الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تفاصيل حياة «زمن أول» في مركز الحرف الإماراتية بالشارقة

تفاصيل حياة «زمن أول» في مركز الحرف الإماراتية بالشارقة
3 أغسطس 2014 20:20
في قلب الشارقة القديمة، حيث يتجلى الماضي بتفاصيله الدقيقة، ويعيد رسم مشاهد هامة من الحياة القديمة لتظل حاضرة في الوجدان رغم رحيل الأوائل الذين وظفوا قدراتهم على الاستفادة وتطويع خامات الطبيعة، وإرساء دعائم الحرف التراثية التي ظلت مورثاً شعبياً يقاس على أثرها مدى ما حققه الأجداد من تطور في سبيل تلبية احتياجاتهم اليومية، وإكساب الحياة قدراً من المرونة والسهولة، من خلال إعادة صياغة الخامات المتوافرة في البيئة المحلية. ويعد مركز الحرف من المرافق السياحية الهامة، كونه يستضيف العديد من الزوار والسائحين ليتعرفوا على جوانب عديدة من الحرف التراثية الإماراتية، ومعالم التراث الإماراتي الأصيل، كما يستقبل كثيراً من الباحثين الشغوفين بدراسة التراث الإنساني والتعرف على تاريخ وثقافة الإمارات، والوقوف على أهم المشغولات الحرفية الشعبية. كما ينظم المركز العديد من الدورات والورش التـدريبية الخاصة بالحرف اليدوية القديمة حيث تعكف الحرفيات على مواصلة أعمالهن بمزيد من الرغبة والقناعة والإحساس بأهمية إحياء الماضي ومفرداته الثقافية والفلكلورية الشعبية. موروث هذا المورث الشعبي لا يزال ينطق بإبداعاته على جدران وجنبات مركز الحرف الإماراتية، والذي يسجل عبر طياته أعمالاً حرفية هامة ساهمت فيه المرأة بدور كبير. مركز الحرف الإماراتية القابع في بيت تقليدي قديم، تم بناؤه في القرن التاسع عشر، وتعود ملكيته للمواطن محمد سالم المزروعي، ويضم 19 غرفة وجناحاً موزعة على طابقين. الطابق الأسفل، يحتوي على 16 غرفة، وزعت تلك الغرف وفقاً لطبيعة الحرفة، حيث نجد غرفة السعفيات، وغرفة الدخون والعطور، وغرفة المدبسة، التي يوضع فيها التمر لاستخراج الدبس منه، وغرفة المكنز أو «المنتجات»التي تحتوي على منتجات المركز المختلفة، وغرفة المشغل (أ) لعمل المنتجات، وغرفة المشغل(ب) وغرفة المجلس، وغرفة المكتبة التي تحتوي على عدد من الكتب التراثية المتخصصة بالحرف اليدوية، وغرفة العرض الخاصة للأفلام الوثائقية المصورة والتي تستعرض تاريخ إمارة الشارقة، وتعرض باللغتين العربية والإنجليزية، والمطبخ، وغرفة عرض الأزياء. أما الطابق العلوي فيحتوي على ثلاث غرف ويطلق عليها المخزن. ويفضي المدخل إلى فناء رملي تطل عليه بعض فراغات المنزل، فيما يقود دهليز رئيسي إلى فناء داخلي آخر، وحيث توزع روائع الحرف التراثية اليدوية جنباته، وهي التي لعبت فيه الأمهات والجدات دوراً بارزاً، في تقديم منتجات تفيض بمعاني الماضي، ويتجلى سحره بين جدران المكان، حيث يطل الزائر ليتعرف على عدة حرف تتميز بقدر عال من الدقة والمتانة كونها شغلت بحرص وعناية، وحيث تجسد مكونات الماضي قيمة وأهمية تلك الخامات التي صنعت منها في مرحلة زمنية قد انتهت، إلا أن عبق الماضي يقرع أبواب الحاضر مجدداً عبر مجموعة زاخرة من تلك الحرف التراثية منها: صناعة الدمى والمكاحل والدخون والعطور وقرض البراقع والخياطة والتلي، إلى جانب تعليم دورة الطبخ الشعبي، وسرد القصص الشعبية التي تسمى في التراث الشعبي بـ «الخراريف». أسرار وفنون طرقنا أبواب المركز، ليبوح لنا المكان عن أسراره وفنون حرفه ومحتوياته التي شغلت بأنامل الحرفيات اللاتي استطعن حفظ المورثات الشعبية، ليبقى المكان نافذة نطل من خلالها على تفاصيل الماضي. عن أهمية ووظيفة هذا المركز، تقول موزة عبد الله، إحدى الحرفيات العاملات في المركز: «يسعى المركز إلى تقديم الكثير من الأنشطة والورش الحرفية التراثية ونقلها للأجيال المتعاقبة، وصونها من الضياع من خلال عمل الفعاليات والمشاركة في المعارض والمناسبات المختلفة من حين لآخر، واطلاع أبناء هذا الجيل على ما يضمه مركز الحرف من موروثات تربط الجيل الحاضر بماضيه، ويجعلهم يقفون على مرتكزات هذا الحاضر الذي لم يبن إلا على سواعد الآباء والأجداد الذين استطاعوا أن يحولوا خامات البيئة المحلية البسيطة إلى أدوات لها قيمتها ووظيفتها في الحياة اليومية. وكما يضم المركز مخزوناً من الحرف والأعمال الشعبية القديمة كالتلي، وأعمال السف، وصناعة الدمى وحرفة النسج، إلى جانب تعلم أصول الطبخ الشعبي التقليدي، والتعرف على التوابل واستخداماتها، وكيفية خلطها» وتضيف قائلة: « يهدف مركز الحرف إلى التأكيد على البعد العربي والإسلامي للحرف الإماراتية، والعمل على رفع مكانة الحرفي الاجتماعية والاقتصادية، وتنمية قدرات الحرفيين وتوسيع مداركهم، والعمل أيضاً على تسويق المنتج الحرفي الإماراتي، وحفظ ملكيته الفكرية. وذلك يساهم بلا شك في دعم الحرفيين، وتوفير مظلة آمنة لهم ولحرفهم، وإيجاد فرص عمل جديدة، فضلاً عن صقل مهارات الحرفيين الإماراتيين التسويقية، وأيضاً تدريب الشباب الإماراتي على الحرف الشعبية المهمة، والعمل على نشر الوعي حول بقية المنتجات الحرفية وأهميتها، إلى جانب توثيق الحرف والمهن التراثية، والترويج والتسويق لها، والعمل على استحداث الوسائل الكفيلة بزيادة إنتاج الحرفيين مما ينعكس إيجابياً على دخلهم المادي ومستوى معيشتهم».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©