الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: العدوان على الكنائس والمعابد.. ظلم عظيم

العلماء: العدوان على الكنائس والمعابد.. ظلم عظيم
30 ديسمبر 2016 00:25
أحمد مراد (القاهرة) أكد علماء في الأزهر أن الإسلام يكفل لأهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين يعيشون في المجتمعات الإسلامية الحقوق كافة التي تجعلهم آمنين على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم ومعابدهم، وقد سمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية بحرية واطمئنان، الأمر الذي يُعرف في العصر الحديث بمبدأ المواطنة، الذي رسخه الإسلام منذ 14 قرناً. وأشار العلماء إلى أن الإسلام حرص عبر عصوره على القيام بما يحتاج إليه أهل الكتاب وما يحتاج إليه الفقراء منهم، حيث ربى أتباعه على التسامح وعلى رعاية حقوق الناس وعلى الرحمة بجميع البشر مهماً اختلفت عقائدهم وأجناسهم. دستور المدينة أوضح د. علي جمعة، مفتي مصر السابق، أن تسامح الإسلام مع غير المسلمين، ودعوته إلى التعايش السلمي معهم تظهر بوضوح عندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، حيث وجد فيها عقائد مختلفة وقبائل شتى‏‏ تشكلت بعد استقراره إلى ثلاث فئات هم‏: ‏المسـلمون‏ ‏واليهود‏ والعرب المشركون‏ ويتألف المسلمون من المهاجرين والأنصار الذين يتألفون بدورهم من الأوس والخزرج‏‏ وهو ما يمثل نسيجا غريبا ومخالفا لتقاليد العرب وأعرافهم في ذلك الوقت في الجزيرة العربية، وفي ظل ذلك التنوع أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يؤسس دولة قوية يسودها السلام والتعاون والمشاركة بين جميع أطيافها على مختلف مشاربهم، ومن هنا جاءت وثيقة المدينة كأول دستور للدولة المدنية في العالم ‏يحدد ملامح دولة الإسلام الجديدة‏ ‏ولا يفرق بين مواطنيها من حيث الدين أو العرق أو الجنس‏ وشددت الوثيقة على سيادة روح المساواة والعدل والتعاون والتعايش السلمي بين كافة فئات مجتمع المدينة. وأضاف د.جمعة: ويعد مبدأ العدالة من أبرز أسس وثيقة المدينة ‏وتمثلت في توافق الحقوق والواجبات وتناسقها‏ ‏إذ تضمنت حقوق الأفراد جميعا في ممارسة الشعائر الدينية الخاصة‏ ‏وحقوقهم في الأمن والحرية وصون أنفسهم وأموالهم وأعراضهم ودور عبادتهم‏،‏ كما حرصت على تحقيق الأمن الجماعي والتعايش السلمي بين جميع مواطني المدينة‏ حيث قال صلى الله عليه وسلم‏: «من خرج آمن‏‏ ومن قعد آمن بالمدينة‏ ‏إلا من ظلم وأثم‏ وأن الله جار لمن بر واتقي‏» ‏كما حفظ الرسول صلى الله عليه وسلم حق الجار في الأمن والحفاظ عليه كالمحافظة على النفس‏ ‏حيث قال‏: «‏وأن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم‏». وأشار د. جمعة إلى أن الوثيقة تكفلت بضمان حرية الاعتقاد والتعبد لكل الفئات‏ وضمان المساواة التامة لمواطني دولة المدينة في المشاركة الفاعلة في مجالات الحياة المختلفة‏ ‏تحقيقا لمبدأ أصيل تقوم عليه الدول الحديثة في عالم اليوم‏ ‏وهو مبدأ المواطنة الكاملة‏ ‏والذي لم يكن جليا حيئذ‏ إلا أن دستور المدينة الذي وضعه النبي صلى الله عليه وسلم ضمن هذا الحق لكل ساكنيها‏ ‏في وقت لم يكن العالم يعي معنى كلمة الوطن بالتزاماته وواجباته‏.‏ وتابع: وتعتبر وثيقة المدينة أول دستور ينظم العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين‏ ‏حيث اعتمد الرسول صلى الله عليه وسلم في الوثيقة مبدأ المواطنة‏ فوضعت فيها الحقوق والواجبات على أساس المواطنة الكاملة التي يتساوى فيها المسلمون مع غيرهم من ساكني المدينة المنورة ومن حولها‏، وفي ظل التنوع الديموغرافي الذي ساد المدينة حينذاك‏ كان اليهود أبرز هذه الفئات‏، ‏ولذا فقد ذكرهم الرسول في أكثر من بند من هذه الوثيقة‏ ‏حيث أكد فيها‏: «وإنه من تبعنا من يهود‏ ‏فإن له النصر والأسوة غير مظلومين‏ ‏ولا متناصر عليهم‏»، وفي هذا الدستور الحقوقي الأول من نوعه في التاريخ نرى أن الإسلام قد عد الآخرين ‏-‏خاصة أهل الكتاب الذين يعيشون في أرجائه‏-‏ مواطنين‏ ‏ وأنهم أمة مع المؤمنين‏ ‏ما داموا قائمين بالواجبات المترتبة عليهم‏ فاختلاف الدين ليس سببا للحرمان من مبدأ المواطنة، ‏وإذا كانت تلك الوثيقة تدعو لهذه القيم الرفيعة مع أهل الكتاب من