام الأبناء

«ذكريات الطفولة» تفاصيل وخبرات ينير بها الآباء الطريق أمام الأبناء
16 يوليو 2011 20:05
لكل إنسان ماضٍ وذكريات مختلفة ومتنوعة، ما بين ذكريات سارة أو مؤلمة. وكثيراً ما يحلو لنا نحن الكبار أن نجتر مفردات وتفاصيل هذه الذكريات البريئة وسط المشاغل والضغوط والمسؤوليات والأعباء اليومية، وكلما كان ذلك ممكناً، أو عندما تستثيرنا بعض المواقف أو الأحداث، فيتحرك شريط الذكريات بكل تفاصيلها، وكأنها شريط سينمائي، وإن تركت بصماتها على حياتنا بحاضرها ومستقبلها. فماضي الإنسان ما هو إلا سيرته وتاريخه وخبراته التي لا يمكن أن نمحوها مهما كانت مريرة أو أليمة، بل ذكريات الماضي دروس تعيننا على فهم الحاضر والتعامل معه، وكيفية توقع المستقبل، وإضاءة طريقه. خورشيد حرفوش (الاتحاد) - اجترار الذكريات وحده لا يكفي، فهناك تساؤلات تتعلق بكيفية نقل خبرات الطفولة وذكرياتها إلى الأبناء، وكيف يمكن الاستفادة منها؟ وما المعايير التربوية والسيكولوجية التي تكفل نقل هذه الخبرات إلى الأبناء بطريقة سوية ومفيدة ونافعة؟ وكيف يلتقي الآباء والأبناء معاً بشكل إيجابي على خريطة ذكريات طفولتنا بعيداً فروق الزمن، وعن القيود والضغوط والخجل؟ يقول ناصر سعيد “مهندس”: “ كثيراً ما أجد نفسي أتذكر نفسي وأنا طفل صغير، وأحياناً يكون هناك سبب يستدعي ذلك، وفي أحيان كثيرة دون سبب معلوم، لكن في الحالتين أشعر بغبطة وسعادة، وأتمنى لو عاد بي الزمن إلى الوراء، لكن غالباً ما أتذكر ألعاب وشقاوة الطفولة وبراءتها، وعندما يبد من طفلتي سلوك، أو ردة فعل معينة، أتذكر أنني كنت أفعل ذلك تماماً، وأستحضر المشهد نفسه، وكأن الزمن يعيد نفسه!. لكن ليس كل المواقف إيجابية بطبيعة الحال، وان لم تخل من البراءة. وما من شك انني أحاول أن أستفيد من خبرة الحياة وتجاربها في تعديل أو توجيه أبنائي وبناتي، ولا أخجل من تبصيرهم ببعض الأخطاء أو الأشياء المرفوضة أو المزعجة التي كنت أفعلها، وأطلب منهم أن نتعاون في تعديلها، فالزمن تغير، والحوار مطلوب، وأيامنا ليست مثل هذه الأيام بطبيعة الحال، فالإنسان لا يتمنى أن يجد شخصاً أفضل منه سوى ابنه أو ابنته، لذا يمكن أن نستثمر ذكريات الطفولة بما يعود بالنفع على أطفالنا”. خجل طبيعي ويضيف أسامة الراوي، استشاري إنشاءات: “في لحظات معينة أسترجع أشياء معينة من طفولتي بكل تفاصيلها، وأتعجب من نفسي (كيف كنت أفكر؟)، إن الزمن يمر على الإنسان كأنه لحظات، وفي معظم الأحوال أسخر من تلك التصرفات، أو أشعر بالخجل من بعضها، فمنها ما كان يثير الضحك والسخرية ممن حولي، لكن لكل سن طبيعته، وما من شك فإنني أخجل أن أسردها أمام أطفالي، بل أحاول أن أصحح لهم تصرفاتهم وسلوكياتهم، فالحياة مملوءة بالخبرات، ومن الأهمية أن أنقل هذه الخبرات المكتسبة إلى الأبناء ما أمكنني ذلك”. ويكمل الراوي: “أحياناً أشعر بأنني