الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

علي العبدان: ليس لدينا حركة نقدية تشكيلية جادة

علي العبدان: ليس لدينا حركة نقدية تشكيلية جادة
2 أغسطس 2014 23:25
شهد العقد الأول من القرن الواحد والعشرين تبلور معظم الشعارات والمفاهيم التي طرحتها التجربة التشكيلية على الساحة الثقافية والاجتماعية الإماراتية، كما شهد أيضاً ظهور العديد من الفنانين ممن يمكن اعتبارهم أبناء لهذه المفاهيم، فكان طبيعياً أن يتوجه معظمهم نحو صياغة أفكاره من خلال ما بدأه الجيل السابق من اتجاهات رئيسية. استطاع الفنان علي العبدان، لما له من دور مهم في حركة الثقافة الإماراتية عامة والفنون التشكيلية خاصة، أن يرصد الأعمال الفنية الإماراتية ويتناولها بالبحث والدراسة والنقد والتحليل في إصداره «القرن الجديد. . اتجاهات الفنون التشكيلية في الإمارات بعد العام 2000». «الاتحاد» التقت الفنان علي العبدان للإطلاع على تجربته الفنية، وما قدمه من دراسات نقدية مقارنة. تحدث العبدان عن الحركة النقدية لاتجاهات الفن التشكيلي في الإمارات قائلاً: «لقد سبق الفن التشكيلي في الإمارات -بالرغم من حداثة نشأته- إلى العديد من المحطات المعاصرة، وتمحورت في ضمنه اتجاهات فنية وفكرية؛ مختلفة ومتعددة، واليوم تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة مسيرة تنمية شاملة، والواقع يشهد على احتلال الثقافة والفنون موقع الصدارة في تلك التنمية، فها هي المشاريع الثقافية والفنية والمتاحف والمسارح والمعارض والجوائز والصالات الفنية التي لا تعدّ، ولا حاجة بنا إلى ذكر مزيد من الشواهد على اهتمام الدولة بهذا المنحى. مع ذلك لم تكن هنالك حركة نقدية وطنية جادة، تحلل تلك الاتجاهات الفنية، وتقرّبها من مظان التفاعل الاجتماعي، وترفع من قيمة المنجز الفني الوطني باللغة النقدية الراقية. ويقول العبدان: الحركة الفنية المحلية تشكو قلة الحظ من الكتابات النقدية الجادة، فليس هنالك من نقدٍ مواز للحركة يمكنه تعريف المجتمع المحلي بها، بل ليس ثمة نقد هادف؛ يُتيح للمجتمع الاستفادة من الاقتراح الجمالي والإبداع الذي يقدمه الفنان الإماراتي. وفي هذا السياق ينبغي الانتباه بشكل خاص إلى الاستسهال والفوضى الحاصلين في الكتابة عن الفن التشكيلي في الساحة المحلية. إن البعض لا يجد أي حرج في تسطير الكلام الأدبي الذي يشبه شِعر النثر أو نثر الشعر في شرح الأعمال الفنية ليُسمّيَ ذلك نقدا، وأصبحنا نقرأ كلاما كتبه ناقد -أو شبه ناقد- يصلح لعشرات اللوحات التجريدية التعبيرية (expressionism Abstract) لعشرات الفنانين، وهو بالفعل ينقله بينهم حين يكتب عنهم؛ عاملاً بالمبدأ القاضي بمراعاة ما خفّ حمله وأمكن تلفيقه ونقله من النقد، وها هو (صحفي ناقد) يتحدث عن أعمال من الفن التقليلي (Minimalism)فيُلصق بها دلالات جمالية، مع أنها في الأصل أنتجت لتكون لا جمالية بالمعنى التشكيلي، وهذا آخر يتوهم الرمز الدّال على معنى في اللوحة التجريدية الخالصة؛ جاهلا بمعنى اللوحة الصافية (Pure abstract)التي تتكون علاقاتها؛ لا من