الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللاجئون الصوماليون... بين الحرب والمجاعة

16 يوليو 2011 22:40
كريستوفر جوفارد، لطفي شريف محمد نيروبي طلباً للسلامة والنجاة، هربت "رحمو إبراهيم ماضي" وأطفالها الثلاثة سيراً على الأقدام هذا الشهر من منطقة "باكوت" الصومالية التي ضربها القحط والمجاعة، والتي تسيطر عليها جماعة "شباب المجاهدين" الإسلامية المتشددة. وقبل عشرين كيلومتراً من الوصول إلى الجهة المقصودة، وهي العاصمة الصومالية مقديشو التي مزقتها المعارك، ماتت ابنة ماضي الصغري، "فادومو" التي لا يزيد عمرها عن عام واحد، من الجوع. بعد ذلك بأيام وفي ملجأ عشوائي مكون من جدران بلاستيكية وقطع قديمة من الأقمشة، وهو من الملاجئ القليلة في العاصمة، كانت المرأة البالغة من العمر 29 عاماً تضع كميات صغيرة من العصيدة في فم طفلتها الأخرى "البتول" البالغة من العمر أربع سنوات. قالت ماضي، وقد لاح الحزن على ملامحها بسبب عجزها عن فعل أي شيء: "إنها تحتضر". والعصيدة التي كانت تطعمها لابنتها كانت كل ما تبقى من طعام لدى العائلة في ملجئها المؤقت، والمؤسف أنه لم يجدِ نفعاً لإنقاذ الفتاة التي توفيت بعد ذلك بدقائق. والمعسكر الذي بني بالقرب من مبانٍ حكومية تبدو آثار القذائف على جدران أطلالها الخارجية، التي تقف شاهداً على الحرب الأهلية الصومالية المستمرة منذ عقود، يكتظ بما يقرب من 2000 لاجئ، ويتوافد عليه المزيد منهم، وقد حمل كل منهم معه قصص الفقدان والمعاناة. وهم يلوذون بالملجأ ليس فقط هرباً من القحط الذي ضرب الصومال مؤخراً، وإنما أيضاً من الحرب التي تدور فيها منذ عقود. وهم في النهاية لا يمثلون سوى عدد محدود من عدد سكان البلاد البالغ نحو 10 ملايين نسمة، يعانون من العطش الشديد والجوع، جراء جفاف قاس يضرب القرن الأفريقي كله تقريباً، والذي يشمل الصومال وكينيا وإثيوبيا وجيبوتي. ويشار إلى أن جماعة شباب المجاهدين التي تخوض حرباً ضد الحكومة الصومالية قد حدت على نحو كبير من قدرة منظمات الإغاثة لسنوات عديدة على الوصول للمناطق التي ضربها الجفاف من أجل تقديم الغوث للمنكوبين وخصوصاً في تلك الأجزاء من البلاد التي تسيطر عليها الحركة. ومنذ أيام أعلنت الحركة أنها ستشرع في رفع الحظر، لكن ليس في مقدور أحد التأكد من مقدار المساعدات التي ستصل إلى المنكوبين، بعد هذا القرار، ولا السرعة التي ستصل بها. وحول هذه النقطة تحديداً تقول "جبرييلا وايجمان"، الرئيس الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لمنطقة شرق أفريقيا، "إنها أنباء طيبة لاشك، لكن يجب أن نعرف أن الوضع يتطلب منا بعض الوقت حتى نكون متواجدين بالفعل على الأرض"، وأضافت وايجمان: "هناك مثلاً خطوط إمدادات ينبغي علينا مدها من أجل توصيل المساعدات للمناطق المنكوبة". كما ذكرت أن ما يقرب من 1500 لاجئ جديد يتدفقون شهرياً على معسكرات الإغاثة المقامة في إثيوبيا في نفس الوقت الذي يحاول فيه 1500 آخرون تقريباً شق طريقهم نحو معسكرات مقامة في كينيا. والعدد الأكبر من هؤلاء اللاجئين في الوقت الراهن هم من الصوماليين". وترى وايجمان أن تدفق هذه الأعداد الكبيرة ناحية المعسكرات المقامة في كينيا وإثيوبيا يرجع لحقيقة أن منظمات الإغاثة غير قادرة على الوصول إليهم في المناطق التي يقيمون بها. ويقول جاوين فاوغان، مدير منظمة الإغاثة الدولية "كير" في كينيا، "إذا ما أخذنا في اعتبارنا أن ما يقرب من 1300 وافد جديد يتدفقون على مجمع معسكرات مدينة داداب، ثالث أكبر مدينة في كينيا والواقعة في شمالها الشرقي، والذي تبلغ مساحته 31 ميلاً مربعاً ويعتبر أكبر معسكر للاجئين في العالم، فسندرك أن المجمع لن يكون قادراً على استيعاب هذه الأعداد وتقديم العون لها خلال بضعة أشهر قادمة". ويصف "فاوغان" الأزمة في جنوب منطقة القرن الأفريقي بأنها ربما تكون أسوأ أزمة إنسانية في العالم حالياً "لأن بعض مناطق كينيا على سبيل المثال لم تشهد خلال العامين المنصرمين سوى 10 في المئة من كمية الأمطار التي تسقط عليها في العادة". ويقول "فاوغان" إن ذلك قد حدث بينما كان الناس لا يزالون يتعافون من آثار القحط الذي كان قد ضرب هذه المنطقة قبل ذلك بسنتين والذي انتهى بسقوط الأمطار بمعدلات كافية عام 2009. ويشار أن اللاجئين يضطرون للانتقال سيراً على الأقدام لعدة أيام قبل الوصول إلى معسكرات اللجوء، وخلال هذه الرحلة الشاقة يتعرضون، وخصوصاً الأطفال والعجائز، للموت بسبب الجوع والعطش أو الهجمات. والشيء الذي يبعث على الأسى أن هناك أنباء عن لاجئين يضطرون لترك أطفالهم في الغابات لأنهم لا يستطيعون مواصلة الرحلة حتى النهاية، وإن كان لم يتم التحقق من صحة هذه الأنباء حتى الآن. ومن المعروف أن معظم الصوماليين يشتغلون بالرعي وينتقلون وراء ماشيتهم من مكان إلى آخر بحثاً عن الكلأ والمرعى، وهو ما يضطرهم أحياناً للمغامرة بدخول الأراضي الإثيوبية والكينية. لكن القتال الدائر في الصومال وتشديد الإجراءات الأمنية على حدود الدولتين والنزاع على الأراضي بينهما وبين الصومال، أدى في مجمله إلى تغيير أنماط الهجرة لدى السكان الصوماليين. يقول" فوغان": لم يعد أمامهم سوى خيارات قليلة... وبالتأكيد ليس هناك حل واحد سهل، فالحل النهائي في رأيي هو إحلال السلام في الصومال، وهذا شيء خارج نطاق سيطرتنا". ينشر بترتيب خاص مع خدمة "أم سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©