الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«نابوليتانو» وسراب الأمن الوطني الأميركي

13 أكتوبر 2010 21:13
أطلقت جانيت نابوليتانو، وزيرة الأمن الوطني، حملة توعية واسعة للجمهور، تهدف إلى حث ركاب المترو على أن يكونوا أكثر يقظة أمنية. وتعتبر هذه الحملة جزءاً من الشعار الذي تروج له وزارتها "إن رأيت شيئاً قل شيئاً". والمقصود بهذا الشعار الذي تبثه الوزارة على نطاق واسع وبمختلف وسائل البث المتاحة، هو أنه إذا ما رأى أحد شيئاً مثيراً للاشتباه، فإن عليه إبلاغ السلطات المحلية عنه تفاديّاً للخطر. وقد تم تعميم هذا الشعار في جميع عربات المترو منذ وقت مبكر من تولي نابوليتانو لمنصبها الوزاري المختص بحماية الأمن الوطني. فركاب المترو مطالبون بأن يبلغوا شرطته أو أيّاً من الموظفين العاملين فيه عن طريق الاتصال برقم هاتفي مكتوب بخط عريض في جميع العربات والمحطات بلا استثناء. وربما تنجح هذه الشعارات وتؤدي دورها على أحسن ما يكون في أمن المترو، غير أنها يمكن أن تكون أيضاً خادعة وغير فعالة في مجالات أمنية أخرى. فقد كتب زميلنا "جيف شتاين" في مدونته الإلكترونية مؤخراً عن إخفاق قاض متقاعد في إبلاغ السلطات الأمنية عن حقيبة مهملة رآها في ميدان "جاكسون سكوير" التاريخي الشهير في نيوأورليانز، على رغم محاولته الاتصال الهاتفي بالسلطات مرات عديدة. وكان ذلك القاضي الذي اعتاد على زيارة المنطقة التي يقع فيها الميدان، يشاهد عرض فيديو مباشراً للميدان في منزله، فلفتت انتباهه في التاسعة والنصف صباحاً حقيبة مهملة. ومرت ساعة كاملة على الحقيبة وهي لا تزال في مكانها دون أن يأخذها أحد. فبادر بالاتصال بهاتف شرطة المدينة على الفور، ولكن تم تحويله هاتفيّاً إلى خدمة الشكاوى، وظل منتظراً لفترة طويلة على الخط دون أن يرفع السماعة أحد من موظفي الخدمة. ولم يتوقف القاضي عن المحاولة، بل بادر بالاتصال بالرقم الرئيسي لوزارة الأمن الوطني في واشنطن. وبعد أن استمع إليه أحد هناك وسمح له بوصف ما ينبّه عليه، تمت إحالته هاتفيّاً كذلك إلى رقم آخر لم يجبه عليه أحد. كما تكرر الأمر نفسه عندما حاول الاتصال بمكتب التحقيقات الفيدرالي بمدينة نيوأورليانز حوالي الساعة العاشرة والنصف صباحاً. وأخيراً اتصل به مسؤول من المكتب المذكور عند حوالي الساعة الثانية والنصف ظهراً واعتذر له عن التأخير في معاودة الاتصال به هاتفيّاً. ولكن المشكلة أن شخصاً ما أخذ الحقيبة من الموضع الذي كانت به، ولم يبق لها أثر ولا وجود هناك. وبذلك فقد ضاع الهدف كله من محاولة الاتصال بالسلطات الأمنية للتنبيه إلى خطر أمني محتمل! وفي شهر يونيو الماضي، عند زيارة ميدفيديف لواشنطن، اختار أوباما أن يدعوه إلى مأدبة تعارف غير رسمية في أحد مطاعم "هل برجر" في "أرلينجتون". وعلى ذات الشاكلة من الاسترخاء الأمني أرادت مجموعة من كبار مسؤولي وزارة الخارجية التعاطي مع زملائها الصينيين قبل بضعة شهور مضت، ففضل الدبلوماسيون الأميركيون أن يكون اللقاء في مكان يوفر بيئة أكثر ملاءمة لجلسة أرادوا لها أن تكون وديّة ومثمرة مع الصينيين. وكان "مطعم لتل واشنطن" الواقع في سفح جبال "بلو ريدج" البيئة الأكثر ملاءمة للقاء، مع العلم بأن فاتورة عشاء شخصين هناك تكلف حوالي 600 دولار. وكان واضحاً أن المطعم المذكور لم يختر لاستثنائية وجودة مذاق الأطعمة التي يقدمها للجمهور، وإنما لكونه يمثل بيئة ملائمة لإدارة حوار غير رسمي مع الصينيين حول عدد من القضايا الرئيسية التي تهم البلدين، على حد قول "بي.جي. كراولي" في رسالة إلكترونية له. ولم يكن القصد هو التفاوض مع الصينيين، وإنما مجرد "الدردشة" في مجموعة من القضايا الحيوية في جو حر طليق يسمح بذلك. ولكن العيب في ذلك اللقاء أنه لم يكن محوطاً بإجراءات أمنية لابد منها عادة لكبار الشخصيات الدبلوماسية المشاركة. فقد كان يقود الوفد الأميركي جيم شتاينبرج، نائب وزير الخارجية. وكان أيضاً من بين أعضاء الوفد كل من مساعد الوزير للشؤون الاقتصادية، بوب هورماتس، والمستشار الخاص لشؤون التحكم في الأسلحة، بوب إينهورن، فضلاً عن مشاركة مساعد الوزير لشؤون شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، كورت كامبل، وكبير مديري القسم الآسيوي بمجلس الأمن الوطني، جيف بادر. أما الوفد الصيني فقد كان بقيادة نائب وزير الخارجية "سيوي تيانكاي" الذي يتولى مسؤولية الملف الأميركي في بكين. هذا ولم يقل كراولي ولو كلمة واحدة عن "الأجواء" التي تم فيها اللقاء، ولا تكلفة ذلك العشاء الذي لاشك أن فاتورته كانت باهظة جدّاً. وكل ما قاله هو التعبير عن سروره بالنتائج التي توصل إليها اللقاء، وأهمها الاتفاق على ترتيب مفاوضات رسمية بين الجانبين الأميركي والصيني. ومما قاله كراولي في هذا الصدد: "إذا ما تمكنا من إجراء تفاوض رسمي مع الصينيين بهذا المستوى من النجاح حول أسعار العملة خلال الشهور القليلة المقبلة، فسنكون سعداء جداً. وهكذا فإن شعار نابوليتانو القائل: "إن رأيت شيئاً فقل شيئاً" لا يبدو أنه يصلح للتبليغ عن الكثير من الحالات والأشياء التي نراها كمهددات أمنية! آل كامين محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©