رموزها، حيث لا رموزَ؛ بل من علاقاتها الشكلية أو اللونية المجرّدة. بلا شك هذا لا ينفي وجود بعض النقاد والصحفيين الجيدين في كتابتهم؛ لكنهم مغمورون في ظلّ العامّة ممّن ذكرنا آنفاً، كما أننا وجدنا بعض الكتابات الجادّة والمستمرّة التي أفادت الساحة المحلية في فترة من الزمن، وأعني بالخصوص هنا كتابات الفنان الكبير حسن شريف». وقدم العبدان تقييماً لما شاهدته الساحة من إصدارات نقدية قائلاً: «بمناسبة الكتب النقدية؛ هناك عددٌ لا بأس به منها حول حركة الفن في الإمارات؛ لا يكاد القارئ المستبصر يخرج منه بفائدة، وليس لتلك الكتب نتيجة عَملية في الساحة، وإنما الغرض منها محاولة إثبات أن كتابها نقاد رُغما عن الأنوف، فهي مليئة بالمصطلحات النخبوية والمفردات الصعبة، والكثير من الصِّلات والموصولات والجمل غير المترابطة مما يُشتت القارئ، بالإضافة إلى سوء التوصيف الفني للأعمال، والسمة الرئيسة في تلك الكتب هي استطالة الكلام الإنشائي حول الفنان وأعماله، فليس ثمة نقد مباشر؛ يُركز على مزايا الأعمال الفنية، ويُوصل المتلقي إلى النقطة المفيدة في البحث. وأشار العبدان إلى أن كتابه «القرن الجديد» يأتي في محاولة ابتدائية للنهوض بمجال النقد في ساحة الفن التشكيلي والإبداع البصري في الإمارات، وقال: هذا الكتاب مخصّصٌ لبحث الاتجاهات الفنية المختلفة التي ميّزت حركة الفن في الإمارات في فترة ما بعد العام 2000 الميلادي، ومع ذلك ذكرتُ بعض الأحداث والخلفيات الماضية التي أثرت في حاضر الحركة. وعن الكتابة عن تجربته بالإضافة الى الفنانين الآخرين قال العبدان: قد لا يكون من اللائق أن يكتب الناقد عن أعماله الفنية الشخصية ضمن كتاب نقدي عام، إلا أن مسيرتي الفنية كانت قد أثارت بعض الجدل منذ نهاية الثمانينيات؛ حيث كنت مهتمّا بالبحث الفكري في الفن ممّا سهل لي الحصول على إجابات حول الخروج من المألوف في إنتاج الأعمال، فكان أن أنتجتُ أعمالا خارجة عن نطاق اللوحة والمنحوتة، قيل إنها من الفن المفاهيمي، وإني تأثرت بالفنان حسن شريف في إنتاجها. أما الآن فقد عدتُ إلى إنتاج اللوحة من أجل مشروع فني خاص، وهذا ما جعل البعض يتساءل عن سبب هذا التحوّل أو التراجع، أو ربما التقدم، لهذا أردت أن أذكر في الفصل الخاص بي سببَ تركي لإنتاج ما يُسمّى بالفن الجديد وعودتي إلى إنتاج اللوحة، والميزةَ التي أجدها في أعمالي الجديدة. وتابع العبدان: أردت أن يكون معنى النقد في هذا الكتاب الموازنة بين قصد الفنان في عمله الفني والتقنية التي استخدمها لإنتاجه، أو بحث مدى ملاءَمة التقنية المختارة للتعبير عن قصد الفنان، بالإضافة إلى بحث المنهج الفكري أو الفلسفي الذي يطرحه الفنان من خلال أعماله ما أمكن، كما أن طريقة الكتابة النقدية في هذا الكتاب فيها نسبة من المقارنة بطريقة النقد الغربي، ففي الساحة المحلية انطلق الفن غربيّ التوجه في أساليب إنتاجه، كما أن لغة النقد السائدة تراعي ذلك أيضا، فكان لابد من الطريقة المذكورة، ولعلّ الغاية -هنا- تسوِّغ الوسيلة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©