مازلت صغيراً، رغم أنني في منتصف العقد الخامس من العمر، وكثيراً ما أشعر أن الطفولة مازالت بداخلي، ربما هذا عيب مني، وأحياناً أجد نفسي خارج حدود الزمن، لكن (ما باليد حيلة). ربما أن نمط الحياة قديماً كان يتيح لنا أن نتعلم من الكبار، ومن الأسرة والمدرسة فقط، الآن أصبحت مصادر المعرفة متعددة بفعل وسائل الاتصال وتطورها، ومن الصعب أن نجد القيم التي كانت موجودة، لكننا نحاول أن نجودها ونغرسها في الأبناء”. سطوة الماضي سميحة فاضل “معلمة”، تؤكد: “إن ماضي الإنسان هو سيرته وتاريخه وخبراته التي لا يمكن أن تفارقه، والماضي يتمتع بسطوة طبيعية غريبة لا ننكرها مهما كانت مريرة أو أليمة، ولأن ذكريات الماضي ما هي إلا دروس واقعية تفيدنا في مستقبلنا، فعلينا أن نتعلم منها دون أن نقف عندها لنبكي عليها أو أن نكون سجناء وعبيداً لتلك الآلام والأحزان، ولأن النسيان أمر نسبي، يختلف من شخص لآخر ويختلف أيضاً من موقف لآخر، فعلينا الاجتهاد لنكتسب القوة والقدرة لمتابعة حياتنا دون أن نجعل تلك الذكريات بحلوها أو مرها هي نقطة النهاية التي نقف عندها عاجزين عن الاستمرار والمتابعة، ولذلك فإنها تقدم نصائح وإرشادات تخلصنا من ماضينا بشكل عملي، أو بمعنى أدق تخلصنا من أسر ذكرياتنا وسيطرتها”. وتؤكد أيضاً فاطمة سند “سكرتيرة”: “من الحماقة وعدم الحكمة ألا نستفيد من هذا الماضي كي ننقل إيجابياته إلى الأبناء، ونتجنب كل ما هو سلبي، وليس من السهولة أن نتخلص من الخجل أحياناً، لكن هذا يتوقف على الطريقة التي نخبر بها هؤلاء الصغار عما نخجل منه، ونوعه، ودرجته، وتفاصيله، لكن الحكمة تقتضي أن نستفيد من هذه الذكريات بما ينفع الأبناء الصغار”. أما نائلة مرعي “معلمة”، فترى أن العقبة الأهم التي تقف أمام نقل خبرات الآباء إلى الأبناء، تتلخص في كيفية التخلص من الآلام والأحزان المتراكمة في ذاتنا، ورميها خلف ظهورنا، وعدم البكاء عليها أوالتوقف عندها لفترة طويلة، بل على العكس من ذلك، علينا دائماً أن نتذكر أن هناك أملاً وحياة تستحق أن نعيشها، وأن الغد لا بد وأن يكون أفضل وأكثر فرحاً وسعادة، فالأمل هو مفتاح البقاء، ولولا الأمل لما استطاع الإنسان الاستمرار في ظل كل ما يمر به من ظروف ومواقف، وتذكري دائماً أن بسمة الأمل هي العصا السحرية التي تمحو آلام الماضي ومرارتها، وأنه وحده فقط القادر على محو الآلام والأحزان الماضية”. الثقة في الغد ويتفق معها رشيد هندي “موظف”، ويقول: “على الآباء والأمهات أن يتحدثون إلى أطفالهم بما يترك انطباعاً إيجابياً لديهم، ويمنحهم الثقة في الغد، وعلينا أن نتذكر دائماً أن الماضي ما هي إلا مجرد ذكريات، وإلا لما أطلقنا عليها اسم “ذكريات” وهذا وحده كفيل بأن يجعل الإنسان يقف من جديد، وأن ينظر إلى الأمام بعين ملؤها المستقبل والأمل، لأن ما فات قد مات، وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها