السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في أدب الرحلات

3 أغسطس 2014 00:20
من خلال قراءاتي، يشدني كثيراً بما أُطْلِقَ عليه بـ(أدب الرحلات) هذا الفرع من الأدب في الحقيقة بدأ مبكراً، بحيث عرفه أدبنا العربي، من خلال كتابات الرحالة العرب القدماء أمثال: ابن بطوطة الرحالة المشهور، صاحب كتاب: (تحفة الأنظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار). والشريف الإدريسي أحد أكبر الجغرافيين في التاريخ. وغيرهما من الرحالة العرب الأوائل الذين خاضوا تجربة الترحال بين الأقطار العربية، وكتبوا مؤلفات قيمة عن رحلاتهم ومشاهداتهم وانطباعاتهم. شخصياً عندما أقرأ في أدب الرحلات، أشعر بالمتعة، لأن في هذه القراءة أعايش تفاصيل تجارب إنسانية رائعة، فيها من الثراء المعرفي، فتلك التفاصيل، تُشعرك وكأنك تعيش في ذلك العالم الثري بكنوز المعرفة. أدب الرحلات لا يُعطيك انطباعاً عن مظاهر الحياة بالماضي وحسب، بل هو يؤرخ عن تلك المظاهر، التي عايشتها المجتمعات البشرية بالماضي القريب والبعيد. فهذا الأدب يمنحنا ويعطينا صورة تاريخية عن الثقافة والعلوم، وعن جغرافيا الأقاليم، إضافة إلى أدق التفاصيل في مظاهر الحياة الاجتماعية للأمم والشعوب. عبر القرون الماضية، وخاصة القرن التاسع عشر كثرت، بل وازدهرت كتابات أدب الرحلات وبصفة خاصة، من قِبَلْ الكتاب والرحالة الأجانب، وخاصة الأوروبيين، والذين قاموا برحلات متعددة الأهداف، إلى الأقطار العربية بوجه الخصوص. هؤلاء الرحالة، جاءوا بهدف الاستكشاف والدراسة، أو ممارسة النشاط التبشيري، أو حتى لمجرد المغامرة في اكتشاف عالم المجهول في جغرافيا الأرض العربية بصحرائها الشاسعة، وجبالها الراسية الشامخة، وبحارها الطويلة العميقة. الأرض العربية عبر التاريخ الطويل، تبقى دائماً محط أنظار العالم، فهي بكنوزها الطبيعية، مصدر إلهام للباحثين عن الثروات، وعن اكتشاف كل ما هو غريب وعجيب في عالم الطبيعة، والآثار التاريخية والثقافية. لذلك لا عجب أن نرى الرحالة الغربيين كانوا يتسابقون في رحلاتهم إلى مختلف البقاع العربية، من المحيط إلى الخليج العربي على شكل انفرادي أو جماعي. ومن خلال تلك الرحلات ألفوا الكتب العديدة التي أثرت حقيقة المكتبة العربية والعالمية بمصنفات لها قيمتها التاريخية والثقافية. في تلك الكتابات الغربية، نجد منها المنصف، الذي عبر عن مظاهر وواقع الحياة العربية بالماضي، فحياة الصحراء والبادية، ومظاهر الحياة في المدن والحواضر العربية أشاروا إليها في كتاباتهم بشكل متفاوت. كما نجد من تلك الكتابات ما هو مجرد انطباعات سريعة سردها بعض الرحالة خلال رحلاتهم القصيرة، فبعض هؤلاء الرحالة، لم يلبثوا من الوقت الكافي، لذلك جاءت كتاباتهم مجرد انطباعات شخصية من خلال مشاهدات سريعة. من مبدأ المسؤولية التاريخية والثقافية، لإظهار الصورة الحقيقية، لتاريخنا الثقافي، علينا كأبناء هذه الأمة أن نعيد قراءة هذا التاريخ الحضاري، وأن نصحح بعض المفاهيم والانطباعات التي نرى فيها من السلبيات، التي دونها بعض أولئك الرحالة. ونحن بحاجة إلى إنشاء دراسات متخصصة في أدب الرحلات، وهي موجودة في مؤسساتنا الجامعية، ولكنها بحاجة للمزيد من الدعم، فهذه الدراسات يمكنها أن تقوم بدور فعال في تمحيص وتحقيق الكثير من الكتابات التي تُعنى بأدب الرحلات. همسة قصيرة: على أبناء الأمة أن يكـتشفوا كنوز أوطانهم. صالح بن سالم اليعربي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©