اليهود‏ ‏ فكيف الظن بمن أوصانا الله تعالى بهم في قوله‏: «ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون‏». وقال: ومن هنا يأتي رفض الإسلام القاطع للعدوان على دور العبادة الخاصة بالأديان الأخرى، ويعتبر ذلك من الأمور المحرمة، حيث أن رسول الله صلى عليه وسلم اعتبر ذلك العمل بمثابة التعدي على ذمة الله ورسوله، وأنه «خصيم» من يفعل ذلك يوم القيامة وأن من قتل معاهدا له ذمة الله وذمة رسوله حرم عليه ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا. رعاية المعابد والكنائس وأكد د. أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، أن الإسلام يقف من غير المسلمين في رعايتهم موقف الأمان، بل إنه لم ينه عن البر بهم ماداموا لم يقاتلوا المسلمين، وإنما ينهى عن البر بالذين قاتلوا المسلمين في دينهم وأخرجوهم من ديارهم وظاهروا على إخراجهم، بل إن القرآن الكريم نهى عن مجادلة أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن فقال الله سبحانه: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ...)، «سورة العنكبوت: الآية 46». وقال د. عمر هاشم: ومن رعاية الإسلام لحقوق غير المسلمين رعايته لمعابدهم وكنائسهم ومن محافظته عليها ما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما حان وقت الصلاة وهو في كنيسة القيامة، فطلب البطريرك من عمر أن يصلي بها وهمّ أن يفعل ثم اعتذر، وأوضح أنه يخشى أن يصلي بالكنيسة، فيأتي المسلمون بعد ذلك، ويأخذونها من النصارى على زعم أنها مسجد لهم، ويقولون: هنا صلى عمر، ولم تتوقف معاملة المسلمين لغير المسلمين عند حد المحافظة على أموالهم وحقوقهم، بل حرص الإسلام على القيام بما يحتاج إليه أهل الكتاب وما يحتاج إليه الفقراء منهم، ومثل هذه المعاملة من المسلمين لغير المسلمين تطلع العالم أجمع على أن الإسلام ربى أتباعه على التسامح وعلى رعاية حقوق الناس وعلى الرحمة بجميع البشر مهما اختلفت عقائدهم وأجناسهم. التعايش السلمي وأوضح د. محمود حمدي زقزوق، وزير الأوقاف المصري الأسبق، أن الإسلام آخر حلقة في سلسلة الرسالات الإلهية للبشر،‏ ‏وهذا يعني الاعتراف بكل الرسل والأنبياء السابقين، وما أنزل عليهم من كتب سماوية‏، ويصور النبي، عليه الصلاة والسلام، علاقته بالأنبياء السابقين تصويراً رائعاً، حين يقول‏:‏ «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً، فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية فيه،‏ فكان الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون‏:‏ هلا وضعت هذه اللبنة،‏ قال فأنا هذه اللبنة وأنا خاتم النبيين‏»، ومن هنا لا يكتمل إيمان المسلم إلا إذا آمن بالرسالات السماوية جميعها لقوله تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ...)، «سورة البقرة: الآية 285». وتابع د. زقزوق: ليس هناك مجال في تعاليم الإسلام للتعصب ضد أي دين من الأديان السماوية‏، وهذا الموقف يفتح الباب واسعاً للتعايش السلمي بين المسلمين واليهود والنصارى، ويؤدي إلى التعاون المثمر بين البشر جميعاً من أجل التنافس في الخير، كما يحثنا القرآن الكريم على ذلك في قوله‏:‏ (... فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً...)، «سورة المائدة: الآية 48»، ومن التعاليم القرآنية أنه لا يجوز لنا أن نصدر أحكاماً بالكفر على هذا أو ذاك من الأفراد والجماعات‏ وينبه القرآن الكريم إلى أن الله وحده هو الذي يفصل بين الناس يوم القيامة‏.‏ وأكد د. زقزوق أن الحكم على الآخرين ينبغي أن يترك أمره لله وحده خالق كل البشر‏ الذي يعلم ما نخفي وما نعلن‏‏. حرية الاعتقاد أشار د. علي جمعة إلى أن وثيقة المدينة تكفلت بضمان حرية الاعتقاد والتعبد لكل الفئات‏ وضمان المساواة التامة لمواطني دولة المدينة في المشاركة الفاعلة بمجالات الحياة المختلفة‏ ‏تحقيقاً لمبدأ أصيل تقوم عليه الدول الحديثة في عالم اليوم‏، ‏وهو مبدأ المواطنة الكاملة‏، ‏والذي لم يكن جلياً حينئذٍ‏ إلا أن دستور المدينة الذي وضعه النبي، صلى الله عليه وسلم، ضمن هذا الحق لكل ساكنيها‏ ‏بوقت لم يكن العالم يعي معنى كلمة الوطن بالتزاماته وواجباته‏.‏
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©