أبداً، وأن نحاول دائماً أن نتجاهل ونتناسى ما يؤلنا”. من جانب آخر، ترى سعاد صليبي “كاتبة” أن المفروض أن نتعلم كيف نتقن فن التعامل والتخلص من الآلام والذكريات السلبية، وكيف نستفيد من الذكريات السارة، وأن نحاول دائماً تجاهل ما يؤلمنا وما يكدر صفونا بمرارته وحزنه، فمحاولة محو الحزن والذكريات المريرة ما هي إلا خطوة عملية في التخلص من الحزن والتغلب على تلك الذكريات، أما المحاولة دائماً في استرجاع ما فات فما هو إلا الرغبة في البقاء سجناء لتلك الذكريات والآلام الماضية. ومن الأهمية أن ندرك أن الذكريات غير السارة تؤلم الصغار ”. عثرات الماضي تكمل صليبي: “لا يوجد من هو خال من الهموم، فالحياة لا تخلو من الآلام، ولكل حزنه وذكرياته المريرة، فالحياة بطبيعتها عـبارة عن ضحكات ودموع، وهذا هو حال الجميع ولسنا وحدنا من نعيش ذلك، كما أنه لا بد أن يكون هناك آخرون يعـيشون ظروفاً أقسى وأشد حزناً وهماً من ظروفنا، فمن رأى هموم الناس، خفت عنه همومه، وعلينا أن نتذكر عثرات الماضي هي نقاط قوة للمستقبل، إن كل تجاربنا وما نمر به في حياتنا ما هو إلا دلائل وإشارات لطريق المستقبل الذي يجب أن نحرص دائماً على أن يكون أفضل، وأن نتعلم من أخطائنا وأحزاننا كيف هو طعم ومذاق السعادة، وألا نجعل الأحزان والهموم تشدنا إلى الهاوية والقاع، وإلا فالنتيجة لن تكون إلا تراجعاً، يليه تراجع لا ينتهي أبداً، فنقف عاجـزين عن التقدم والاستمرار إلى الأمام مهما حاولنا وانتظرنا ذلك”. ذكريات الطفولة والأفكار المغلوطة توضح الأخصائية الاجتماعية مريم الفزاري جانباً مهما حول كيفية التعامل والاستفادة من ذكريات الطفولة، وتقول: “مما من شك أن هناك كثير من الأفكار المغلوطة والطريفة التي تلتصق بفترة الطفولة، وهو أمر طبيعي يرتبط بهذا السن، كالأفكار الغيبية وعلاقة الإنسان بمن حوله والمخاوف، ومنها ما يرتبط بثقافة الكبار والمجتمع. الآن الحياة تغيرت، ووسائل الاتصال تطورت، وأصبح هناك مؤثرات عديدة تؤثر في التنشئة الاجتماعية للطفل، ولا يمكن التحكم فيها بأي حال من الأحوال، ومن ثم يتقلص دور وتأثير الأسرة على الأبناء. وأعتقد أن بإمكان جيل الآباء والأمهات أن يستثمر خبرته وثقافته وتجاربه في الحياة، وكل ما تحمل ذكريات طفولتهم من خبرات حتى الأليمة منها، يمكن الاستفادة منها عندما نوجهها إلى الأبناء. كما أرى أن ليس هناك ضرورة في أن ننقل إلى الصغار ما يخجل منه الكبار، ربما المعايير قد تغيرت، لكن يفترض أن تبقى صورة الكبار غير مشوهة في أذهان الصغار، لأنهم بطبيعتهم ينظرون إلى الكبار بشكل مثالي خال من العيوب، ولا أعني بذلك أن نتصنع في تصرفاتنا، أو نتخلص من خبراتنا، لكن يجب أن تظل صورة الأب أو الأم نموذجية قدر الإمكان في أذهان الأبناء”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©